مع الفخامة ولد الشيخ سيديا
ساعتان مع القوم :
لم يدرك أمه عائشة بنت احمد ولد الشيخ سيديا على روحها الرحمة؛ التي ارتقت وهو رضيع ابن خمسة أسابيع. تعهده أخواله وإخوته العلماء وأخواته العالمات بالرعاية والعناية.
نال دثارا غير يسير من دعاء وعناية والده المنعم الشيخ عبد الرحمن ولد محمد (الحكومه)
أخذ القرآن والفقه على يد عم والده الشيخ يحيى ألبسه الله ثوب الرضوان؛ وتتلمذ في أكثر المتون المحظرية على أيدي أخويه الأكبرين أحمد ثم الشيخ سيدي رحمه الله.
كان آخر ماتلقاه “ورقات الجويني” نهاية تسعينيات القرن الفارط على يد الشيخ أحمد ولد الحكومه في مكة المكرمة.
تلقى تعليما محظريا متكاملا ناهز العشرين عاما. شمل كل المتون القارة في المحظرة.
يقرض الشعر الرقيق وله ذائقة مرهفة؛ ومما لا يعلمه الكثيرون أنه لا يحرم السماع؛ وأنه جمالي حد الثمالة ضليع بعوالم التيدينيت الفسيحة.
لايتذكر أنه تعرض للعقوبة البدنية من قبل مدرسي القرآن في صباه ويعتقد أن ذلك أثر في منهجه مع تلامذته.
يعتبر أن الإجازة في القرآن للرجال و للنساء ينبغي أن تكون بالاستحقاق وليس بالجنس؛ رغم أنه لم يجز امرأة في القرآن.
يعتبر أن التصوف ضرورة زمنية لا تنحسر ولا تنتشر ولا تنكسر؛ وأن الحاجة إليها قائمة؛ مهما وقع السالكون في لحوم أهل الذوق والعرفان.
وأن مايرومه القوم من الجمع بين العلم والعمل والحال طريقة وشريعة وحقيقة؛ من أعظم صور الفوز في معركة الحيوات.
يرى أن التقوى هي المنجاة و النور الذي لامحيد للعبد عنه ليخشى. وأن تجديد العهود مع الإخوة الجيران برور للأسلاف ومطلب ديني وأخلاقي في زمن وحدت فيه التكنولوجيا الوصل وأبقت الجغرافيا فيه على قانون التنائي.
أجاز مئات من حفظة القرآن؛ ويتكفل بالآلاف في قرية البلد الأمين التي أسسها في ريف بتلميت.
يعتبر أن ممارسة السياسة تتأرجح بين فرض العين وفرض الكفاية حسب مقتضيات الحال؛ ويجيز تعليم البنات والمدرسة الحديثة؛ لحاجة المجتمع إلى الأطباء والمهندسين.
ولأن تفرق الأمة على العلوم الشرعية واليقينية يفضي إلى غنى وثراء.
في زمن الفيسبوك والانستغرام والواتساب؛ يرى الصوفي الذاكر أن إعلاء كلمة الله والمحافظة على الذكر؛ يجب أن تكون إكسيرا ومنهاجا.
لأن الذاكرين في أيامنا كالقابض على الجمر؛ يغالبون فضاءات ناعمة على جفاف عاصفة على شحوب. وأن القوم في مقدمة تلك المغالبة.
يُذكّر بطرافةٍ عالمة السادة اللغويين بتغليظ راء الأرياف وترقيق راء الإرهاب.
الشيخ سيدي محمد ولد الحكومة الملقب الفخامه؛ خصني هذا المساء في العاصمة السنغالية داكار بمجلس مغلق مر سريعا رغم دقائقه التي زادت على المائة. شعرت كأني اكتشفته للتو وهو ابن الخالة وابن العم الذي عرفته منذ عرفت الدنيا.
ليس هينا أن تسجل انطباعا عن فرد من عائلتك وقذه القرب؛ لكن حين يكون المتحدث عنه والمتحدث معه الفخامه؛ يكون قمينا بالاجتراح.
سألته عمادار في خلدي في التصوف والتسيس والتمدين والكشوفات؛ فأجابني ببذخ وموسوعية.
وجدته كما عهدته طريفا ظريفا نبها عالما. أوتي حظا من الرواية والدراية والدعابة؛ يتنفس قرآنا وشعرا.
تملكه الحياء والعرفان حين طارحته في كرامات الصالحين؛ فخلص إلى أن ثقته بالله زادته شفقة على نفسه وفقرا إلى خالقه وحبا لعباد المعبود.
ودعته وضباب داكار في فبراير يسدل ستائره. ونسائم الأطلس الإفريقي تزاحم مجالس القوم وقلبي معلق بمعاودة الكرّة؛ فالشيخ الفخامة من الجلساء الذين يشعرونك أن الدنيا بخير.
من صفحة الأستاذ/ إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا