ظاهرة الإلحاد في موريتانيا الأسباب وسبل العلاج (2) / محمد الأمجد ولد محمد الأمين السالم
بداية أعتذرللقراء الكرام عن تأخر الحلقة الثانية من هذا الموضوع وذلك لأسباب قاهرة
وعدتكم في الحلقة الأولى بأن تكون بداية الحديث في هذه الحلقة عن جماعة القرآنيين بوصفها فرقة خارجة عن إجماع المسلمين العام على حجية السنة ومبرر الحديث عن هذه الفرقة أننا بدأنا نسمع عن مدونين وإعلاميين وطلابا موريتانيين يروجون لأفكارها ضمن الموجة المشككة في ثوابت الإسلام التي تغزو بلادنا حاليا
من هم القرآنيون ؟
قبل أستعراض حجج القرآنيين النافية للسنة والرد عليها فكرة فكرة يجدر بي أن أعرف ولو بصفة موجزة بهذه الفرقة :
تتلخص فكرة القرآنيين في رفض السنة القولية جملة وتفصيلا وهم في هذا المنحى غير بعيدين عن فرقة الخوارج التي رفضت حد الرجم على الزاني ومسح الخفين والكثير من الأحكام التي نقلت عبر الرواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم بحجة أن القرآن لم ينص عليها
شيى من التاريخ :
نجد لتوجه القرآنيين سندا في فكركل من ابراهيم النظام والجاحظ فقد عرض كل منهما بأهل الحديث وانتقدهم وقد سماهم الجاحظ النابته ومما يثبت قدم هذه الحركة المتطرفة فكريا أن ابن حزم الأندلسي رد عليها حيث قال “ولو أن شخصا قال لا نأخذ إلا ماجاء في القرآن لكان كافرا بإحماع الأمة ولكان لا يلزمه إلا ركعة مابين دلوك الشمس إلى غسق الليل وأخرى عند الفجر لأن ذلك هو أقل ما يقع عليه اسم صلاة ولا حد للأكثر في ذلك وقائل هذا كافر حلال الدم والمال. وفي أوائل القرن العشرين أعلن الباحث المصري محمد توفيق رفضه للسنة و لأهل الحديث واحتج لفكرته بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بجمع أقواله ولم يأمر بذلك خلفاؤه الراشدون وأن الحديث لم يبدأجمعه إلا بعد دخول العديد من الممارسات والعادات والأفكار الفاسدة في الإسلام وقد دافع توفيق صدقي عن أفكاره بصفة واضحة من خلال مقال بعنوان الإسلام هو القرآن وحده وقد نشر هذا المقال في مجلة المنار المصرية وفي العصر الحديث قاد إنكار السنة في الهند أحمد خان الذي اعتمد تفسير القرآن بالرأي والعقل ثم تلاه عبد الله جكر الذي أسس فرقة سماها أهل الذكر والقرآن ودافع عن فكرته من خلال عدة كتب ألفها لذلك الهدف ثم ظهرت جماعة أمة مسلمة بقيادة منكر آخر للسنة هو أحمد الدين الأمر تسري ثم غلام أحمد برويز الذي أسس مجلة لنشر أفكاره المناوئة للسنة هي مجلة طلوع الإسلام
ويمكن القول إن أفكار القرآنيين
الرافضين للسنة موجودة في شبه القارة الهندية لكنها مع ذلك لم تحقق نجاحا معتبرا
ويرى الباحث الدكتور أحمد صبحي أن الشيخ محمد عبده كان ممن يتبنون أفكار القرآنيين يقول الدكتور أحمد صبحي إن “محمد عبده أنكر الشفاعة وانتقد البخاري غير أن تلميذه محمد رشيد رضا رفض ذلك التوجه وهو “ويرى الدكتور محمد صبحي أن بعضا من آثار ذلك التوجه القرآني بقيت وأن آخر من كان يتبناها هو محمود شلتوت شيخ الأزهر السابق
أما الدكتور منصور فقد تبنى هو الآخر نظرية الرافضين للسنة وخلال تدريسه في الأزهر سنة 1977اصطدم بعلماء السنة ورجال التصوف فسجن وفصل عن العمل بسبب موقفه المتطرف في معاداة السنة والجراءة على نفي مالم يثبته له عقله
وبعد خروجه من السجن استغل فضاء الحرية العام ومؤآزرة منظمات حقوق الإنسان الغربية فشرع في نشر أفكاره وأبحاثه وندواته في مركز بن خلدون وقد وصلت به جرأته أن دعا لأفكاره من خلال منابر المساجد في القاهرة لكن مركزه أغلق فاختار الهجرة لا جئآ سياسيا للولايات المتحدة الآمريكية .
وفي مهجره بآمريكا أسس المركز العالمي للقرآن الكريم وبدأ ينشر مقالاته وأفكاره النافية للسنة
وبالإضافة لكل ذلك توجد منظمات خاصة بنشر أفكار القرآنيين مثل منظمة أهل القرآن عدل التي يرأسها المدعو عبدالله شقر لاوي ومنظمة إزجي أمل عدل ويديرها نشطاء من كازخستان وكذلك الجمعية القرآنية الماليزية التي يديرها قاسم أحمد وكذلك منظمة زمراتول جاميو مومن الموجودة بنيجيريا وهي منظمة تعادي أهل الحديث بشدة حيث تعتبر من يعتمد الحديث مصدرا من مصادر التشريع كافرا
يرفض القرآنيون منهج التفسير جملة وتفصيلا فلايقبلون أسباب النزول والناسخ والمنسوخ من القرآن فآية ماننسخ من آية او ننسها نات بخير منها أو مثلها لا تعني بالنسبة لهم إلغاء الحكم الوارد في الآية بحكم وارد في آية أخرى كما هو الحال عند أهل السنة فيقدمون اجتهادات البشر المشكوك في صحتها على كلام الله ولا يؤمنون بأقوال السلف أو إجماع العلماء ويعادون بشدة أهل السنة والشيعة لأنهم يعتمدون الحديث ويعتبرونه مصدر التشريع الثاني بعد القرآن الكريم بل إنهم يسمون أهل السنة والشيعة بأصحاب الأديان الأرضية
لا يعترف القرآنيون بالمكانة العلمية لمالك والشافعي وأحمد بن حنبل وأبي حنيفة ويروا أن تراثهم الفقهي وتراث من أخذ عنهم مخالف للإسلام الصحيح
يتواصل…