سنة من الإصلاح والبناء..آفاق وطن ونهوض أمة / د.أحمد سالم فاضل
دخلت بلادنا مع إعلان رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ترشحه للرئاسة بوابة أمل واسع، حرك في نفوس المواطنين والنخب بشائر النهوض الوطني، فتغيرت بترشحه خارطة التموقع السياسي وانتقلت إلى دعمه أطياف من مختلف أنحاء المشهد السياسي في البلاد، ومع تنصيب فخامته رئيسا لموريتانيا، بدأ مسار جديد وفعال ومؤثر من الإنجاز والإصلاح والبناء.
وقد أدار فخامة رئيس الجمهورية بفريقه الحكومي والاستشاري سنة كاملة من الإنجاز المتواصل الذي استطاع الصمود والاستمرار وتجاوز الآثار الصحية والاجتماعية لأخطر كارثة إنسانية ضربت العالم منذ عقود.
وإن من أبرز ما ميز هذا الأداء، هو عمق المؤسسية واحترام القيم الإدارية في تسيير المؤسسات والأشخاص، وإيلاء الكفاءة والمهنية الاعتبار الأساسي في أداء المهمات والتكليف بالمناصب العامة.
وقد بدأت روح المبادرة والعمل تسري في جسم الدولة الموريتانية، وأخذت كل سلطة على عاتقها إنجاز العمل الذي كلفها به الدستور الموريتاني؛ مما سيرسخ دولة المؤسسات، والفصل بين السلطات، وسيكون أثره التنموي باديا مشهودا خلال فترة وجيزة.
لقد وضعت السنة السالفة من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قطار التنمية على سكة العدالة والنهوض البناء، فأعادت الدولة بناء استراتيجياتها في مختلف المجالات، مجسدة برنامج تعهداتي في مشاريع تفصيلية بدأت تؤتي أكلها في خدمة المواطنين.
لقد تعززت منظومة الدفاع الوطني بوسائل وقيم وإرادات جديدة، وتواصل الأداء النوعي الإدارة الإقليمية التي تحولت خلال هذه السنة إلى تعزيز اللامركزية، مع توثيق العلاقة مع الحكومة عبر مؤتمر الولاة والحكومة السنوي الذي يعتبر سابقة في تاريخ البلاد.
كما أن نظام الطوارئ الذي أطلقته الحكومة للتعاطي المبكر مع الأزمات والتنبؤ بها، والتصدي لها كان له الأثر الفعال في تخفيف آثار فيضانات سيلبابي، والتصدي القوي لجائحة كوورنا التي كانت أضرارها في بلادنا أقل بحمد لله تعالى مما عليه في بلدان أخرى تملك من وسائل الصحة والتصدي للأوبئة أكثر مما كنا نملك.
إلا أن تضافر الجهود الرسمية عبر اللجنة الوزارية لمواجهة كوفيد 19 أنجز جهدا وطنيا مشكورا حاصر الكارثة في بدايتها، واستطاع بفضل الله تعالى هزيمتها في ذروة انتشارها، وها نحن اليوم في ظلال بشائر ذروة الشفاء بحمد الله تعالى وشكره.
ولم تكن مراجعة الاتفاقيات الوطنية مع شركة كينروس تازيازت وما ترتب على ذلك من زيادة كبيرة للحصة الموريتانية، إلا تعبيرا واضحا عن حرص رئيس الجمهورية على حماية الثروات الوطنية والسير صعدا نحو أفضل مستوى من الشراكة بين بلادنا والمستثمرين الأجانب.
أما ضفاف النهر، فقد شهدت انطلاقة مشروع وطني كبير، مع استصلاح تهيئة 12800 هكتار زارعي، إَضافة إلى شق 80 كلم من قنوات المياه والعمل على إنشاء 74 سدا، من بينها 30 سدا تنتهي مع بداية خريف 2020، إَضافة إلى تطوير 169 من السدود والعتبات القائمة.
وفي التنمية الحيوانية فقد تم إنجاز 83 حظيرة لتلقيح المواشي من أصل 150 حظيرة مبرمجة الإنجاز، إضافة إلى إنجاز 87 بئرا من أصل 105 مبرمجة لإنجاز وإنشاء 18 سوقا للمواشي، وشق ما يقارب 10 آلاف كلم من الطرق الواقية من الحرائق التي نفذتها في سبع ولايات زراعية ورعوية.
لقد تضافر الأداء في هذا المجال مع نهوض اقتصادي مكن من ترميم الخسائر المتوقعة جراء أزمة كوفيد، وفي هذه الظروف المعقدة استطاعت الحكومة توقيع 34 اتفاقية اقتصادية، وإطلاق برنامج توزيعات وطنية كبرى في عدة عمليات متنوعة ناهزت تكاليفه حوالي 64 مليار أوقية.
