الأخبار

الصواب: ما يجري على حدودنا الشمالية والتدخل الروسي في المنطقة من بين أحداث متسارعة تدعو للقلق

 

تفاقم الاستقطاب الدولي في منطقتنا ، وتضاعف عدد القوى الخارجية الساعية الى فرض وجودها العسكري والاقتصادي والامني في شمال القارة الافريقية ومنطقة الساحل، يضع بلادنا في قلب الرهان الإقليمي ويفرض البحث عن تكوين بئية سياسية وطنية شاملة بعيدة من نظرة أصحاب الاطماع وخصوصا الغربيين منهم الذين أكدوا خلال أكثر من نصف قرن أنهم حريصون دائما للتعاطي على الارض مع القوة التي ترغب في ان تكون سلطوية الى ابعد الحدود وفاسدة، وجاهزون في كل لحظة لاستبدالها بأخرى تخرج من رحمها في حلقة مستمرة الدوران لم تأت الا باليأس الاقتصادي وتشرذم الكيانات وتنامي الكراهية والتحريض على العنف والانقسام حتى داخل المجموعة الواحدة في الدول المنكوبة، وهو ما يعكسه بجلاء تضاعف عدد الرؤساء الأفارقة السابقين القابعين في السجون او المطاردين في المنافي .

 

لقد اظهرت التجارب أن أقوى سلاح لمواجهة مخاطر التدخلات الاقليمية وتجنبها ليس القوة المالية ولا العسكرية ولا ( عمق) و( تاريخية) علاقة الانظمة مع الدول الغربية النافذة وإنما العامل الأساسي هو التماسك الاجتماعي والنجاح في التنمية الاقتصادية ومحاربة الفساد وتحقيق مستويات مقبولة من الشرعية السياسية القائمة على احترام المعايير الاخلاقية المرتبطة بالحريات العامة واحترام حقوق الانسان.

 

ما يجري في حدودنا الشمالية بين أشقائنا والحضور الروسي الجديد في الجارة الشرقية يبعث على القلق وله علاقة بالدور القيادي الذي تسعى اليه دول الجوار في النظام الاقليمي والتحكم في الممرات الحيوية لخطوط التجارة والنقل والامداد… ولا يخفى ما تمثله الخريطة الجغرافية للجمهورية الاسلامية الموريتانية وما تختزنه وتَعِدُ به من ثروات واهمية في ذلك كله، كما لا يخفى أن العوامل التي توفر لدولة ما فرصة القيام بدور محوري اقليمي لا تتوفر الى حد الان في اي دولة عربية او افريقية من تلك التي توجد في محيطنا على الاقل، وهو ما يرفع احتمال التدخلات البعيدة الغليظة لدول معروفة وقدومها الكارثي بعتادها الى منطقتنا ويدفع الى زيادة تحصين بيتنا الداخلي واستغلال فرصة الهدوء النسبي الحالية للدخول في حوار وطني صادق وعقلاني يُؤْمِن الجانب الاساسي من شروط الاستقرار ودعم كل ما له علاقة بقيم : التوافق والتراضي وقبول الاستماع الى الرأي الاخر والانصات الجيد اليه وإلى ما يعبر عنه من اختمارات بغض النظر عن الموقف الاصلي منه.

 

ذلك ما سنواجه به الازمة الاقليمية وتفاعلاتها المحتملة ونواجه به الضرر العالمي المستمر لوباء كورونا والضرر الوطني المترتب عن سنة جفاف قاحل نمر به خلال السنة الحالية.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى