نظم بيت الشعر – نواكشوط؛ ندوة نقدية بقاعة النشاطات مساء أمس الخميس، بعنوان: “أدب الرحلة في بلاد شنقيط”
شارك فيها كل من الأستاذين:
– الدكتور محمذن ولد أحمد ولد المحبوب
– الدكتور محمد الأمين ولد الناتي
وفي المداخلة الأولى تطرق الدكتور محمذن ولد أحمد ولد المحبوب أستاذ الأدب العربي بالمعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية إلى أهمية أدب الرحلة، وذلك لمتعته وطرافته، فهو يمثل قناة الربط وجسر العبور بين الأمم والشعوب، من خلاله يطلع الرحالة على حياة البشر وطرائق عيشهم، مسجلا ما لقي من طرائف إكرامهم وغرائب طيشهم. ومن ثمة فهو يطلع الآخرين على الكثير من النكت والأسرار، فالسفر مرآة التجارب والأعاجيب، وهو على الحقيقة مدرسة العلم والحياة التي يتخرج منها الرحالة وقد اقتبس غزير المعارف والعلوم وتعرف على عديد الأعراق والشعوب.
وقسم الدكتور محمذن أدب الرحلة في بلاد شنقيط إلى رحلات منظومات وغير منظومات، فمن المنظومات: رحلة المختار بن بيبات ت 1338ه، ورحلة البشير بن امباريكي ت 1354هـ ورحلة عبد الودود بن سيدي عبد الله ، 1356ه، ورحلة أحمد بن يباه 1390ه، ورحلة بداه بن البصيري ت 1429هـ، ورحلة عبد الله بن أمين.
ومن غير المنظومات: رحلة المنى والمنة لمنشئها الطالب أحمد بن اطوير الجنة، الواداني ت 1265هـ، والحماسة السنية الكاملة المزية في الرحلة العلمية الشنقيطية التركزية للشيخ محمد محمود بن التلاميد ت 1322هـ، والرحلة الحجازية للفقيه محمد يحي الولاتي ت 1330ه، ورحلة محمد يحي بن أبوه ت 1349ه، ورحلة محمد فال بن باب ت 1349هـ، ورحلة الحج إلى بيت الله الحرام الشيخ محمد الامين الشنقيطي 1394هـ وغيرها.
وخلص في نهاية عرضه إلى القول إن كتابات أصحاب الرحالات الشنقيطية تعتبر منبرا لعرض المعارف والعلوم ومصدرا لوصف الأقاليم والبلدان، ومجمعا للشعر والفتوى، ومرصدا للعقائد وعلوم اللسان، ومألفا للفقه والتفسير، ومرجعا لمسائل المنطق والأصول، ومنتدى للمحاورة والجدال. فهي إذن موسوعات ثقافية تشحذ الذهن وتنير الفكر وتتيح فرص الاستزادة من مسطورات الطروس كما تسمح بمزيد من التعمق في استكمال الدروس.
أما الدكتور محمد الأمين ولد الناتي أستاذ الأدب الأندلسي بجامعة نواكشوط؛ فقد افتتح عرضه بالتأصيل التاريخي لأدب الرحلة عند العرب، وعدّد أمثلة من الرحلات التي استطاعات تقديم إسهامات بالغة في حقول الجغرافيا والتاريخ والأدب والأخبار والسير، فضلا عن سكان كافة الأقطار والأقاليم، كرحلة السيرافي بحرًا إلى المحيط الهندي في القرن الثالث الهجري، ورحلة سلام الترجمان إلى جبال القوقاز بتكليف من الخليفة العباسي الواثق للبحث عن سدّ يأجوج ومأجوج، “وقد روى الجغرافي ابن خُرْدَإذْبـُهْ أخبار هذه الرحلة” يقول المحاضر.
ثم تناول أهم المصنفات في أدب الرحلة معتبرا أن كتاب البيروني “تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة” يعتبر من أهم الكتب التي وصفت عقائد أهل الهند وعاداتهم وأنكحتهم وأعيادهم وأطعمتهم وطرائق حياتهم وخصائص لغتهم السنسكريتية، وهي لغة قديمة، تناول البيروني الخصائص المشتركة بينها مع اللغة العربية.
في ختام مداخلته؛ خلص الدكتور ولد الناتي إلى الحديث عن تداخل الرحلة في الوقت الراهن مع فنون عديدة كالأدب الروائي والمشاهدات الأدبية التي تمتطي صهوة الخيال، واعتبر أن رحلة الخيال التي يصف فيها الرحالة التجارب من منظور خيالي ويؤسسون لعالم افتراضي أصبحت هي النمط السائد في عصر تغيرت فيه أدوات النقل وتطورت وسائل التواصل.
وفي نهاية الندوة، تم فتح باب المداخلات للحاضرين الذين أثنوا على الدور الذي يقوم به بيت الشعر – نواكشوط من تنشيط للحركة الثقافية وإحياء التراث العربي. وتم التذكير بنشاط بيت الشعر الموالي.