الأعياد في موريتانيا : عندما تمتزج الأفراح بالأحزان! / محمد الأمين ولد الفاضل
جرت العادة أن تكثر حوادث السير في مواسم الأعياد، وأن تمتزج أفراح العيد بالدموع والأحزان بالنسبة لعدد من الأسر الموريتانية. كثرة حوادث السير خلال أيام العيد لها أسباب عديدة لعل من أهمها:
1ـ كثافة حركة السير خلال مواسم الأعياد، سواء ما تعلق منها بحركة السير داخل المدن، أو حركة السير بين الولايات والمدن والقرى؛
2ـ الإفراط في السرعة، فكثير من الذين ينتقلون بين الولايات والمدن بمناسبة العيد، لا يُتاح لهم أكثر من يومين أو ثلاثة (عطلة العيد)، وضيق الوقت المتاح للذهاب إلى الأهل والعودة إلى مكان العمل خلال فترة العيد تجعل البعض يفرط في السرعة، ومن المعروف أن الإفراط في السرعة هو السبب الأول لحوادث السير؛
3 ـ ارتفاع نسبة السيارات التي يقودها القصر والمراهقون والشباب المتهورون خلال أيام العيد، فمن هؤلاء من يؤجر تلك السيارات من عند وكالات تأجير السيارات، ومنهم من يأخذها من ذويه، وعموما فإن نسبة كبيرة من الشباب الذين يقودون السيارات في أيام الأعياد، وسواء كانت مؤجرة أو مملوكة للأهل، نسبة كبيرة من أولئك الشباب تمارس كل أشكال المخاطرة والاستهتار أثناء القيادة، وبما في ذاك التفحيط.
هذه الأسباب وغيرها تجعل من حصيلة حوادث السير خلال فترات الأعياد حصيلة ثقيلة، وبطبيعة الحال فإن عيد الفطر المبارك في هذا العام لم يخرج عن تلك القاعدة.
لقد شهدت العاصمة نواكشوط خلال أيام عيد الفطر المبارك العديد من حوادث السير، وكان أغلبها يقف وراءه شباب ومراهقون، وقد تنوعت تلك الحوادث، ولكنها تركت ـ في الغالب ـ “بصمة شبابية” إن جاز مثل هذا التعبير ، وتمثلت تلك “البصمة” في دخول بعض السيارات في المنازل السكنية بسبب فقدان السيطرة عليها؛ اصطدام سيارات بأعمدة الكهرباء؛ تصادم مع سيارات أخرى؛ عمليات دهس وفرار..إلخ.
لقد خلفت هذه الحوادث عددا من الإصابات، ومن بينها حالة خطرة، ولكنها لم تتسبب ـ ولله الحمد ـ في وفيات فورية.
وخارج العاصمة نواكشوط فقد تم تسجيل العديد من حوادث السير المميتة وبعضها كانت حصيلته ثقيلة ومؤلمة جدا، وكان من بين تلك الحوادث:
ـ حادث سير وقع يوم الثلاثاء الموافق 3 مايو (كنكوصة)، وتسبب في خمس إصابات من بينها كسور؛
ـ حادث سير وقع في نفس اليوم ( تكنت)، وأدى إلى وفاة خمسة أشخاص من عائلة الراحل الشيخ آياه ولد الشيخ الطالب بوي؛
ـ حادث سير وقع في نفس اليوم في منطقة (الشكات) أدى إلى وفاة منقب وإصابة منقبين آخرين بجروح؛
ـ حادث سير وقع يوم الأربعاء الموافق 4 مايو (أركيز) أدى إلى وفاة شخصين من عائلة واحدة مع إصابة بليغة.
أسأل الله تعالى أن يرحم من تُوفي في هذه الحوادث وأن يُعجل بشفاء الجرحى، وأن يلهم ذوي الضحايا الصبر والسلوان.
وكعادتنا في حملة “معا للحد من حوادث السير” فقد استبقنا العيد بأنشطة توعوية في مجال السلامة الطرقية، وإذا كنا في الماضي نستبق الأعياد بأنشطة تحذر من السرعة المفرطة عند نقاط التفتيش خارج العاصمة، فإننا في هذا العيد قد أطلقنا أنشطة جديدة للفت الانتباه إلى بعض الممارسات المقلقة، والتي لا تجد من يتحدث عنها، كتأجير السيارات للمراهقين والقصر، وكالسباقات الليلية التي ينظمها بعض الشباب في بعض أحياء العاصمة، هذا فضلا عن عمليات التفحيط التي يمارسها بعض الشباب.
كانت البداية خلال هذا العيد بنشاط تم تنظيمه أمام وكالات تأجير السيارات الواقعة قرب سوق العاصمة، وطالبنا خلال هذا النشاط بالوقف الفوري لعمليات تأجير السيارات للمراهقين والقصر، وستتواصل ـ بإذن الله ـ هذه الأنشطة التي تستهدف الشباب خلال النصف الثاني من العام 2022. ومن جديد الحملة كذلك أننا سنعمل خلال الفترة القادمة على الاستفادة من التكنولوجيا والتقنيات الحديثة للحد من حوادث السير، وسيكون ذلك بطبيعة الحال من خلال تعاون أو شراكة مع الجهات الأمنية والإدارية المعنية بالسلامة الطرقية.
ستكون البداية بإطلاق “تطبيق سلامتك”، والذي سيمكن سالكي الطرق الحيوية من معرفة وضعية الطرق وبشكل مستمر، وذلك من خلال التحديد الدقيق لما يوجد على تلك الطرق من ألسنة رملية أو مطبات أو حفر أو عمليات إصلاح و ترميم، وإلى غير ذلك من المعلومات الهامة التي قد تفيد السائق. كما أننا سنحاول أن نستفيد من تقنية أخرى ستُمكن من المتابعة الفورية لسرعة كل الباصات وسيارات النقل، وذلك من خلال تثبيت شرائح ستمكن من كشف أي باص أو سيارة نقل تتجاوز السرعة المسموح بها، وإرسال معلومة بذلك من خلال رسائل نصية تصل إلى كل نقاط التفتيش، وإلى كل الجهات المعنية بالسلامة الطرقية.
حفظ الله موريتانيا…