مجتمعنا و عاداته الضارة ! / التراد بن سيدي
لقد استمر مجتمعنا زمنا أطول من اللازم يتابع نهجا من الحياة أكل عليه الزمن وشرب و لقد ظهر مثيل حياتنا واختفى في كل أصقاع المعمورة ومع ذلك لايزال مجتمعنا أكثر محافظة وتمسكا بما تعود من تلك العادات التي ألفها طويلا رغم سوئها وشدة اضرارها به وتعطيلها لانطلاق الطاقات الإنتاجية الخلاقة والمبدعة إنساننا ومجتمعنا ولبدء التطور الطبيعي والرقي المناسب لمجتمع تحالف كثيرا مع الجهل والتخلف المقيدان لكل جهد مثمر ولكل نمو وتطور فلم نستطع بما توصلنا إليه من التعليم العصري والاطلاع عبر جميع الوسائل على ما يجري في العالم من حولنا وكيف تعالج الشعوب ظروفها وتطور أوضاعها وتعمل للتغلب على مختلف المشاكل وتوفير شروط الحياة التي تناسبها وتضمن سعادتها و رقيها.!! لم يجعلنا التعليم العصري ندرك حقائق الواقع و سلوكيات الإنسان السوي الذي يجد و يكد من أجل قهر الطبيعة وتوفير شروط الحياة التي تناسبه لقد عجز التعليم العصري في التغلب على عقلياتنا المتحجرة مثلما عجزت تعاليم ديننا الإسلامي السمحة قبل ذلك والذي أولى الإنسان من العناية والرعاية ما أولى وحدد له من السلوكيات الفاضلة وقواعد الحياة المنتجة الصحيحة مايضمن رغد عيشه واعتدال أموره..! لقد استمرينا نعامل جزئا منا بدونية واحتقار معتمدين نظرة تقليدية خرافية لا تنبني على أي أساس واستمرينا نضع حواجز بين مجتمعاتنا تجيز لنا التمايز والتنافر والتناقض، الأمور التي جعلت شعبنا مهددا بمخاطر الصراع والتنافس غير الصحي بين المكونات المختلفة واستمر جزء من مجتمعنا يحتقر العمل ويترفع عن كثير من الأعمال والمهن مجسدا فكرة اختلاف المستوى بين المواطنين حيث لا يقبل جزء كبير من مكون المجتمع العربي كثير من الأعمال و اعتبارها خاصة بجزء من المكون بسبب ماضي الرق الذي كان يعيشه ذلك الجزء من المكون العربي ..! إن اعتبارنا بعض الأعمال لا تليق إلا بالأرقاء السابقين يوضح تهاوننا في علاج الظواهر السلبية في مجتمعنا فهذا تجسيد لمبدأ عدم المساواة وهو أمر شديد الخطورة والضرر لكنه أكثر من ذلك يحرم المجتمع من طاقات عمل كبيرة لأنه مادام الجزء الأكبر من المكون العربي يترفع عن النشاطات الكثيرة مثل البناء وتمديدات الكهرباء والمياه مع عشرات المهن والنشاطات الأخرى المدرة للدخل فإننا والحال هذه نعطل جزئا من طاقة العمل عندنا ونفتح المجال واسعا للأجانب ليحتلوا مواقع العمل التي لم نمارسها وفي نفس الوقت سنجعل مواطنينا يبحثون عن الهجرة للخارج بحثا عن عمل يناسبهم .
إذا بترفعنا عن الأعمال نشجع احتلال الأجانب لمكاننا في العمل وتشجيع هجرة شبابنا نحو المجهول !! ولينظر العقلاء إلى ما ينجم عن عزوفنا عن العمل من أضرار بعيدة المدى من حيث: أولا: ترسيخ عدم الوحدة وعدم المساواة في النظرة للعمل وللإنسان الذي يمارسه. ثانيا : يحدث خللا في طاقة العمل ويحدث ثلاثة مشاكل: ١- تعطيل التفاعل الإيجابي بين المكونات المختلفة في العمل والإنتاج. ٢- إتاحة فرصة للأجانب باحتلال قطاعات النشاط المختلفة. ٣- إفراغ الوطن من الشباب بتوجههم للهجرة بحثا عن عمل يناسب المترفعين عن الأعمال المختلفة .. إذا استمر مواطنونا يرفضون ممارسة الأعمال اليدوية والكثير من الأعمال التي توفرها سوق العمل عندنا فإننا مهددون بأن لا نستمر بشكلنا الحالي موجودين لأن العمل من شروط الحياة، إن ممارسة كل الأعمال هو البداية لخلق مجتمع قابل للبقاء والنمو والتقدم وهو البداية لمجتمع الوحدة والمساواة الذي نحتاجه. إن ترفع الشباب أبناء الفئات غير الميسورة عن أعمال البناء وهي تدر على أقل تقدير ٢٠٠٠ أوقية قديمة في اليوم وهم يبحثون عن أعمال الحراسة والعمل في الحوانيت بدخل يومي يقرب من ١٠٠٠ أوقية قديمة يوميا فقط وإن منهم من حباه الله بحفظ القرآن يبحث عن تدريس الأطفال بما يتراوح بين ٤٠ الف وستين ألف أوقية قديمة هذا يوضح عدم رجاحة في العقل لاغبار عليها كما أن الترفع عن عمل جمع القمامة على الحمير و يمكن أن يجني منه ما بين ٥٠٠٠ و٦٠٠٠ آلاف أوقية يومية إنه لاشك أفضل من السؤال ومن الحاجة ومن النفاق والتملق !! وإن الأشغال الكثيرة كإدخال الماء وتمديداته و الصباغة للدور وأعمال المكانيك وغير ذلك من الأعمال الكثيرة المدرة للدخل و يستفيد منها الأجانب وقسم – فقط – من مواطنينا ، لهي أعمال شريفة وكفيلة بتوفير ظروف حياة أحسن لكثير من الأسر التي يدمن أبناؤها الكسل وأوراق اللعب والتسول إذا لم يتوجهوا إلى ممارسات شائنة أخرى كثيرة كل ذلك سببه عادات الجهل المترسخة التي تجعلهم يترفعون عن الأعمال الكثيرة رغم فقرهم المدقع أحيانا كثيرة و رغم حاجة أسرهم التي تعلق عليهم آمالها إن البحث عن المال دون تعب أدى للقيام بالهجرات للخارج والذهاب لسراب الذهب وآباره القاتلة ولنشاطات وسلوكيات كثيرة بعضها غير مفيد كالنفاق والتملق والبحث عن خدمة من دب وهب طمعا في المنح والعطايا، في الوقت الذي لايمنعهم من الاستغناء بشرف وبالحلال إلا أن يتغلبوا على أمراض الكبر ونقص الوعي وضعف الوازع الديني إننا مالم نغير هذه العقلية المريضة التي نتحلى بها فإن وطننا في خطر كبير كبير كبير… نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه..!!