ملاحظاتي على الوثيقة المسربة / محمد سالم ولد الوذان
المبتدأ اسم معرفة يشترك مع الفاعل في صفات متعددة أولها الرفع وفى كونهما يتقدمان ويتأخران وإن اختلفا في الأدوار والتأثير اللغوي والدلالي والاحتفاظ باللقب فالفاعل إذا تقدم صار مبتدأ أما المبتدأ برغم احتلاله الصدارة في الأغلب الغالب فإنه يتأخر احيانا جوازا أو وجوبا لكنه عكس زميله الفاعل يظل محتفظا بلقبه؛ ولعل اشتراك الإثنين في بعض الصفات ولعل والمؤهلات اللغوية لبعض طواقم الإ دارة هو السر الكامن وراء صياغة الوثائق المسربة : موضع حديث الساعة وشغل الطبقة السياسية الشاغل هذه الأيام .
فإما ان يكون معدوا هذه الوثائق أرادوا ابراز قدراتهم اللغوية ومعرفتهم بالقواعد فعمدوا إلي تأخير المبتدأ دون مراعاة لجواز ذلك أو وجوبه ومنعوا الفاعل من الصدارة لا حفاظا على دوره ومنحوا نقيضيه المفعول به ميزة الصدارة ظنا منهم أن جلباب الفاعل سيكسبه القدرة على الفعل .
أما الاتهام لهذ الكم الكبير من المؤتمنين على الشأن العام بعدم الجدية وتعمد الوقوع في الخطإ واعتماد معايير لا قدر الله تشتم منها رائحة اللامبالاة واشياء أخرى لا استطيع التلفظ بها فأعتقد أنه غير وارد على الاطلاق فكل المعنيين موضع ثقة وجلهم أ هل لها؛ وانطلاقا من تلك الثقة وهذه الأهلية تقوى ارجحية التعامل مع التقارير المسربة من ناحية ابراز المعرفة بقواعد اللغة وجواز تأخير المبتدأ وإلباس المفعول به جلباب الفاعل لكن الجديد الذى ليس مشهورا عند كل النحاة بل يندرج ضمن قائمة المحظورات هو تأخير المبتدأ دون سبب يجيز ذلك و استحالة إمكانية تحَويل المفعول به إلى فاعل. وهذا مالم ينتبه له محررو تلك الوثائق حتي لا أقول تعمدوا اغفاله فأنا اكره كيل الاتهامات وأتحاشى استخدام العبارات الدالة عليه وأميل إ لي الانصاف ميلى إلى قول الحقيقة بل شغفي بالحقيقة لا يماثله إلا شغفي بالإنصاف لذا انتقد على غيرى من الذين اهتموا بهذا الموضوع وهم كثر تعميم مجانبة التقارير للواقع وتعميم القصد والنية المبيتين فهذه التقارير رغم المآخذ عليها ووفرة هذه المآخذ تقترب أحيانا من ملامسة الواقع وإن بطريقة يصفها البعض لا انا بالخجولة.
كما أنبه المنتقدين إلى استحالة تعميم وجود تواطئ بين هذ الكم من المصادر المؤتمنة على نقل الحقائق بدقة متناهية وعدم درايتهم بأهمية الدقة في نقل الواقع الذى يعتبر الأساس الذى تبنى عليه كل الخطط والاستراتيجيات حتى في المجال السياسي .