دروس الهجرة / محفوظ ولد ابراهيم فال
إن المسلم وطنه حيث يجد وطنا لدينه ومقامه حيث يقام ومستقره حيث يستقر
وهو غريب بغربة دينه أيا كان موقعه فمكة التي جعلها الله أم القرى وبها الكعبة التي كانت قياما للناس ومثابة
حين عطل أهلها الدين وحاربوا حملته وجبت الهجرة عنها سعيا لإقامة دين يحررها وغيرها من الطغيان والاستكبار
واعظم ما ينشده المسلم الحرية لدينه عملا ودعوة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يخاطب أهل مكة والوافدين عليها ؛
(( خلوا بيني وبين الناس ))
(( ألا من رجل يحميني حتى أبلغ رسالات ربي))
((2))
كانت الهجرة عنوانا فارقا بين مرحلتين متمايزتين في الأهداف والوسائل والمعالم ، مرحلة الدعوة ومرحلة الدولة ، مرحلة الاستضعاف ، ومرحلة التمكين ، مرحلة التعريف بالدين والتربية عليه ،
ومرحلة إقامته وبناء دولة تدعوا له بالقول والعمل ، وتدفع عنه بالحجة والسنان
كان الخطاب القرآني في المرحلة الأولى ؛
{{ كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكوة }}
وفي المرحلة الثانية ؛
{{ أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصر هم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلوة وآتوا الزكوة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور }}
إن فقه الوقت والمرحلة وما تقتضيه أمر بالغ الأهمية لنجاح كل دعوة وإصلاح وتعميم الاهداف والوسائل زمانيا ومكانيا ومرحليا من أعظم الأخطاء التي يصاب بها المصلحون فيتحولون إلى نمطية جاهزة فاقدة للتعقل والتفقه عاجزة عن حسن التقدير ورشد التدبير والقدرة على التأثير
تخترق المراحل وتستعجل الثمرات أو تضيع الفرصة وتهدر الطاقات وهذا مقام يحتاج فضل بيان
(( 3 ))
الولاء للدين على حساب الوطن ولوكان أقدس الأوطان ” بلد الله الحرام ”
وعلى حساب القيبلة ولوكانت أعز بني عدنان
الولاء الذي يحرر من عبية الجاهلية وحميتها ويرفع شأن الدين فقط الذي يساوي بين الناس ويعري من الاعتبارات الجائرة
( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون )
جعلنا الله وإياكم من الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه