الأخبار

ولد امدو: نطالب بوضع آليات تعزز من حماية وصون التراث الإفريقي

ألقى وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان خطابا أمس خلال اجتماع وزراء الثقافة لدول مجموعة السبع (G7)، قال فيه إن حماية التراث الثقافي، لا سيما في إفريقيا، تواجه تحديات غير مسبوقة، سواء ما يتعلق بالنزاعات المسلحة، أو الكوارث الطبيعية.

مطالبًا باسم الاتحاد الإفريقي، الذي تتولى موريتانيا رئاسته الدورية، بوضع آليات ملموسة تهدف إلى تعزيز حماية وصون التراث الإفريقي.

 

نص الخطاب:

 

“معالي السيد الاكسندر جولي، وزير الثقافة في الجمهورية الإيطالية،

معالي السيدات والسادة وزراء الثقافة في مجموعة السبع،

السيدات والسادة رؤساء وممثلو المؤسسات الثقافية الدولية،

الحضور الكريم،

إنه لشرف عظيم أن أتناول الكلمة اليوم، في هذا المكان الذي يجسد بحق قيم الحوار والتعاون، لأحيي الالتزام الثابت لمجموعة السبع (G7) في تعزيز التراث الثقافي العالمي.

إن تصميمكم على جعل الثقافة رافعة للتنمية المستدامة وأداة للتقارب بين الشعوب يمثل بارقة أمل حقيقية

إذ أن الثقافة ليست مجرد أثر من الماضي، بل هي الأساس الحقيقي لمستقبلنا المشترك، ومحور السلام والازدهار المشترك.

– أصحاب المعالي،

– سيداتي وسادتي،

تواجه حماية التراث الثقافي، لا سيما في إفريقيا، اليوم تحديات غير مسبوقة. سواء ما يتعلق بالنزاعات المسلحة، أو الكوارث الطبيعية، أو التدهور المرتبط بتغير المناخ، أو الاستغلال البشري المفرط للموارد الطبيعية، كل هذه المخاطر تهدد كنوزًا فريدة، كنوزا تشهد على تاريخ وهُوية شعوبنا.

وفي هذا السياق، يقع العبئ أولا على إفريقيا، الغنية بتنوعها وإرثها العريق، لحماية هذا التراث الثمين.

وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأطلق نداءً قويًا باسم الاتحاد الإفريقي، الذي تتولى بلادي رئاسته الدورية، من اجل وضع آليات ملموسة تهدف إلى تعزيز حماية وصون التراث الإفريقي.

لقد بات من الضروري أن يتحمل المجتمع الدولي، من خلال تعاون وثيق، مسؤولياته وأن يلتزم بتثمين هذا التراث الثقافي الاستثنائي. في افريقيا الزاخرة بتراثها الغني والمتنوع والمهدد في عدد من رموزه كالمدن القديمة في تمبكتو في مالي، وأطلال كيلوا كيسيواني في تنزانيا، وحديقة فيرونغا الوطنية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، .

ولقد جعلنا في موريتانيا، تحت قيادة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الرئيس الدوري للاتحاد الإفريقي، من التراث محورًا مركزيًا في البرنامج الرئاسي. اذ يهدف هذا البرنامج الطموح إلى تثمين تراثنا الثقافي، باعتباره مجدا وطنيا وشاهدا على الألق الدولي لبلادنا. ولهذا الغرض، تم القيام بجهود كبيرة لتعزيز حماية المدن التاريخية الأربع المدرجة في قائمة التراث العالمي: وادان، شنقيط، تيشيت، وولاته، التي تجسد روح وتاريخ بلادنا. وفي الوقت نفسه، تحظى المحمية الوطنية لحوض آركين، ذلك الموقع الطبيعي الذي يتمتع بأهمية بيئية عالمية، باهتمام خاص في جهودنا للحفاظ عليه.

علاوة على ذلك، تم إدراج المحظرة، هذه المؤسسة الدينية الموريتانية ذات النمط الفريد، في قائمة التراث العالمي، مما يبرز دورها المركزي في نقل المعارف.

بالإضافة إلى ذلك، تواصل موريتانيا عملها في الحفاظ على المواقع التاريخية ذات الأهمية الكبرى، مثل أوداغست، وكومبي صالح، التي كانت عاصمة إمبراطورية غانا، وقلب الريشات، المعروف أيضًا باسم “عين إفريقيا”، وهو موقع استثنائي من الناحيتين الجيولوجية والثقافية .

