ذكرى الاستقلال وأمل الإصلاح / عبد الفتاح ولد اعبيدن
ليس من الغريب أن نحتفل و نبتهج بمناسبة ذكرى الاستقلال ٥٩ ،كذكرى لرحيل المستعمر و بروز دولتنا للوجود،الجمهورية الإسلامية الموريتانية.
لكن هذا الشعب بحاجة إلى جرعات عميقة من التنمية و العدل و الإنصاف،لأن دولة موريتانيا زاخرة بالثروات و التنوع الثقافي،الداعى للمزيد من النمو و التعايش الإيجابي،غير أن المعطيات على الصعيد التنموي،ظلت غير مرضية،منذو فجر الاستقلال و إلى اليوم،للأسف البالغ،و نظرا لتضييع الأمانة و سوء التسيير و الأنانية المفرطة تجاوزتنا دولة مجاورة لا تملك إلى وقت قريب،من المقدرات الاقتصادية،سوى زراعة الفستق و البصل!،و نحن فى المقابل منذو وجودنا كدولة،نمتلك ثروة حديدية هائلة و سمكية و حيوانية و زراعية،ثم استخرج النحاس فى السبعينات،و ظهر الذهب لاحقا،بكميات معتبرة!.لكن هذا كله لم يشفع لشعبنا القليل ،لينعم بالرخاء و يهجر ساحة الفقر المدقع،و يحسن من قطاعاته الحيوية ،مثل الصحة و التعليم و الحكامة الراشدة.و اليوم تظلنا آفاق استخراجية غازية واعدة،ترى هل نستفيد منها فعلا،أم يحملها الأجانب و البقية للسماسرة من المتنفذين،على حساب السواد الأعظم من هذا الشعب المغبون؟!.و اليوم كذلك مع بداية هذه العهدة الانتخابية الرئاسية،يروج فى القطاع الصحي الحساس الجوهري،لإجراءات صارمة تصحيحية،فهل تتحول إلى واقع ملموس منفس،أم يعترضها بارونات السموم، العتاة الانانيين،الذين يفضلون الفلوس على مصلحة عامة ملحة.إن ما يعد به هذا النظام القائم، من إصلاحات متنوعة،ينبغى أن لا يظل مجرد أمانى و آمال،لا تتحقق عمليا على أرض الواقع.كما أن أسعار اللحوم، بدأت تشهد تحسنا،رغم أن ذلك ليس بتدبير رسمي،و إنما بفضل جهود بعض المنتمين للقطاع نفسه،لكنها خطوة لم يمنع تطبيقها من استمرار ربح الموزعين،مما يدل على وجود غلاء و استفحال الأسعار فى كل قطاع،بسبب الإهمال و ضعف الرقابة.إن زيادة الرواتب المروج لها مهمة،لكنها على ضوء فوضوية السوق و أسعاره،قد تكون ناقصة القيمة و المردودية على المعنيين،مع ملاحظة أن الكتلة البشرية الموظفة لدى الدولة،محدودة و قليلة، بالمقارنة مع عدد السكان.و لعل السياق مناسب للتذكير بوضعية الصحافة المستقلة الورقية،حيث تعيش فى وضعية ورثت عن النظام السابق،و لم يبادر النظام الحالي لتصحيح وضعيتها.فمنذو سنة 2011 منعت الاشتراكات لصالح الصحافة المستقلة عموما.مع أسعار سحب غالية.إذن الصحافة الورقية، تعيش موتا سريريا ،مثيرا للاشمئزاز،فى الوسط الإعلامي،و لا معنى لديمقراطية بلا صحف حرة.و فى هذا الجو الاحتفالي،سيبقى استقبال الرئيس محمد ولد غزوانى لجميع منافسيه فى الحملة المنصرمة ،و لأبرز الفرقاء السياسيين،مؤشر حنكة و تقدير للرأي الآخر،و لقد ظهرت هذه الروح و تعززت عمليا، فى مهرجان شنقيط،و مثلت أهم رافد للاستقرار و التهدئة السياسية، فيما بعد الانتخابات الرئاسية.أجل بمناسبة هذه الذكرى العطرة،التسع و الخمسين،لاستقلالنا عن المستعمر،لا نملك إلا أن نتذكر أيام الاحتفال بهذه الذكرى الغالية و نحن صغار،أيام كان الاحتفال بعيدنا الوطني أمرا ذى بال و نشوة،و أقول للجميع،كل عام و موريتانيا و جميع الموريتانيين بألف خير.