هنيئا ولكن / محمدن ولد إشدو
أنا لا أجد غضاضة في أن أتوجه بالتهنئة بادئ ذي بدء، إلى المرجفين في الوطن ودعاة التفرقة والنكوص على نجاحهم الآني في التشويش على فرحة الوطن باحتفالات ذكرى استقلاله، والتأكيد على مواصلة مسيرته الحضارية التقدمية، وفي تشويه أعظم ما أنجزته موريتانيا في حياتها؛ ألا وهو التداول السلمي السلس للسلطة في ظل وحدة سياسية ووطنية على درب التقدم شملت القوى الوطنية الحية ومختلف مكونات وأطياف البلاد!
ولكن لا تثريب علينا ولا بأس!
فالخطاب القيم الذي ألقاه فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بمناسبة هذه الذكرى المجيدة كان مناقضا في جوهره – وبصورة مطلقة- لما يعتمل في أذهان المرجفين المنتشين بنصرهم من أفكار تخريبية رجعية، ولبعض ديكور المشهد، لأنه يعبر تعبيرا واضحا لا لبس فيه عن برنامج فخامته الانتخابي الوطني الديمقراطي، وعن مطامح الشعب الموريتاني في مواصلة وتوطيد وتجذير منجزات العشرية المجيدة المنصرمة، وروح حركتي 3 و6 أغسطس التي يتبناها ويحميها الشعب الموريتاني وقواته المسلحة الوطنية المتشبعة بالقيم الوطنية والجمهورية.
وعليه فلا يوجد أمامنا سوى احتمالين هما:
* أن تتواصل المسيرة الوطنية الديمقراطية.. وعندها يخسر المرجفون ودعاة التفرقة والنكوص، وينتصر الشعب والوطن، ويجتمع الشمل في الدرب الوطني مهما كان حجم الخلافات الآنية، وتلتئم الجراح؛ وهذا هو الاحتمال الرئيسي!
* أن يتعثر النفير الوطني الديمقراطي لا قدر الله. وهو احتمال ضعيف جدا. وهنا أيضا فالمرجفون ودعاة التفرقة والنكوص هم الخاسرون في نهاية المطاف! ذلك أن جميع أحرار موريتانيا حينذاك سوف يهبون لنجدتها كما فعلوا من قبل مرارا وتكرارا؛ وسوف يلتقون من جديد في درب الإصلاح والثورة على النكوص والفساد! وسيهزم الجمع المعادي للوطن مثلما هزم في مواجهات عديدة يذكرها تاريخنا المعاصر بفخر واعتزاز!
تبقى ثلاثة أسئلة حائرة تلتمس الجواب:
السؤال الأول: ما معنى تنظيم أول احتفال بذكرى الاستقلال في عهد فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني دون حضور مميز لسلفه وأخيه وصديقه وداعمه الأول والأخير، الرئيس محمد ولد عبد العزيز، والاستعاضة عنه ببعض رموز تركيع موريتانيا وإذلالها ومحاولة إفشال مسيرتها الإصلاحية الوطنية وتمزيق وحدتها وقطع رأس جيشها البطل، حامي حماها وضامن استقلالها ووحدتها.. مشفوعين ببعض من ظلوا خلال العشرية المجيدة يشوشون ويشوهون وينكرون ويخربون ما أحرزته بلادنا من استقلال وتقدم وازدهار؟
السؤال الثاني: هل يوجد سبب من أسباب الدنيا، من شأنه أن يجيز أو يبرر لأي من الرئيسين المحمدين – أو لهما معا- إتاحة هذه الفرصة الذهبية لأعدائهما وأعداء الوطن كي يتمكنوا من فصم عرى وحدتهما ويكون بإمكانهم الانفراد بكل منهما على حدة، والقضاء عليهما معا وعلى الوطن! وكيف يقومان بما من شأنه إضعاف ثقة وتثبيط آمال من وثقوا بهما وساندوهما وساروا خلفهما وائتمنوهما على مستقبل وطنهم وشعبهم؟ وكانوا يظنون أنهما كما قال الشاعر:
“رضيعا لبان ثدي أم تحالفا ** بأسحم داج عوضُ لا نتفرق”
السؤال الثالث: وهو موجه إلى الموالاة قبل المعارضة وقبل الوافدين الجدد. لما ذا وحده الأستاذ محمد محمود ولد لمات هو الذي حرص من بينكم جميعا على الدعوة إلى التهدئة وتغليب المصلحة الوطنية؟ أولا تعنيكم مصالح شعبكم ووطنكم، أم إن لكم حسابات أخرى، واطبتكم وأغرتكم الأوضاع الجهنمية المزرية التي تعيشها بعض البلدان العربية والإفريقية المنكوبة؟
وختاما فإني أخاطب فينا العقل والخير، وأتمثل ببعض أبيات شيخنا محمد فال (ببها) التي ينصح فيها أهله فيقول:
“تنازعتما هذا الذَّنـــــــــوب وإنني ** على وجل أن تستحيل بكم غربا
فأنشدت والإنسان ذو اللب ماحض ** نصيـــــحته أهل المودة والقربى
أيا أخوينا عبد شمس ونـــــــــوفلا ** أعيـــــذكما بالله أن تحدثا حربا”.