سلطة الفيسبوك الضارة !/ بشير ببانه
أن بدأت جائحة كورونا في العالم وهي تعصف بجميع الاستراتيجيات التي فرضتها أغلب الدول، إلا أن دولاً معدودة نجحت بالصرامة والانضباط في تحقيق المعجزة حتى الآن، وحتى وقت قريب كانت موريتانيا تعد من بين هذه الدول.
يمكن إرجاع عدم نجاح الخطة الموريتانية خلال الأسابيع الأخيرة، إلى ثغرات في الخطة نفسها، ذلك لا خلاف عليه، ولكن أحد الثغرات البينة التي دخل منها الفيروس، هو غياب الانضباط لدى الموريتانيين أنفسهم، وعدم وجود جبهة داخلية موحدة تفهم حساسية الوضع وتلتزم بالانضباط والصرامة في التقيد بالتعليمات.
لقد أضاع الموريتانيون الكثير من الجهد للأسف في نقد استراتيجية الحكومة، ومع أن النقد كثيراً ما يكون شيئاً إيجابياً إلا أنه مؤخراً كان ذا مردود عكسي، إذ تركز في أغلبه على شكل حملات فوضوية على الفيسبوك، طغى عليها عدم الوعي واتخاذ المواقف المسبقة، والرغبة الجامحة في تسجيل المواقف وخطف الأضواء، والحرص على إظهار عجز الدولة أكثر من أي شيء آخر، لقد بدا واضحاً البعد السياسي في هذه الفوضى المدمرة التي اجتاحت الفيسبوك، وحالة الجنون الجماعي التي أصابت المدونين.
كانت انتقادات المدونين غير عقلانية في كثير منها، فهم من وقف في وجه حملة توعية كانت ستنظمها الحكومة في الولايات الداخلية لمواجهة مخاطر التسلل، فقط لأنها تكلف مائتي مليون أوقية قديمة، وهو رقم زهيد بالمقارنة مع حجم الخطر المحدق بالبلد، وعندما وقعت الكارثة بسبب المتسللين بدأ الصراخ واتهام السلطات بالفشل في منع التسلل !
عندما أظهرت الأجهزة الأمنية الصرامة مع المتسللين، صرخ أهل الفيسبوك متألمين ووصلت شحنة الإنسانية والوطنية عندهم إلى مستويات غير مسبوقة، وتحولوا إلى مدافعين أشاوس عن الحقوق الديمقراطية للمتسللين، وهم من كان يحذر قبل أيام قليلة من خطر المتسللين !
لن ننسى أن المدونين هم من أطلق الحملات المهمة لمحاربة تجار السموم ومزوري الأدوية، قبل عدة أشهر، ولكن ذلك لم يمنعهم اليوم من خوض حملة شرسة أطلقها نفس التجار للانتقام من الوزارة التي استطاعت بشجاعة وقوة أن تضع حداً لجشعهم اللامتناهي، وطبعاً حجة المدونين هي إنقاذ أصحاب الأمراض المزمنة من نفاد أدوية، في الغالب توجد في الصيدليات رغم نفادها على الفيسبوك !!
إن المؤسف أكثر هو أن الحروب الغير واعية التي تنطلق من الفيسبوك، أصبحت تؤثر على صناع القرار، وأصبح المدون الغير متعلم والغير ملم بتفاصيل الأمور والذي ليست له أي دراية بعلم الأوبئة، يفند وينظر ويصرخ في وجه نظريات طرحها خبراء الأوبئة في العالم.. إنها حالة جنون جماعي أعتقد أنها أخطر من كورونا ومن ألف كورونا !
إنه شيء مؤسف للغاية ومحزن