أعلام

العلامة القاضي الخرشي ولد عبد الله الحاجي

يقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامدن عن “أهل الحاج” في موسوعته:
“أهل الحاج فرع عظيم كريم عزيز من بطن إديشف ينتمي إلى جده الأكبر الحاج المختار بن الطالب علي بن باب أحمد بن القاضي محمد بن القاضي علي بن القاضي يرزق بن الحسن بن القاضي يوسف.
وكان والدهم المذكور من أولياء الكسب والجد حكيما في أقواله وأفعاله، جلداً لا تقنطه الرزايا غائبا في الله لا يخشى فيه لومة لائم.
خرج عن بلاد قبيلته معتزلا الحرب التي تدور بين القبائل تورعا حتى نزل في أقصى شمال غرب آفطوط وتزوج بتصلح بنت مَحَمُودَنْ من أولاد أبييري.
وكان ينزل وحده وهو أول من أخرج الماء في “آوكار” ، ولما أن اهتم بحفر الآبار فيه قيل له في ذلك وأنه يُدعى “قديما” آوكار الأبكم”، فقال “سنكلمه بإذن الله تعالى”، فحقق الله رجاءه وصلح له فيه 27 بئرا منها بئر “لمليحس” ثم “ماليل” ثم “بير الله” وأقام بآوكار مدة كان يجتمع فيها بولي الله آبيه أتفاع الخطاط، دفين آنتر بإينشيري، وقيل أنه انتقد عليه يوما مسائل منها سكناه منفردا فأجابه عن جميعها وقال له في انفراده إن سببه كونه غريبا عن أهله وأوطانه فسكن وحده كي تعرف أولاده الانفراد عن الناس وأنها تأتيهم ولا يأتونها، وقد حج حجتين لم يعد من الأخيرة منهما.
وقد خلف أولاده الأكابر الذين كانت بداية عزهم نهاية عزه لعلومهم وصلاحهم ومكاشفاتهم الخارقة وكرامتهم الباهرة وهباتهم المغنية ومواساتهم المنعشة الكافية، فانسابت الأرواح إلى ساحاتهم الخصبة والأشباح إلى مساكنتهم العذبة، يهرعون إليهم من سائر البلاد وتغنى بمدحهم الحاضر والبادي ولو تتبعنا ما قيل في مدائحهم عموما وأفرادا لاحتجنا إلى كتاب ضخم ولكن ما لا يحاط به جملة لا يترك جملة …..
خلف ولي الله الحاج المختار أولاده الأربعة: عبد الودود وعبد الفتاح ومحمد وإچيچبي، ومن كل هؤلاء فرع خصيب بالأولياء والعلماء والاسخياء” . انتهى من كلام ابن حامدن

وينقل العلامة المؤرخ هارون ولد الشيخ سيديا فى ” كتاب الأخبار” ناقلا عن العالم المؤرخ النسابة سدات ولد بابا ولد الشيخ المصطف الأبييري نقلا عن جده الشيخ المصطف بن العربي الأبييري:
الحاج المختار ابن الطالب علي ابن محمد گرير بن يوسف الملقب إديشف من تجكانت القبيلة المعروفة بالعلم والكرم والمجد .
وقد خرج المختار عن قومه تَوَرُّعاً من الحروب التي كانت جارية في ذاك الزمن بين قبيلته زمان تنيگي.
نزل الحاج المختار على “إدادهس” أولاد عيسى وتزوج تَصلحْ بنت مَحَمُوداً ابن مَحَم ابن الفال ابن اجبج ابن عيسى ابن أدهس ، وهي أم بنيه محمد دفين بئر تسمى الأعوج بقرية سبخة الجل، وعبد الودود وعبد الفتاح ويعرف بالداد، ومريم صاحبة الحبس على محمد بن محمد سالم، و أمهم تصلح، وأخوهم إچيچبي ليس شقيقهم وأمه بنت أوداعَ .
وكان الحاج المختار نزل في أوكار ويسكن وحده غالبا وقد كلمه ألفع الخطاط فى السكنى وحده فقال له معتذرا إنه غريب ويريد أن يعود ابناءه على السكنى وحدهم وأن يكونوا هم الذين يوتون . وقد حج الحاج المختار أولا ثم رجع ثم حج ثانيا ولم يرجع بعد ذلك
و قد اشتهر الحاج المختار و بنوه بين الزوايا ومدحوا كثيرا من الأمداح ” انتهى كلام سيدات ولد بابا ولد الشيخ المصطف.