ولقد ظهر جليا أن رؤية فخامة رئيس الجمهورية في محاربة الغبن والتهميش والتي تنفذها وكالة تآزر، بدأت تؤتي أكلها إنجازا اقتصاديا وإخاء وطنيا.
وفي التعليم بدأت الرؤية الوطنية لإطلاق المدرسة الجمهورية، وإصلاح التهذيب الوطني وتيرة عمل متسارع رغم التعطل الدراسي الذي فرضته كوفيد 19، إلا أن مختلف السياقات الإصلاحية في هذا القطاع تواصل عملها سواء في إنجاز عشرات المدارس وإنشاء وترميم مئات الحجرات الدراسية ضمن برنامج وطني لبناء 4000 مدرسة، زيادة على التحضير لإطلاق أعمال المجلس الأعلى للتهذيب.
وفي التعليم العالي مكنت الإجراءات الإصلاحية من إطلاق حقيبة أمان أكاديمي تضم أكثر من سبعين مؤشرا موزعة على 12 مجالا وهي كفيلة بالنهوض الأكاديمي والإداري لتعليمنا العالي.
وفي مجال الطرق أنجز القطاع المعني أكثر من 40 كلم في نواكشوط وبتكلفة أقل بكثير مما كانت تنجز به الطرق سابقا، كما أن المحاور الطرقية الكبرى تعمل بشكل متواصل لربط أطراف البلاد وفك العزلة عن مختلف المناطق من خلال محور الطريق الأول، والطريق الوطني الرابع اللذين يمثلان شرايين نهضة طرقية فعالة، هذا بالإضافة إلى شبكة الجسور والموانئ الجديدة التي يجري العمل على إنشائها وتحديثها.
ولقد جاء هذا العمل في ظل سعي فخامة رئيس الجمهورية إلى الرفع من أداء الشباب وقدرتهم على الولوج في قطاع الأعمال، استفاد أكثر من 1000 شاب من فرص عمل ثابتة ضمن اتفاق بين وزارة التشغيل والاتحاد الوطني لأرباب العمل لتوظيف 6000 شاب خلال هذه الفترة القريبة.
أما في قطاع الشؤون الإسلامية فقد صبغت أيضا توجهات قطاع الشؤون الإسلامية، حيث تم توظيف 400 إمام و400 مؤذن، وذلك ضمن مسار متواصل ومتنوع من نشر المعارف الإسلامية وتكريم حفظة كتاب الله وصيانة حرمات الشريعة، وأطلقت لأول مرة عبر الإعلام العمومي مجالس ختم صحيح البخاري، مع استمرار الكراسي العلمية التي تظهر نصاعة وسعة المحظرة الموريتانية.
ولقد نالت الثقافة نصيبا غير منقوص من هذا الأداء الفعال، من خلال تصنيف وتسجيل المحظرة كتراث عالمي وتسجيل مدن جديدة ضمن لائحة التراث الإسلامي، وتسجيل ملاحم من الأدب اللهجي ضمن التراث العالمي لدى اليونسكو.
ولم تكن النجاحات الدبلوماسية الكبيرة التي حققتها بلادنا خلال السنة المنصرمة إلا ترجمة فاعلة للمبادئ والقيم التي حددها فخامة رئيس الجمهورية خلال خطابه القيم في مؤتمر داكار قبل عدة أشهر، عندما وضع معالم دبلوماسية موريتانية، وتوالت بعد ذلك القمم والفعاليات الدولية التي شارك فيها رئيس الجمهورية، بفعالية وتميز، وجد صداه في التطوير النوعي لقطاع الدبلوماسية، عبر مؤشرات متعددة من بينها معهد التكوين الدبلوماسي، والقمة السنوية للدبلوماسيين، وأخيرا توقيع الميثاق المهني للدبلوماسيين بإشراف رئيس الجمهورية.
وقد توجت هذه الجهود بترؤس موريتانيا قمة نواكشوط لدول الساحل، التي تحولت إلى قمة دولية لمحاربة الإرهاب ودعم دول الساحل. وكانت أول حدث دولي من نوعه بعد جائحة كورونا التي عطلت كثيرا من العمل التعاوني الدولي.
وما هذه الأمثلة إلا شواهد تظهر أن سفينة الإصلاح والتطوير والبناء قد انطلقت بحول الله تعالى وباسم الله مجراها ومرساها، وأن الخطوات الموفقة التي خطتها بلادنا خلال هذه السنة، ستنتج إخاء وطنيا ناصعا، وتنمية راشدة.