ظرافات.. وظرفاء (4) / الأستاذ: محمدو سالم ولد جدو
قال أبو الفرج الأصفهاني: مات رجل من جند أهل الشأم عظيم القدر، له فيهم عز وعدد؛ فحضر الحجاج جنازته وصلى عليه وجلس على قبره، وقال: لينزل إليه بعض إخوانه، فنزل نفرٌ منهم، فقال أحدهم وهو يسوي التراب عليه: رحمك الله أبا قنان، إن كنت – ما علمت- لتجيد الغناء، وتسرع رد الكأس، ولقد وقعت في موضع سوء لا تخرج منه والله إلى يوم القيامة! فما تمالك الحجاج أن ضحك (وكان لا يكثر الضحك في جد ولا هزلٍ) فقال له: أهذا موضع هذا لا أم لك! فقال: أصلح الله الأمير، فرسي حبيسٌ في سبيل الله لو سمعه الأمير وهو يغني:
يا لبينى أوقدي النارا ** إن من تهوين قد حارا
لـ[…]* الأمير على سعنة (وكان الميت يلقب بسعنة) فقال: إنا لله أخرجوه من القبر! (يعني القائل) ما أبين حجة أهل العراق في جهلكم يا أهل الشأم!
قال: وكان سعنة هذا الميت من أوحش خلق الله كلهم صورةً، وأذمهم قامةً. فلم يبق أحد حضر القبر إلا استفرغ ضحكاً.
قال ابن دراج: مرت بي جنازة – ومعي ابني- ومع الميت امرأة تبكيه وتقول: بك يذهبون إلى بيت لا فراش فيه ولا وطاء، ولا ضيافة ولا غطاء، ولا خبز فيه ولا ماء. فقال لي ابني: يا أبت إلى بيتنا – والله- يذهبون بهذه الجنازة. فقلت له: وكيف ويلك؟ قال: لأن هذه صفة بيتنا!.
صلى الدلال (وهو أحد مُجَّان الحجاز) بمكةً خلف واليها فقرأ الوالي: {وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون} فقال الدلال: لا أدري والله! فضحك أكثر الناس وقطعوا الصلاة. فلما قضى الوالي صلاته أقبل غضبان على الدلال وقال له: ويلك! ألا تدع هذا المجون والسفه؟ فقال الدلال: كنت أحسبك تعبد الله، فلما سمعتك تستفهم، ظننت أنك تشككت في ربك فثبتُّك!.
___________
* كلمة ماجنة جدا.