ويقول المستشرق والمؤرخ الاجتماعي الفرنسي “بيير بونت” في كتابه “إمارة أدرار”:
“وإضافة إلى الإشعاع الديني والمعرفي لمدرستهم المتنقلة، فإن تأثير أهل الحاج المختار خلال القرن التاسع عشر كان مؤسساً على العلاقات المتميزة التي كانت تربطهم بإمارة آدرار وبدأت تلك العلاقة بحلف رَبَّاني بين أحد أجدادهم مع عثمان الأمير الأول. وبصفة عملية فإن أهل الحاج المختار ابتداء من أحمد ولد عيده بالخصوص سيلعبون دور المستشارين الدينيين والسياسيين للأمراء. وكانوا يُعلمون الإسلام في الحلة الأميرية وكانوا أيضا كثيرا ما يُكلفون بالصُّربَه (وفود الصلح) التي يبعثها الأمراء “.

ويقول المستشرق الفرنسي”آلبير لريش” في مقال له في مجلة المعهد الفرنسي لإفريقيا السوداء، 1951: و هكذا تعلم أحمد ولد عيدة آخر أمير لأدرار و هو ما زال شابا القرآن علي يد المحفظة فاطمة بنت عبد الودود من أهل الحاج.
و في هذا الجو الروحاني و الثقافي الأصيل بدأت ملامح شخصية الأمير المقدام تتشكل علي أساس التشبث بتعاليم الدين و حب الوطن و حماية المسلمين المهددين في ديارهم.
ويضيف “آلبير لريش” متحدثا عن اهتمامهم بالعلم:
“حدثني العلامة المختار ولد حامدن أن أحد رجال أولاد أبي السباع يدعي عبد المعطي و هو عالم من أولاد البگار هو أول من أتي بكتب عربية مطبوعة من المغرب سنة 1875. وقد اشتراها بالخصوص أهل الحاج قبيلة علم في آدرار لها علاقات بالعائلة الأميرية، و أهل عبد العزيز من أهل بارك الله نواذيبو، و أهل بوحبيني بطن من تندغة أگجوجت”

يقول المؤرخ صالح ولد عبد الوهاب في كتابه “الحسوة البسانية” إن أهل الحاج هم :” العلماء المشهورون أصحاب المدرسة و التلامذة والرئاسة الدينية والدنيوية الذين تفتخر بهم الزاوية والعرب”.

يقول العلامة محمد ولد محمد سالم في وصفه لأهل الحاج: “رجال مؤمنون و نساء مؤمنات”
هو الوصف الذي كان الإمام الأكبر بداه ولد البصيري برّد الله مضجعه يستعمله إذا تحدث عن أهل الحاج.

وفي رسالة من العلامة محنض باب ولد اعبيد الديماني إلى أهل الحاج يكتب بخط يده: ” إلى أشياخ أشياخ عامة الإسلام الأفاضل السادات الأعلام آل الحاج المختار الكرام “.

ويعدّد العلامة المؤرخ المختار ولد حامدن علماء أهل الحاج في كتابه “الحياة الثقافية” في حديثه عن رجالات مدرسة ايديشف الجكنيين:
الحاج المختار بن الطالب على بن باب أحمد بن القاضي محمد جد قبيلة “أهل الحاج” المعروفين في آدرار والقاضي محمد هذا هو الذي يجتمع عنده أهل الحاج و “أهل أيَّه”.
– عبد الودود وعبد الفتاح ومحمد وإچيچبي أبناء الحاج المختار
– الحاج بن عبد الودود بن الحاج المختار
– لفضل بن عبد الودود بن الحاج المختار
– محمد باب بن الأفضل
– محمد بن عبد الودود بن الحاج المختار
– عبد الله بن محمد
– الخراشي بن عبد الله
– عبد الودود بن محمد بن عبد الودود كانت تجتمع عنده مائة عريش معمورة بطلبة العلم
– المامي بن عبد الودود
– أحمد محمود بن عبد الودود، توفي
– عبد الله الملقب “الداهي” بن محمد بن عبد الودود
– محمد باب بن عبد الله بن أحمد بن الداهي أخذ عن يحظية بن عبد الودود ”

تمام الحج أن تقف المطايا :: على خرقاء واضعة اللثام

الخرشي بن عبد الله بن محمد بن الحاج المختار، ولد سنة 1818 بمنطقة تيرس، وتربى على ما ينشأ عليه ناشئ الفتيان من قومه، فحفظ القرآن وتلقى مبادئ علوم الشرع والعربية على ذوية وتعمق في العلوم في محاظر أهله، ثم تاقت نفسة للاستزادة من العلم، فمكث سبع سنوات في محظرة العلامة محنض بابَه ولد اعبيد الديماني، ثم توجه تلقاء محظرة “الكحلاء والصفراء” فدرس على شيخها محمد محمود بن حبيب الله (حَيْبَلَّ) بن القاضي الإچيچبي، ودرس على أحمد زروق بن بلعمش الأبييري. فكان آية في الذكاء والفهم والحفظ والضبط. وعرف بالورع الشديد والجد في طلب العلم.
تصدر للتدييس وتوسعت محظرته في إنشيري وتيرس. ودرس عليه علماء منهم: أحمد بن بدي العلوي، وابن عبدم بن عبد الله الديماني، ومحمد عبد الله بن سيدي عبدل، ومُحمَّد سالم بن أحمد محمود، والشيخ بن أحمد محمود الثلاثة من أولاد أبييري ثم من (أولاد خاچيل)، وسيدي بن ابلول الحاجي (والد المختار)، والإمام بن اعمر بن بُدَّ الأبييري، وأتفع الأمين بن أحمد زروق الأبييري، ومُحمَّد عبد الرحمن بن المبارك بن اليمين الگناني، ومحمد عبد الرحمن بن الغلاوي وغيرهم من العلماء.

كان يتنقل بين تيرس وآوكار وأگان، وقد استقضاه الأمير بكار بن اسويد أحمد في إيالته (منطقة تگانت) فترة من الزمن.
يقول العلامة المؤرخ المختار ولد حامدن : “الخرشي بن عبد الله علامة ورع وشيخ مربٍ ذو كرامات … وكان بكار بن اسوید احمد أمير تگانت يعظمه وما زالت أولاده تكرم أولاده حتى الآن”.

عرف الخرشي بالورع الشديد وحب الخمول وهضم النفس والتمسك بالكتاب والسنة، جاءته ذات مرة إحدى بناته “مغتاظة” لأن زوجها تزوج عليها بثانية فقال لها: عندما تسمعين أنه تزوج الخامسة ستعرفين أن لك أبًا
فقال له البعض مستغربا موقفه: يعطي اشرعْ إلِّ اتهابْ الرقبة
قال لهم: ماهِ رقبة الخرشي بالتصغير .
وكان لا يحب المدح ويعرض عن سماعه، وكان تلميذه الشاعر الفذ مُحمَّد عبد الرحمن بن المبارك بن اليمين الگناني لقد لزم غرزه خمس عشرة سنة يدرس عليه، و أنشأ (إطلع) في مدحه وكان ان يعلم أنه لا يحب أن يُمدح لفرط تواضعه فاحتال عليه ذات مرة وقد وجده جالسا على إليويشه خارج خيمته، فقال له عندي مدح هنا لأحد المشايخ أحب أن تسمعه مني، فقال له: واللهِ ذال إلِّ اتگولُو اتومَ الشرفاء كامل ابّركتو احكِي، فأنشده:
نص المنهج وابن الحاجب :: واكلامْ ابن القاسم واشهب
وأگـوامْ السُـنّ والـــواجب :: والـديــن إلّ لاهِ يذهـب
دايــرهــم شَيْخِ فاحزامُ :: وايديه وجَـيبُ واكمام
تـورس مــدهـوكَ گـدام :: حد امعاه امشَ ما يذهب
والمذهب فايديه َاحكامُ :: يحكمْ ب اقْوِيّاتْ المذهب
والدهر إلا خــَوّصْ عامُ :: ؤعــاد إظلْ العالم يلهب
للرزق إگـلّبْ تخـمـامُ :: فم اعودْ من الناسْ ارتَبْ
وِگــِيم ؤيصـبح فامْگامُ :: يتــلِ واكــررْ وِگــلّبْ
نص المنهج وابن الحاجب :: واكلام ابن القاسم واشهب
وأگـوامْ السُـنّ والـــواجب :: والـديــن إلّ لاهِ يذهـب

من يـومْ اخلــگ هـو هـارب :: بالـدين ؤللدني سـارب
واهجر عــنُو للـمَـشــارب :: لهجــار اللي ما يـطبـبْ
ما گـط احظر فامر الگـارب :: فـالدهر ؤلا گــط اسّبب ْ
للمـــلح ؤلا يمـشِ جالب :: واشتد ؤخرّفْ ما عــزبْ
جرّبــتُ كـــل الــتجـارب :: شفتْ امسالَ فيه اتعجّبْ
يفرح لـ انْـزول المصــايب :: والنـحــــو إدبُّ وإدبّـب

نص المنهج وابن الحاجب
وابّاشْ الطلبَ مـا جــابُ :: شِ امنِ الل جابْ ؤلاصابُ
من عاگب مالك واصحابُ :: تلحگ فيه العالم لَحْدَبْ
ما يلحگ شغلُ فـ اكـتاب :: وأدْبُ وادريــسُ للمكتب
بـاش الماعادْ امن أسبابُ :: باجــمالُ وانياگُ يَحطَبْ
يركــب و إحلبْ تحلاب :: والخِـرْشِ يـركب وِحلّب
نص المنهج وابن الحاجب
وما إن ذكر اسمه حتي هب الخرشي واقفا وطوى إلويشه قائلا: انت عايد ذيك أخبارك

أجمع الناس على علم العلامة الخرشي وزهده وورعه الشديد، عاش رحمه الله 59 سنة، عمر لم يطل لكنه كان كان عريضا، ودفن رحمه عند “ملزم عيشان” بمنطقة أگان.
يقول العلامة باب ولد الشيخ سيديا في رثائه وهو حينها شاب يافع:
أيا ناعي الخرشي ويحك من تنعي :: نعيت قوام الدين والمجد و الشرع
أحاتم هذا الشرع تنعيه جاهلا :: ومالك علم الدين والأصل والفرع
نعيت إمام المسلمين وشيخها :: ونافعها أيام لم يبق ذو نفع
وواعظها المذكار في غفلاتها :: وزاجر أهل الزيغ والجاهل البدعي
يدور مع الحق القويم مداره :: تواضع فازداد ارتفاعا على رفع
جواد يعين البائسين بماله :: وما كان من زرع لديه ومن ضرع
هو المنفق المنحار للكوم شاتيا :: وجلتها والبازل الضخم والجذع
عبوس إذا لاقى البغاة عذَوّرٌ :: رؤوف إذا لاقى الفقير أبا السبع
ومن حاد عن نهج الشريعة والهدى :: يبادره بالزجر والركض والصفع
هو العابد الأواه جهرا وخفية :: تلقى حدود الله بالطوع والسمع
ولو أكثر الراثون فيه مقالهم :: لما جاوزوا من نعله عقد الشسع
ولو أطنب المثنون فيه وأوجزوا :: لما جاوزوا من مدحه عشر التسع
على أن أمر الله لابد واقع :: رضينا بذاك الأمر والوعد والصنع
فيارب ضاعف للهمام أجوره :: وبوئه دار الخلد في ملتقى الجمع
وجدد لآل الشيخ يارب ما عفا :: برسم العلا والدين المجد والنفع

وعما تبقى من حميد خصاله :: أرى الصمتَ أولى بي من أن أتكلّما

رحم الله السلف وبارك في الخلف

كامل الود

من صفحة sidi mohamed إكس ولد إكس اكرك سابقا


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى