حديث شيق للولي ولد محمودا وبدنه ولد سيدي ومحمد المختار ولد اباه وشيخ حسني
ساعةُ آخرِ جمعةٍ من رمضان مع الوليِّ محمذن بن محمودن..
التاريخ : السبت 30 ابريل 2022م
هممْتُ – ولمّا أبلغ الحلم – أن أقرأ الفقه على شيخ الشيوخ العلامة محمد عالي بن محنض الأبهمي (ت 1970) في محظرته العامرة في ابير التورس فردّني بحجة عدم البلوغ آنذاك وكان من صغار تلامذته ساعتئذ القرينان : الشريف الشيخ بن حمَّ الصعيدي والوليّ محمذن بن محمودن ..وبعد وفاة العلامة محمد عالي خلفه في التدريس المحظري تلميذه وشيخنا العلامة گرَّايْ بن أحمد يوره وكان يزاوج بين التدريس في المدرسة والمحظرة .. ومن هنا أتيحتْ لي فرصة مزدوجة بالأخذ عنه على مقاعد الدراسة و ضمن الطلاب المبتدئين في المحظرة.. وكان القرينان الشيخ ومحمذن هذه المرة أيضا من كبار طلاب گرَّايْ في المحظرة.وبموجب ذلك كانا يحظيان من حين لآخر بتدريس أمثالي من المبتدئين .. ومن هنا تعرفتُ على محمذن المدرس بعد أن عرفته طالبا في المحظرة القرآنية للقارئ العجيب المرحوم محمدن بن والدْ حفيد امحمدْ بن والد شيخ العلامة امحمد بن أحمد يوره في القرآن..وفي هذه المحظرة برع محمذن في القرآن وتجويده .. وتعرفت كذلك على الوليّ محمذن هنا وهنالك في محيط الحي في كل مناسبة وبدون مناسبة أيامَ لم يكن فارق السن حاجزا يرسم الحواجز الكثيفة بين الشباب من أبناء الحيّ الواحد إلى حد معين..هكذا إذن عرفت الوليّ محمذن بن محمودن عفويا في حياة والده الوليّ المختار بن محمودن الذي كنت أجد نفسي من حين لآخر ضمن زواره الكثيرين من الكبار والصغار المقيمين والوافدين ، فنسمع من طريف حكاياته ونتعرض لصالح دعواته وننالَ من وافر أعطياته.
عرفت الولي محمذن بعد ذلك منسقا لشباب الحيّ يحتضن اجتماعاته وينعش ندواته .. وفي تلك الأثناء وخلال شهر رمضان المبارك تفضل عليَّ جزاه الله عني كل خير ووقاه كل ضير بدروس منتظمة خاصة اقتصرت على ثلاثة متون : نظم ابن عاشر ، وطرة جدتنا غديجه بنت محمد العاقل في المنطق و كناش في النحو ضمنه هو وقرينه الشيخ بن حمّ الصعيدي محصلة دراستهما لألفية ابن مالك على شيخيهما الجليلين محمد عالي و گرَّايْ..وعلمت أن هذا الكناش قد ضاع للأسف الشديد ..وخلال تلك الدورة التكوينية المكثفة اتبع في تدريسي منهجية خاصة إذ أصبح يُلزمني في بداية كل درس بإحضار ملخص مكتوب عن الدرس السابق ..فأنا إذن مَدين له بخير كثيير ..ذكرت بعضه وأعرضت عن بعض ..
انضمّ الولي محمذن بن محمودن يوم 27 ابريل 2021م إلى المجموعة الثقافية اللامعة في الواتساب التي تحمل اسم ” السلطة الرابعة ” ويديرها أخونا الأستاذ سيدي محمد بن متالي .. وما إن أعلن عن ذلك الانضمام المفاجئ حتى انهال عليه الترحيب بالشيخ الولي من كل حدب وصوب .. وفي ذلك السياق جاءت مساهمتي على النحو التالي مراعاة لبعض الضوابط الاجتماعية :
كيف الناسْ اتمرحيبْ أَجْنَاسْ
بالناسْ ؤ ذَ گاعْ ابلاَ باسْ
أعلَ بعض الناسْ ابْ لِمْلاَسْ
عيْبْ اتمرحيبْ ألاهْ أديبْ
ابْ بعض الناس ؤ منُّ عاسْ
واعلَ بعض الناس ألِّ عيْبْ
ؤ الْ ماهْ أديب ابْ بعضْ الناسْ
ألاَّ گلّتْ گاعْ اتمرحيبْ
ؤ لعْدنْ يكصرْ لِ حدْ إلاهْ
شِ يِتْفكَّدْ ذاكْ اتعاگيبْ
فتمرحيبْ ؤ يفهمْ معناهْ
ؤلاهُ گاعْ ابعيدْ .. اگريِّيبْ !
التقيتُ الوليّ محمذن بن محمودن صدفةً ابّان صلاة العصر يوم أمس الجمعة الأخيرة من رمضان في مسجد الشيخ عليّ الرضا الصعيدي في تفرغ زينه فصحبته إلى مكان ما من تفرغ زينه حيث بقينا حتى قبيل المغرب ..
وهنالك بشرني بأنّ جهوده هو وزملاؤه الفقهاء المحاورون للإخوة السلفيين في السجن المدني طوال الأيام الثلاثة الماضية قد تكللتْ بالنجاح والحمد لله دون أن يخوض في التفاصيل.. أتحفني الولي محمذن كذلك بجواهر نفيسة من نوادره في القرآن الكريم وجاء في هذا المجال بالعجب العُجاب ..
وبالمناسبة ذكرتُ له أنني قلت مرة لأستاذنا الدكتور محمد المختار بن اپَاه إن الشيخ التراد بن العباس ينصح مريديه بذكر يتألف من 17 من آية الكرسي بعد صلاة العصر و مرة واحدة عند النوم .. وأن الدكتور محمد المختار قال لي إن السر في العدد لعله أن آية الكرسي تتضمن 17 من أسماء الله الحسنى ما بين اسم ظاهر و ضمير ظاهر ومستتر ! و أنه عزّ علي وعلى كثيرين غيري تجاوز 16 في التعداد.. قال لي بداهة بالحسانية : انتومَ بعد گاعْ اشوسيتُ مع الضمير الّ اف أيديهم وخلفهم .. ما اعرفتُ راجع اعل آش ؟ فانتبهتُ إلى الإشكال ! فنبهني إلى ما ورد في بعض التفاسير من أن [ضمير { أيديهم } و { خلفهم } عائد إلى { ما في السماوات وما في الأرض } بِتغليب العقلاء من المخلوقات لأنّ المراد بما بين أيديهم وما خلفهم ما يشمل أحوال غير العقلاء ، أو هو عائد على خصوص العقلاء من عموم ما في السموات وما في الأرض فيكون المراد ما يختصّ بأحوال البشر وهو البعض ، لضمير ولا يحيطون لأنّ العلم من أحوال العقلاء ].
ثم زودني بخصوص العدد بالنبذة المقتضبة التالية :
[آية الكرسي تضمنت 17 صفة واسم من اسماء الله الحسنى ، نختصرها كالتالي :
الظاهرة المصرح بها مثل : الله ، الحي ، القيوم ، العلي ، العظيم .
الضمائر المشيرة إلى عظمته سبحانه، وهي :
1. ضمائر ظاهرة مثل: هو ، في(لا إله إلا هو) ، و(هو العلي العظيم ).
والهاء في : لا تأخذه ، لـه ما في ، يشفع عنده ، إلا بإذنـه ، ولا يحيطون بشيء من علمـه ، وسع كرسيـه ، ولا يؤوده .
2. الضمائر المضمرة كما في ضمير : ( يعلم ) أي الله يعلم ، ( بما شاء ) أي الله بما شاء .
وأضافوا ضمير في: حفظهم أي الحافظ لهم الله كما كان لا يثقله ولا يؤوده.
الصفات الإيجابية فهي : الله الحي القيوم ، العلي العظيم ، ومن الضمائر (حسب الإضافة) : هو جاءت مرتان .
الصفات السلبية التنزيهية : يتقدس عنها سبحانه وهي : لا تأخذه سنة ولا نوم ، و من ذا الذي يشفع عنده إلا بعلمه ، ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ، ولا يؤوده ، حفظهم.
أسماء وصفات ذاتية مثل : الله ، الحي القيوم ، العلي العظيم ، والضمائر (حسب إشارتها ) لعلمه .
صفات فعليه : تشير لها ضمائر بالخصوص : له ما في السماوات والأرض ، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ،
ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ، أو لا يؤده حفظهما] . انتهى.
قلت : جاء في تفسير ابن عاشور: [ وقوله : { الحي } خبر لمبتدأ محذوف ، و { القيّوم } خبر ثان لذلك المبتدإ المحذوف ، والمقصودُ إثبات الحياة وإبطالُ استحقاق آلهة المشركين وصف الإلهية لانتفاء الحياة ، عنهم كما قال إبراهيم عليه السلام { يا أبت لِمَ تعبدُ ما لا يسمع ولا يبصر } [ مريم : 42 ] وفُصِلت هذه الجملة عن التي قبلها للدلالة على استقلالها لأنّها لو عطفت لكانت كالتبع ، وظاهر كلام الكشاف أنّ هذه الجملة مبيّنة لما تضمّنته جملة { الله لا إله إلا هو } من أنّه القائم بتدبير الخلق ، أي لأنّ اختصاصه بالإلهية يقتضي أن لا مدبّر غيره ، فلذلك فصلت خلافاً لما قرر به التفتازاني كلامَه فإنّه غير ملائم لعبارته].قلت إذن : هلاَّ كان الرقم السابع عشر الذي نتلمسه من خلال آية الكرسيّ إذن هو هذا المبتدأ المحذوف الذي له خبران هما الحيّ و القيوم ؟ والله تعالى أعلم ..
وفي الأخير وروى لي بعض النكت الطريفة منها أنه التقى مرة عن طريق الصدفة في مقبرة تنيخلف 1996 رجلا مسنا من الحسنيين من تلاميذ لمرابط يحظيه بن عبد الودود وهو من أهل العلم و الفضل وأنهما أمضيا يومهما ذلك في الحديث عن القرآن الكريم ولما همّ الشيخ عشية بالانصراف قال للولي محمذن :” ها مجلسنا قد انفضّ بعد يوم كامل دون أن تنشدني شعرا “! قال محمذن : فكرتُ مليا وأنا على يقين مسبق من أنه قد لا يعزب عن حفظه من الشعر شيءٌ ومع ذلك نزلتُ عند رغبته وأنشدته أقولُ:
ألا ليت شعري هل سليمى مُقيمةٌ
بوادي الحمى .. قال محمذن : عندئذ قاطعني الشيخ قائلا بالحسانية : اصدگتْ !
فأتممتُ البيت قائلا :
بوادي الحمى حيث المتيمُ والعُ ؟
قال محمذن : فتجاوزتُ الأبيات الموالية من القصيدة و واصلت مُنشداً:
وهل عامر من بعدنا شعب عامرٍ؟!
قال محمذن : فاستوقفني الشيخ مرة أخرى وهو يقول بالحسانية : أيوَ !
قال : فأتممتُ البيت منشدا :
وهل هو يوماً للمحبين جامعُ ؟!
قال محمذن : وهنا اعتدل الشيخ في جلسته وهو ينهض و يمدّ يده مودعا ويقول بالحسانية :
” ماهُ اوَّحْ .. إلاهْ حجبلِ ودعتك الْ ملانَ”!!
قال الولي محمذن : كان ذلك خاتمة لمجلسنا الممتع ذلك ورافقته بالسيارة إلى حيه بالمسومية على بعد 30 كلم شمال تنيخلف ..
والبيتانِ المذكوران من قصيدة ابن الفارض المشهورة :
أبرقٌ بدا من جانِبِ الغَور لامعُ
أمِ ارتفَعَتْ عن وجهِ ليلى البراقع
أَنَارُ الغضا ضاءتْ وسلمى بذي الغضا
أمِ ابتَسَمتْ عمّا حكتهُ المدامع
أنْشرُ خُزامى فاح أم عَرْفُ حاجرٍ
بأُمّ القُرَى أم عِطْرُ عَزَّةَ ضائع
ألا ليتَ شِعري هل سُلَيْمَى مقيمة
بِوادي الحِمى حيثُ المُتَيَّمُ والع
وهل لَعلَعَ الرّعْدُ الهَتونُ بِلَعلَعٍ
وهل جادَها صَوب من المُزنِ هامع
وهل أَرِدَنْ ماء العُذَيْب وحاجِر
جِهَاراً وسِرُّ الليلِ بالصّبح شائع
وهل قاعةُ الوعساء مخْضَرّةُ الرُّبى
وهل ما مضَى فيها من العيش راجع
وهل برُبَى نجْدٍ فتوضحَ مسنِدٌ
أُهَيلَ النّقا عمّا حوَتْه الأضالع
وهل بِلِوى سَلْعٍ يُسَلْ عن مُتَيَّمٍ
بكاظِمَةٍ ماذا به الشّوقُ صانع
وهل عَذَبَاتُ الرّنِد يُقْطَفُ نورها
وهل سَلَماتٌ بالحِجاز أيانع
وهل أَثَلاتُ الجِزعِ مُثمِرةٌ وهَل
عُيونُ عوادي الدّهرِ عنها هواجع
وهل قاصراتُ الطرف عِينٌ بعالجٍ
على عهدِيَ المَعهودِ أمْ هوَ ضائع
وهل ظَبَيَاتُ الرّقْمَتَيِن بُعَيْدَنَا
أَقَمَنا بها أمْ دونَ ذلكَ مانع
وهل فَتياتٌ بالغُوَيْرِ يُرينَنَي
مَرابعَ نُعْمٍ نِعْمَ تلكَ المَرابع
وهل ظِلُّ ذاك الضّال شرقيّ ضارجٍ
ظَلِيلٌ فقد روّتْهُ منّي المَدامع
وهل عامرٌ من بَعْدِنا شِعبُ عامرٍ
وهل هوَ يوماً للمُحبّينَ جامع
وهل أَمَّ بيتَ اللِه يا أُمّ مالِكٍ
عُرَيْبٌ لهُمْ عندي جميعاً صنائع
وهل نَزَلَ الرّكبُ العِراقي مُعَرِّفاً
وهل شُرِعَت نحو الخِيام شرائع
وهل رَقَصَت بالمأزِمَين قلائصٌ
وهل للقِباب البيضِ فيها تَدَافُع
وهل لي بجمع الشمل في جمع مُسعِدٌ
وهل لليالي الخَيْف بالعُمْر بائع
وهل سَلّمت سَلمَى على الحَجَرِ الذي
بِه العهدُ والتفّت عليِه الأصابع
وهل رَضَعَت من ثَدي زمزَم رَضْعَةً
فلا حُرّمت يوماً عليها المراضع
لعلّ أُصَيْحَابي بمكّة يُبْرِدُوا
بِذِكْرِ سُلَيْمَى ما تُجِنّ الأضالع
وعلّ اللُّيَيْلاَتِ التي قد تصرّمت
تعودُ لنا يوماً فيَظْفَرَ طامعُ
وَيفْرَحَ محزونٌ ويَحْيَا مُتَيَّمٌ
ويأنَسَ مُشْتَاقٌ ويلتَذّ سامعُ!
محمدن بن سيدي الملقب بدنَّ
رحم الله السلف وبارك في الخلَف
من صفحة الأستاذ بدنه ولد سيدي