من الأجوبة المسكتة عند الشناقطة
عرف العلامة مولود بن أحمد الجواد اليعقوبي بغزارة العلم وسعة الاطلاع وقد قيل له يوما إن فلانا يقول: لا يوجد مصدر على وزن فَعِلٍ. فقال مولود: كَذِبٌ.
♦️ ما حصل للعلامة مولود بن أحمد الجواد اليعقوبي نفسه حيث كان مع قوم يتراءون الهلال فرآه بعض القوم، فقال مولود رحمه الله: *رُبَّ صائمِه لن يصومَه وقائمِه لن يقومَه*
فقال أحد الحاضرين من هذا الذي لم يصل حروف الجر في الألفية؟ (يريد أن رب لا تدخل إلا على النكرة وأن مولود أدخلها على مضاف لمعرفة وهو معرفة وقد ذكر ابن مالك ذلك في حروف الجر حيث قال:
واخصص…. وبرُب منكرا والتاء لله ورب)، فقال مولود رحمه الله تعالى: ومن ذا الذي لم يتجاوزها؟!!
يشير إلى أن من تجاوز حروف الجر إلى الباب الذي بعدها وهو باب الإضافة علم أن الأوصاف العاملة لا تتعرف بالإضافة، ولذلك قال ابن مالك في الاضافة كرب راجينا عظيم الأمل…
♦️ كان الشيخ محمد بن حنبل الحسني رحمه الله آية في اللغة العربية وكان يوما ينشد في مجلس قصيدته التي يمدح بها الشيخ سيديا الغوث رحمه الله حتى وصل قوله:
*آلى الزمان ألية مبرورة*
*ألا يكون من الورى لك ثان*
فسئله أحد صغار الطلاب ياشيخ وما اللكثان ؟
فقال الشيخ على البديهة: اللكثان فعلان من اللكث وهو الضرب باليد مجتمعة.
♦️ كان الشيخ أعجوبة الدنيا أدبا وعلما محمد النانه بن المعلى الحسني رحمه الله ينشد قصيدة له يقول فيها:
…… .. والله قدر إنشاء الورى طينا
فقاطعه بعضهم سائلا:
ياشيخ ما الوراطين ؟
فقال الشيخ محمد النانه يمزح: الوراطين جمع ورطون وهو الشخص الذي يورط الناس!! هههههههههههه
♦️ كان العلامة المفسر الشيخ أحمد بن أحمذي الحسني رحمه الله حسن الخط، بديع النظم وقد كتب 72 مصحفا بخطه، ولما أكمل تفسيره مراقي الأواه كتبه بيمينه، وقد رأى بعض العوام مخطوطة المراقي فأعجب بها، فقال مخاطبا الشيخ: كتابكم هذا كُنز عجيب، -بضم الكاف- فقال الشيخ: لو فتحته كان أعجب.
♦️ شهد الشيخ العلامة محمد عالي بن عبد الودود جنازة، فأنشد فيها قول الهادي بن بدي العلوي رحمهم الله:
*لا بد أن سيقولُ يوما قائل*
*في عده من مات مات الهادي*
برفع “سيقول” فتطاول إليه بعض الحاضرين قائلا على وجه التغليط: لا بد أن سيقولَ بالنصب، فقال الشيخ بديهة: (علم أن سيكونُ منكم مرضى).
♦️ في معهدِ أبي تلميت كتبَ أحدهم ذات مرة مقالا أوردَ فيه عبارة “ينبغي له”، وقد كانَ في المعهد حينها أستاذٌ عربي – مسيحي – فغلَّطه وقال له:
هذا ليس بصواب، وإنَّما الصواب أن نقول “ينبغي عليه” ..
دار نقاشٌ حول الموضوع واجتمعَ من كان حاضرًا لإقناعه بالشواهدِ فلم يقتنع، وقد كان العلامة محمد سالم بن عدود رحمه الله موجودًا في أبي تلميت حينها وقد كانت بينه وبين الأستاذ العربي سابقُ معرفة، فقال الأستاذ العربي:
هلمَّ بنا إلى الشيخ عدود ليقضي بيننا ..
انطلقوا، والأستاذ العربي لا يحسِبُ إلا أن الشيخ عدود سينصرُ رأيَه ويشهدُ لكلامه، فلمَّا دخلوا عليه تولَّى الأستاذ العربي عرضَ القضية فلم يزِدِ الشيخ محمد سالم بن عدود رحمه الله على أن التفتَ إليه وقال: *” وما ينبغي للرحمن أنْ يتَّخِذَ ولدًا ” ..*
فبُهِت الأستاذ من جواب الشيخ لأنه فهِم مراده بالشاهدِ الذي جمعَ عليه الإنكار من جهةِ أسلوب العربية ومن جهة اعتقاده الباطل.
♦️ ونظير هذا ما اتفق لشيخنا العلامة أحمد (الحفيد) بن أحمذي رحمه الله وهو أن أحد الطلاب لمَّح إلى تلحين ابن مالك في قوله في الالفية:
……. والمصروف *قد لا ينصرف*
حيث زعم أن الجمع بين قد والنفي غير سائغ لغة،
فقال الشيخ: *قد لا تعدم الحسناء ذاما*
وهذا جواب مسكت من جهة أن هذا مثل عربي صالح للاستشهاد وقد اجتمعت فيه قد والنفي، مع أن معناه الذي يتبادر أن الشيخ أقر الطالب على تلحين ابن مالك وأن هذا لحن خفيف لا يقلل من شأن ابن مالك لان الكمال لله.
قلت: وسبب وهم الطالب أن قد تاتي للتحقيق وهو بالفعل مناف للنفي ولكنها تاتي للتقليل ولا منافاة بينه وبين النفي وما ذكره ابن مالك من الاخير وكذلك المثل للذي استشهد به شيخنا .
♦️ ومنها أن عبد الله المختار كان مع أخيه أحمد المنى بن انيه وكلاهما بنعمري إذ قدم عليهم رجال يسألون عن تبرير (منكور) في قول جدنا سيد عبد الله بن أحمد دام رحمهم الله جميعا:
….وغير نزر من الأقوال ( منكور)…
حين جاء باسم المفعول منكور من الثلاثي نكر والمعهود الذهني عندهم أن يأتي منكر من الرباعي أنكر بدل ذاك.
فأجابهم عبد الله المختار بن النيه على البديهة قائلا:
{فلما رأى أيديهم لاتصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة}.
فكان جوابا مسكتا لأن الفعل الثلاثي المتعدي وجد في القرآن وما دام الفعل الثلاثي المتعدي موجودا فلا غرابة في إتيان اسم المفعول منه.
♦️ سأل أحد العوام شيخنا العلامة محمد بن محمد حامد بن آلا الحسني رحمهم الله فقال: يا شيخ يَصْلِحُ أن أقول كذا ؟ -بكسر لام يصلح- فقال الشيخ: يصلِح لا يصلَح ولا يصلُح.
♦️ قال لي أحد الطلاب سابقا: إنه لا يوجد كلامٌ مؤلفٌ من إسمين أحدهما محقق والآخر مقدر. فقلت له: صه، فضحك الاستاذ محمد عبد الله بن القاضي اليوسفي وكان حاضرا.
جمعه ورتبه: أحمد بن خيران الحسني