
ظرافات.. وظرفاء (19) / الأستاذ: محمدو سالم ولد جدو
أمر المأمون أن يحمل إليه عشرة من الزنادقة سموا له بالبصرة فجمعوا وأبصرهم طفيلي فقال: ما اجتمع هؤلاء إلا لصنيع (أي وليمة) فانسل فدخل وسطهم ومضى بهم الأعوان حتى انتهوا بهم إلى زورق قد أعد لهم فقال الطفيلي: هي نزهة! فدخل معهم، فلم يكن بأسرع من أن قيدوا وقيد معهم الطفيلي ثم سِيرَ بهم إلى بغداد فأدخلوا على المأمون فجعل يدعوهم بأسمائهم رجلاً رجلاً فيأمر بضرب رقابهم حتى وصل إلى الطفيلي وقد استوفى العدة فقال للموكلين: ما شأن هذا؟ قالوا: والله ما ندري غير أنا وجدناه مع القوم فجئنا به.
فقال له المأمون: ما قصتك ويلك؟! قال: يا أمير المؤمنين.. امرأته طالق إن كان يعرف من أحوالهم شيئاً ولا مما يدينون الله به، إنما أنا رجل طفيلي رأيتهم مجتمعين فظننتهم ذاهبين لدعوة. فضحك المأمون وقال: يؤدب.
***
أقبل طفيلي إلى دعوة فوجد الباب مرتجا ولا سبيل إلى الوصول فسأل عن صاحب الدعوة هل له ولد غائب أو شريك في سفر؟ فأخبر أن له ولدا ببلد كذا.
فأخذ رقا أبيض وطواه وطبع عليه ثم أقبل متدللا فقعقع الباب قعقعة شديدة واستفتح وذكر أنه رسول من ولد الرجل ففتح له الباب وتلقاه الرجل فرحا وقال: كيف تركت ولدي؟ قال له: بأحسن حال وما أقدر أن أكلمك من الجوع! فأمر بالطعام فقدم إليه وجعل يأكل، ثم قال له الرجل: أما كتب كتابا معك قال: نعم, ودفع إليه الكتاب. فوجد طين الختم طريا، فقال له: أرى الطين طريا! قال: نعم، وأزيدك أنه من الكد ما كتب فيه شيئا! فقال: أطفيلي أنت؟ قال: نعم أصلحك الله. قال: كل: لا هنأك الله.