فتوى تتعلق بالمعيار الشرعي للحج بالقرعة عن طريق المؤسسات
الموضوع:رد علي استفتاء غرفة التجارة عن وضع معايير لإحجاج المؤسسة بعض عمالها:
السؤال:
هل يحق للمؤسسة من الناحية الشرعية، إدراج عمر العامل ضمن معايير الاختيار، مما يمكن أن ينجم عنه إقصاء بعض العاملين من الاستفادة من الحج على حسابها إذا لم يكن قد بلغ الأربعين سنة من العمر؟
الجواب:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين؛ و بعد:
فإن الحج من أفضل أعمال البر التي أمر الإسلام بالتعاون عليها، قال تعالى: [وتعاونوا على البر والتقوى…] ، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من دل على خير فله مثل أجر فاعله” ، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال: من القوم؟ فقالوا المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله، فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم ولك أجر.
فنالت هذه المرأة الأجر بتسببها في الطاعة التي يقوم بها الطفل، فمن تسبب في عمل خير قاصدا له فله مثل أجر فاعله كما تقدم في الحديث، وخصوصا إذا كان هذا العمل في عشر ذي الحجة التي تعد من أفضل أيام السنة: “ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في عشر ذي الحجة” قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء”.
ويجوز للشخص الحج على نفقة غيره سواء كان ذلك جهة عمله أو غيرها شرط كون المال حلالا لا حراما، ولا حرج على من وقعت له القرعة بالذهاب إلى الحج، كما لا حرج على المؤسسات التي تقوم بإحجاج بعض عمالها في وضع معايير خاصة لاختيار من تقع بينهم القرعة على الفوز بما منحته الشركة لأنه محض تبرع لا يقتضي عقد العمل إلزاميته، فلها أن تضع من المعايير ما تشاء مما لا يتنافى مع مقتضى العقد مثل تقديم الضرورة:(الذي لم يحج، والأكبر سنا) بل إن ذلك مما تقتضيه العمومات الشرعية حيث يعتبر التكبير:(تقديم الأكبر) في مسائل عدة منها:
1- الإمامة لحديث:”ؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله وأقدمهم قراءة فإن كانت قراءتهم سواء فليؤمهم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا…”.
2- أولوية الإمام في الصف :عن أبى مسعود رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول:”استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم”.
3- الكلام:حيث قدم صلى الله عليه وسلم محيصة وحويصة ابني مسعود في الكلام على عبد الرحمن بن سهل لكونهما أكبر منه سنا فقال :(كبر كبر).
4- المناولة:عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :”أراني في المنام أتسوك بسواك فجذبني رجلان أحدهما أكبر من الآخر فناولت السواك الأصغر منهما فقيل لي كبر فدفعته إلى الأكبر”.
5- والإعانة علي البرـ وخصوصا فريضة الحج ـ مما يندرج في إكرام الكبير وتوقيره المعدود من إجلال الله تعالي:فعن أبى موسى رضي الله عنه قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط ” .
والله الموفق.
نقلا عن موقع المجلس الأعلى للفتوى والمظالم