بين بيت الشعر واتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين
البيت والاتحاد
مايعجبني في بيت الشعر، هو سياسته الواضحة المبنية على الشفافية والوضوح، البعيدة من الانتقاء والزبونية، فمند تأسس هذا البيت وهو ينتهج سياسة متوازنة اتجاه الأدباء دون ميل ولامحاباة، ففي نشاطه نصف الشهري وفي مهرجانه السنوي يحرص بيت الشعر ومديره الدكتور عبد الله السيد، على إشراك جميع الأدباء وإتاحة الفرصة لكل شاعر أو أديب،، ليقدم نفسه ويعرض إنتاجه لجماهير الشعر الباحثين عن المتعة والجمال،
وانما الشعر لب المرء يعرضه علي الجماهير ان كيسا وان حمقا
حيث يتيح بيت الشعر الفرصة لكل شاعر لعرض إنتاجه على جماهير الشعر، وفق مسطرة محددة وبرنامج واضح يقوم على إشراك الجميع، دون ميل أو انحياز لشاعر على حساب شاعر آخر
فمن النادر جدا أن يسمح للشاعر بأكثر من مشاركة واحدة في السنة، ما دام في الطابور شاعر ينتظر وصول الدور إليه، حتى لا يقال يوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا
كل ذلك يقوم به بيت الشعر، دون أن يكون له مكتب تنفيذي أو مجلس أعلى أو لجنة تسيير، أوقوانيبن مالية مكتوبة ومطبوعة، أولجنة صفقات، أو مشتريات، كما هو حال شقيقه الأكبر اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين،
حيث أرهقت هذه الأشياء اتحاد الأدباء منذ زمن طويل وكادت ترمي به في ستين داهية، وجعلته٠ عاجزا عن استيعاب الشعراء، وعاجزا عن أداء رسالته المنوطة به، كما أراد له جيل التأسيس من الأدباء،
إلى أن تدخلت الجهة الوصية، فاستقلت الفاتيكان عن روما والضفة عن القطاع، وانقسم الاتحاد إلى شطرين، أحدهما شعبي، والآخر فصيح عربي الوجه واليد واللسان،
وعاد الاتحاد سيرته الأولى اتحادا فصيحا يتحدث بلسان عربي مبين لا وجود للشعبي فيه،
وتم التوافق جهارا نهارا بين الجهة الوصية وبين الأدباء،، على أن تمنح رئاسة الاتحاد للخليل النحوي،
فجاءته الرئاسة منقادة تجرر أذيالها!!
مما أعطى الأمل في أن يكون يوم الاتحاد أفضل من أمسه، وغده أفضل من يومه،
فرئاسة الخليل للاتحاد مؤشر على أن الاتحاد سيتعافى من محنته، ويشفى من جميع علله وأمراضه التي أرهقته حينا من الدهر،
مع أن مشكلة الاتحاد هي مشكلة بنيوية، تتعلق بالقاعدة أكثر مما تتعلق بالقمة،،
ومع ذلك فوجود الخليل النحوي رئيسا للاتحاد يبشر بأن الوضع غير مقلق وأن الاتحاد قد توضأ واستقبل القبلة وسار في الاتجاه الصحيح،، فالخليل تيمم الاتحاد لغير ما تيممه غيلان عند بلال،
لكن الأنصار وأهل السمرة يشيرون إلى علي بإرسال ابي موسى،
لأن المصلحة تقتضي ذلك، فالمال هو كل شيء
فلامجد في الدنيا لمن قل ماله ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
والاتحاد بدون مال قنديل بدون فتيل اشتعال، وجثة هامدة مرمية على قارعة الطريق لا روح فيها ولا حراك بها، وحين يجمع الاتحاد بين الفقر وسوء الكبر، ستتكبد بورصة الأدب خسائر فادحة وسينهار بناء القصيدة ويصبح هباء منثورا، وستطلع الشمس من َمغربها،
ولأن قوانين الاتحاد ونظامه المالي وضع في مسار معين وفي غياب تام للخليل وسيبويه والكسائي، وكل رموز الأدب، فإن خيارات الخليل أمام أي قرار يتخذه بهذا الشأن محدودة، مالم تتم مراجعة تلك القوانين وتعاد صياغتها من جديد،
ولذلك ما زلنا نعذر الخليل وولد الناتي لعدم معرفتهم التامة بمغارة علي بابا، ولا بما في رمالها المتحركة من ألغام وأشواك،
ولذلك آثرت أن يكون الاستماع من المسافة صفر،
فكان لي الشرف بلقاء الأمين العام الجديد محمد الأمين الناتي، قبل فترة فبهرني بتواضعه وأخلاقه،
وكان بودي أن أتحدث معه هو والخليل حديث الناصح الأمين،
وأنقل لهم هواجس أهل الاتحاد، من زاوية أخرى،
فنحن نعرف =وذيب ولات =يعرف، أن الخليل تم اختياره لأنه نقي السمعة نظيف الكف ، وسيخرج منه ويده كما كانت بيضاء من غير سوء،
لكنه لا يعرف كثيرا عن الاتحاد لطول العهد، به وكذلك ولد الناتي،
وإن كان الخليل هو من أشرف على ميلاد الاتحاد، واستخراج عقد ازدياه منذ عقود، لكنه غادره، والاتحاد آن ذاك صعلوك لا مال له، يعيش على حساب الأدباء، قبل أن يكون ذامال وبنين يعيشون على حسابه، فقد غادره والاتحاد ما يزال صبيا في المهد، وحتى قبل أن تذبح عقيقته ويتغير اسمه من رابطة أقلام الصحراء، إلى الاسم الحالي اتحاد الأدباء ،
لذلك قد نعذر الخليل وولد الناتي في بعض الأمور،
لكننا سنشعل المصابيح في وجوه المتسللين إلى الداخل ، ولن نغض الطرف عن أي تجاَوز أو مخالفة تمس سمعة الاتحاد، فمهمة شرطي المرور هي منع كسر الإشارة الحمراء، أو السير في الاتجاه الممنوع، فليس من المقبول أن يكون الهامش متنا والمتن هامشا، وأن تتحكم مجموعة محدودة في مصير الاتحاد، وفي قراراته وتشكيل لجانه،
فالاتحاد يجب أن يكون اتحادا لكل الأدباء، وليس إقطاعا، على أساسه يكون مرجان أحمد مرجان أحد رموز الأدب ومنتجيه الكبار، وينادى عليه
أمير القوافي قد اتيت مبايعا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
وابو الطيب المتنبي أحد أدعيائه ومنتحليه، يحاصر علي أسوار عبقر ويقال له
فما أنت من أهل الحجون ولا الصفا ولا لك حظ الشرب من ماء زمزم
ومما لا شك فيه ولا مراء أن دعوة الخليل اليوم لعدة أندية أدبية شبابية، كانت على قطيعة تامة مع الاتحاد، والاستماع إليها عن قرب وبحث سبل التعاون معها، كانت خطوة في الاتجاه الصحيح تستحق التثمين والإشادة، فدعوة الاتحاد للأندية الشبابية واعتبارهم أبناء شرعيين، تعتبر قرارا حصيفا، وتصرفا سليما، فهل سيكون الخليل عند حسن الظن، ويعبر بالاتحاد إلى بر الأمان،؟
مالعينين الشيخ الأديب