– معالي الوزراء،

– السيدات والسادة،

إن المواضيع التي نتناولها اليوم ذات أهمية خاصة، في وقت تتزايد فيه التحديات العالمية. إن حماية التراث الثقافي لا تنفصل عن القضايا البيئية والاجتماعية. فمن الضروري،، أن نجعل منها وسيلة لرفع الوعي لدى الأجيال القادمة حول حماية البيئة، مع تمكين المجتمعات المحلية من لعب دور نشط في الحفاظ على تاريخها وهويتها.

ومن الضروري أيضًا الاعتراف بأنه، على الرغم من دورها الرئيسي في التماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة، لا تحظى الثقافة دائمًا بالاهتمام الذي تستحقه في النقاشات والمباحثات الدولية. على الرغم من أن أهداف التنمية المستدامة تتناول العديد من المواضيع الأساسية في مجتمعاتنا، إلا أن حضور الثقافة يظل خجولا ودون المأمول في هذه النقاشات. ومع ذلك، فإن الثقافة عامل مشترك، وأساسي في إنشاء مجتمعات شاملة ومرنة ومستدامة. لذا، يقع على عاتقنا، كمحافظين على التراث في دولنا، التأكد من أن الثقافة حاضرة في كل المناقشات حول مستقبل كوكبنا.

إن التعاون الدولي في مجال التراث أمر حيوي. يجب أن تتجاوز جهودنا حماية المعالم والأشياء المادية؛ فواجبنا إنشاء جسور قوية بين الأمم، لتبادل المعرفة والتقنيات والخبرات. وتزداد أهمية هذا التعاون في أوقات الأزمات، حيث يكون التراث الثقافي مهددًا بسبب النزاعات أو الكوارث.

– أصحاب المعالي،

– سيداتي وسادتي،

موضوع آخر أساسي في نقاشاتنا، هو تعزيز التراث غير المادي. هذا التراث الحي، الذي يتكون من التقاليد واللغات والمعارف التقليدية، هو ركيزة للتماسك الاجتماعي. ومن واجبنا التأكد من أن هذه الممارسات محفوظة ليتم نقلها إلى الأجيال القادمة، من خلال منحها مكانة بارزة في استراتيجياتنا الوطنية والدولية.

أخيرًا، أود أن أعيد التأكيد على الأهمية الكبرى للاعتراف وتعزيز التراث الأفريقي، الذي غالبًا ما يتم التقليل من قيمته. فهذا التراث يستحق أن يكون في مقدمة المبادرات العالمية. فأفريقيا تمتلك، من خلال ثقافاتها وتقاليدها، الكثير لتقدمه للعالم. ولتحقيق ذلك، من الضروري دعم الصناعات الثقافية والإبداعية الأفريقية، من خلال تشجيع نشر الأعمال والمعارف ذات المنشأ الإفريقي.

سيداتي وسادتي،

عند النظر إلى المستقبل، تبدو آفاق التعاون في مجال الثقافة واعدة بشكل خاص. إن الالتزامات التي تم التعهد بها خلال الاجتماعات السابقة، مثل إعلان فلورنسا، توضح بجلاء أن الثقافة يمكن ويجب أن تلعب دورًا مركزيًا في الدبلوماسية، وحماية التراث، وتعزيز السلام. وفي هذا الإطار، تعيد موريتانيا، وهي واعية بالمسؤوليات التي تتحملها على المستوى القاري، التأكيد على التزامها بمواصلة العمل على تثمين هذا التراث بالتعاون الوثيق مع شركائها. فيجب جميعا أن نجعل من الثقافة، ليس فقط وسيلة للتنمية، ولكن أيضًا أداة قوية للسلام، والتفاهم المتبادل، والازدهار المشترك.

ولا يسعني في الختام الا ان اثمن الاهتمام المقدر الذي توليه ايطاليا في رئاستها لمجموعة السبع للثقافة وللبعد الافريقي. فقبل اشهر قليلة احتضنت قمة افريقيا وايطاليا. وقمة مجموعة السبع التي كانت مشاركة الاتحاد الافريقي فيهما نوعية كما افتتحت مؤخرا. سفارة لها بموريتانيا يعول عليها في الدفع بالعلاقات المشتركة بين البلدين

 

أشكركم على انتباهكم.”


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى