للإصلاح كلمة: تكتب عن ثاني جمعة تمر بعد طوفان/ محمدو البار
يقال إن من أسماء سورة التوبة “الفاضحة”، لأن الله أنزل فيها على رسوله ما كشف فيه عورات المنافقين من العرب في تعاملهم معه صلى الله عليه وسلم ليعرفهم للنبي صلى الله عليه وسلم بأسمائهم ونوع كلامهم إلى آخره.
ومن هنا نعرف أن العرب منهم أهل بدر وأهل بيعة شجرة الرضوان وفيهم من نزل فيه قوله تعالى: {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} ونزل فيهم كذلك قوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}، ومنهم من قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهم صبر عند اللقاء ويقلون عند الطمع ويكثرون عند الفزع، إلى آخر ما يعرفه المسلم من سبب اختيار الله لهم شجاعة ونبلا وأخلاقا وتواضعا لإيصال رسالته الأخيرة إلى عباده في الأرض ليتميز بالإعراض عنها واتباعها الخبيث من الطيب.
وفى نفس الوقت جعل من العرب منافقون مردوا على النفاق كره الله انبعاثهم في الجهاد فثبطهم عنه، مبينا لرسوله صلى الله عليه وسلم السبب في قوله تعالى: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا}، إلى قوله تعالى: {وفيكم سماعون لهم} إلخ الآية.
ومن ذلك قوله تعالى: {إن تصبك حسنة تسؤهم وإن تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون}.
وجواب المجاهدين لهم آنذاك تكرره الآن حماس، وهو: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}.
هذه الصورة أعلاه هي الكاشفة دائما لاختيار الله لبعض عباده وتركه لبعضهم يتخبط في الدنيا {كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى} لا يريد منها إلا متاعها.
إن العرب كما هو معلوم للجميع أعطاهم الله خصائص خاصة بهم حافظوا عليها، وأعظمها عندهم إباء الضيم والاحتقار، ونزع الكرامة وإظهار التضعضع للعدو والمحافظة على رعاية الحريم والجار والمستغيث، وكل هذا مسجل في التاريخ عندهم، أنه:
لا يسلم ابن حرة زميله *** حتى يموت أو يرى سبيله
فجاءهم الإسلام فوجد عندهم حلف الفضول، حلف يجمع جميع الخصائل الحميدة، يموتون دونها، وقد زادهم بحلف الإيمان، والتأكيد على حفظ العهد المنزل من خالق الكون كله ليقول لهم فيه: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين}.
فلبسوه فوق وداخل إيمانهم لما قاله ربهم، فهذا الإيمان في ذلك الاصل هو الذي ما زالت أبناء شعوبه متمسكة به في قلوبها، ولكن مع الأسف جعله قادتها الحاليين – إلا أقل من أصابع اليد مثل قطر والكويت – وقودا لتلك القلوب لحرقها ولعذابها حية أشد من حرق وعذاب اليهود لنساء وأطفال غزة.
فأول ما يلتفت إليه عادة صاحب الخطر هو جاره القريب، ولا سيما إذا جمعته معه عقيدة تنادي عليه بوجوب النصرة، ولكن مع الأسف أيضا “لا حياة لمن تنادي”.
ولذا، فما هو الفرق بين القادة الأحياء والقادة الموتى، ولا سيما دول الطوق، علما بأن فلسطين لم تأخذها اليهود من أبطالها الفلسطينيين، فغزة أخذتها من مصر، والضفة الغربية من الأردن، وشبعة من لبنان، والجولان من سوريا.
أيها القادة الأحياء الموتى فبعد عدم حيائكم من الله في قتل الذين يأمرون بالقسط من الناس، أما تستحيون من إجماع شعوبكم على رفض خنوعكم واستسلامكم المميت لأخبث خلق الله فوق أرض الله وتتحركون ولو تحرك المحتضر فتحركوا الجيش أبناء الشعب ولو تنزعوا سلاحه ليرى الجميع أنه موجود، وليعلم الجميع كذلك أنكم ما زلتم من جنس البشر، وأن نسبتكم للعرب ليس نسبا فريا.
ومن هنا، نناشد نحن الموريتانيين رئيسنا الذي ذهب إلى مقاعد الجامعة العربية الفارغة دائما أن يصدر فوقها ما يحزن العدو ويرضى الصديق، نناشده ليأخذ لنا صورة من هؤلاء القادة لنختبر بها فكر شعبنا لأي خلق من خلق الله يضيف إليه هذه الصورة، ونقول لك إن شعوبهم تكره موقفهم هذا كما يكره الشعب الموريتاني قانون النوع.
أما أنتم أبطال السابع من أكتوبر، وقد جعلتم أنفسكم دائما مشاريع للشهادة، فليس عند هذا الحي القصي إلا أن نقول لكم هنيئا لكم عند ما قلتم لليهود ما أمر الله المجاهدين بقوله: “قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا فتربصوا إنا معكم متربصون}.