لو انكم تنامون على رمالكم فى شواطئ اسبانيا،، ولا حتى تحت خيام الخليج / ـ اشيب ولد اباتي
كان مقال الزميل محمد ولد سيدي المنشور في موقع موريتانيا الآن تحت عنوان ” القرب من المواطن” الذي قارن فيه بين الخيمة الخليجية، والخيمة الموريتانية، وفارق القياس في الحياة الاجتماعية تحت كل منهما،، مدعاة لتذكر حال بؤس مجتمعنا، وغنى بلادنا حتى بالرمال حين تدخل العقل المهتم بتوظيفها في مجال التنمية السياحة، حيث أني في بداية الألفية الثالثة، قمت بزيارة استجمامية للمنتجعات السياحية الواقعة بين مدينتي “برشلونة” و”خيرونة “صحبة زميلين واحد من المغرب، والآخر من سورية، ولم نجد مكانا مع تعدد الشواطئ، واتساعها، وجمالها، واقبال الزوار عليها في فصل الصيف، حيث حالت المظاهر الاباحية دون التمكن من اخذ قسط من الراحة يومها، فرجعنا بعد منتصف الليل، حيث ذهب المتبرجون،، وبينما نحن على الشاطئ، مر بنا أحد المخبرين، ربما، فسأل بأدب جم عن راحتنا، ومدى استمتاعنا بالشاطئ، وامواج البحر، والرمل الذهبي الجميل،، ولما عرف أني موريتاني، فضحك، وقال ـ موجها حديثه نحوي ـ أنت بوحدك من يستحق، التمتع بهذا الشاطئ الذي لولا كرمكم الموريتاني، لما كان لهذا الشاطئ ما هو عليه من جمال طبيعي، فتظاهرت له بمعرفة ما أشار إليه من جمال الرمل،، وبادرته بالحديث عن العلاقات الممتازة بين البلدين، وثناء الحديث ” مررت” عليه السؤال التالي: متى تجددون الشاطئ برمال أكثر جمالا من هذه الرمال الذهبية رغم جمالها الفتان، لأوصيكم بانتقاء رمال، اكثر جاذبية من حيث المنظر الخلاب للأمواج الزرقاء حين تتكسر على رمال بيضاء، فتعطي الشاطئ جمالا على جماله؟
فقال إنهم يجددون رمال الشواطئ من كل اربع الى خمس سنوات، ولكنه لا يدري متى يكون ذلك،، واخرج من جيبه ورقة، كتب عليها عنوانا، واعطاني اياها على أن اتواصل مع الجهة المعنية باستيراد الرمال للشواطئ، ربما من اجل أن دلهم على تلك الرمال البيضاء،، فكان الزملاء من حين لآخر، يضحكون معي ويسموني ب”تاجر” الرمال البيضاء.
وقبل سنتين، قرأت لسفيرنا في اسبانيا خلال تلك الفترة مقالا عن اسبانيا، وعن علاقته بشخصية عسكرية، تمثل ثاني شخصية بعد الملك الاسباني على حد تعبيره،، وكتب عن بعض الأمور التي استغربتها، ومنها: أن تلك القيادة العسكرية عزمته، وكون معه علاقة شخصية، بموجبها بالغ في اكرامه واخذه في زيارة لمدينة اثرية، قرب مدينة مدريد، وكان أحد قادة
كان أحد قادة المرابطين هو من اسقط حكم أميرها، وانتزاعها من الملك الاسباني ـ علما أني لم اطلع على هذه المعلومة خلال دراستي التخصصية عن تاريخ المرابطين، الا اذا كانت المدينة سبق ان فتحها المسلمون، وخلال حكم المرابطين للأندلس، كانت تحت حكم أحد الأمراء الفاسدين، الأمر الذي استدعى إرسال المرابطين جيشا لخلع أوليك الأمراء امثال ابن عباد، وغيره ـ وذكر السفير في مقاله، أن زميله طلب منه استدعاء مجموعة من الضباط العسكريين الموريتانيين، والغريب أن السفير استجاب لطلب زميله، واحضر بعضا من الضباط الصغار، وذهب بهم السفير وزميله الى مناطق معروفة بتاريخ المرابطين في مواجهة الفونسو، وربما يكون المقصود موقع معركة “الزلاقة” على مقربة من مدينة ” وادي الحجارة” بين مدريد وسرقسطة، حيث كتب على لوحة الموقع ” ساحة الحسم”، ولم يكتب عليها ساحة الهزيمة، أو ساحة النصر.. يا سفيرنا العزيز!
ومما ذكر السفير سامحه الله أن الاسبانيين ليس عندهم عقدة نقص من الوجود الحضاري للعرب والمسلمين، أو التأثر بنتائج الوقائع التاريخية في حرب الاسترداد على حد تعبير المؤرخين الغربيين، ومن ضمنهم اسبانيين.
وبعد تلك التفاصيل الواردة في مقال السيد السفير الذي نشره في موقع ” موريتانيا 13″ قبل سنتين ،،
قلت في نفسي، ربما عرفت واحدا من المصدرين لرمالنا الذهبية التي أخرجت من بؤسنا الى نعيم الشواطئ الرائقة لكل زائر، فكان لها مردود لا يقدر بثمن من ريع لحكومة اقليم ” كاتالونيا”، أين هو من ريع تلك الاتفاقيات المجحفة بحقوقنا في الاتفاقيات المبرمة مع الاتحاد الاوروبي الذي نهب، وينهب بها الصيد البحري الموريتاني؟
وقد جاء دور واحدا من سفرائنا بهذه الدعاية، والدفاع المستميت عن النزعة الاسبانية التي تميزت بها فترة الاستعمار الاسباني متمثلة في رفض الآخر، وحضارته في امريكا الجنوبية، والقضاء على لغتي المجتمعات الحضارية في ” البيرو”، و ” المكسيك”، والمحاولات المستجدة للاستلاب الثقافي في شمال المغرب، والعمل ـ حتى الآن ـ من أجل “أسبنة” مدينتي سبتة، ومليلة، وضم اليهما الشمال المغربي.
فهل نقول يا للدعاية المجانية
بقلم الأديب، والشاعر، والسفير فيما كتب عن التسامح، والانفتاح وتجاوز العقد التاريخية في العقل الجمعي العام للاسبانيين الذي عبر عن نفسه في حوادث مأساوية، كان بعضها أيام السفير مثل مجزرة حي ” ليخيدو” ضد المهاجرين العرب في مدينة ” ألميريا..؟!
ويبقى السؤال الذي يتتبع الوازع الاخلاقي للسيد الوزير، وهو: ألم يخرج السفير الى الشارع في مدينة مدريد الجميلة، ولو مرة واحدة ليناديه المارة ب” مورو” وهو اسم قدحي، واختصار ل” الموريسكيين”، الذي ينادي به الاسبان المارة من العرب ـ العائدين ـ من مختلف اقطار المغرب العربي تحت عنوان هجرة العمال حسب هواجس الاسبان؟ ولماذا لم يتعلم السفير اللغة الاسبانية حتى يسمع، أو يشاهد البرامج الوطنية، أو الافلام التاريخية،؟ ولماذا لم يستدعه زميله ـ ثاني شخصية بعد الملك الاسباني على حد تعبير السيد السفير ـ لحضور احدى تلك المهرجانات السنوية التي تقام سنويا في فصلي الصيف، والخريف احياء لذكرى اخراج ” الموريسكيين” من مدنهم في الاندلس، حتى يدرك السفير حضور الوعي بالتاريخ لدى الاسبان،، ولعل أوضحه، أن وزير خارجية إسبانيا في بداية سبعينيات القرن الماضي، كان خبيرا بالعلاقات الاسبانية المغاربية، الأمر الذي حمله على القيام ب”حبك” مؤامرة لاستعادة حروب ” داحس والغبراء” بين المغرب، والجزائر على الصحراء الغربية بعد خروج الاسبان منها،، وذلك حتى لا تقوم قائمة لأي شكل من اشكال الوحدة المغاربية، تستدعي عودة ” يوسف بن تاشفين” مرة اخرى الى اسبانيا على ما عبر عن ذلك الوزير بهواجس خوفه من تاريخ، وحاضر ساكنة شواطئ المتوسط الجنوبية.