كيف تجنبت موريتانيا ومالي حربا كادت تندلع بينهما
بعد اغتيال مواطنين موريتانيين في مالي، اتفق الرئيسان محمد ولد الشيخ الغزواني وآسيمي غوتا، سرّاً، على تجنب أي تصعيد بين بلديهما.
قبل أيام، تصاعدت حدة التوتر بين نواكشوط وباماكو، بعد اغتيال موريتانيين يومي 5 و 6 مارس في مالي المجاورة، في بلدة العطّاي الواقعة في مقاطعة نارا. حادثة مأساوية لكنها ليست معزولة: فقد قُتل سبعة تجار موريتانيين في المنطقة يوم 17 يناير.
في 11 و 12 مارس توجهت بعثة من مالي بقيادة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي عبد الله ديوب إلى نواكشوط لنزع فتيل الأزمة. ورغم رفض الرئيس الموريتاني استقبال مبعوثي نظيره المالي؛ فقد عقدوا لقاء مثمرا مع شخصيات أخرى في قمّة الدولة.
فقد كان في استقبال الوفد وزير الداخلية محمد سالم ولد مرزوك ووزير الدفاع حننا ولد سيدي والمدير العام للأمن مسغارو ولد سيدي وقائد أركان الدرك الوطني عبد الله ولد أحمد عيشه. بذل المبعوثون الماليون قصارى جهدهم في محاولة لطمأنة محاوريهم، بعد استدعاء سفير مالي في نواكشوط، محمد ديباسي، في 8 مارس من قبل وزير الخارجية الموريتاني، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي أبلغه بـ “احتجاجه الشديد ضد تكرار الأعمال الإجرامية”.
وبحسب مصادرنا، منحت باماكو الجيش الموريتاني محيطًا جديدًا في مالي للقيام بعمليات استطلاعية. كما تم إنشاء دوريات مشتركة وإنشاء ممرات آمنة للسماح للرعاة بالانتقال في المنطقة. فمعظم الضحايا هم من الرعاة الذين غادروا إلى مالي للحصول على مراعي لماشيتهم التي تفر من الصحراء الموريتانية لعدة أشهر كل عام لترعى في مالي.
ولم يعرف بعد العدد الدقيق للقتلى. وذكر بيان صحفي مشترك فقط “مجموعة من المواطنين الموريتانيين” وترفض سلطات نواكشوط رفضا قاطعا التعليق على هذه القضية – وعند الاتصال بها لم تستجب لطلباتنا.
في اليوم التالي، 13 مارس، ناقش محمد ولد الغزواني وآسيمي غويتا الموضوع مباشرة عبر الهاتف. ثم أعلنت مالي منع المدنيين من التجوال في المنطقة الحدودية وفتح تحقيق.
رسميا، لم تحدِّد نواكشوط أي مسؤول عن الحادثة، لا الجيش المالي ولا مجموعة فاجنر الروسية. “لا يوجد دليل يدعو لاتهام القوات المسلحة المالية التي تحترم حقوق الإنسان وتتصرف دائمًا بمهنية في مكافحتها للإرهاب”، كما يقول وزير الإدارة الإقليمية واللامركزية المالي المتحدث باسم الحكومة المالية العقيد عبد الله مايغا.
لكن الأمم المتحدة أكدت أن تحرياتها توصّلت إلى مسؤولية الجيش المالي ومجموعة فاجنر عن مجزرة وقعت في بداية مارس وراح ضحيتها حوالي ثلاثين من المدنيين الماليين.
وتواجه باماكو عقوبات اقتصادية قويّة تفرضها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وتسعى بأي ثمن تجنب التصعيد الدبلوماسي مع موريتانيا. خاصة أنه منذ 25 فبراير يتم عبر ميناء نواكشوط تصدير إنتاجها من القطن. وتهتم موريتانيا أيضًا بتخفيف التوترات: فالولايات الحدودية الأربع مع مالي (الحوض الشرقي والحوض الغربي ولعصابه وكيديماغه) تعتمد اقتصاديًا على مالي.
ترجمة: الصحراء