معهد سنغالي: “نصرة الإسلام” تشكل تهديدا للحدود المالية السنغالية الموريتانية
اعتبر تقرير نشره “معهد تمبكتو – المركز الإفريقي لدراسات السلام”، أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الناشطة بوسط مالي، وبالمثلث الحدودي الواقع بينها والنيجر وبوركينا فاسو “تسعى للتسلل إلى موريتانيا والسنغال”.
وأشار التقرير الصادر الأحد 27 من أبريل الجاري إلى أن الجماعة التي يقودها إياد أغ غالي “تزايد نشاطها بشكل كبير في منطقة كايس المالية الحدودية مع غينيا وموريتانيا والسنغال. وتشمل هذه النشاطات الهجمات المعقدة ضد قوات الأمن، وإكراه المدنيين، والاقتصاد الإجرامي”.
نزع الشرعية
أشار تقرير المعهد الذي يرأسه الأكاديمي والباحث السنغالي باكاري صامب، إلى أن الهدف الرئيسي لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين هو “طرد قوات الأمن المالية من المناطق القريبة من باماكو، ونزع الشرعية من الحكومة، وبالتالي إرساء أسس توسيع منطقة عملياتها”.
ويعود آخر هجوم لهذه الجماعة المسلحة على العاصمة باماكو، إلى الـ17 سبتمبر 2024، حيث استهدفت مدرسة للدرك ومطارا عسكريا، وقد اعتبر هذا الهجوم الأعنف في تاريخ استهداف العاصمة المالية منذ العام 2015، وأشارت وثيقة رسمية إلى أنه خلف أزيد من 100 قتيل.
لكن الجماعة تنشط منذ تأسيسها قبل أزيد من 8 سنوات، في مناطق مختلفة بوسط مالي، ونفذت الكثير من الهجمات ضد الجيش المالي، وكذلك ضد جيشي بوركينا فاسو والنيجر على أراضي البلدين.
محاولة تسلل
حذر التقرير من أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين “قد تتسلل بالفعل بشكل غير قانوني إلى القطاعات الاقتصادية الرئيسية، كقطع الأشجار والتعدين، التي تشكل عماد التجارة مع موريتانيا والسنغال”.
ورأى معدو التقرير أن مصلحة الجماعة في هذه القطاعات قد تسمح لها “بإنشاء شبكات عابرة للحدود”، ويمكنها بعد ذلك “استخدام هذه الشبكات لتسهيل حركة الأشخاص والموارد التابعة لها إلى موريتانيا والسنغال”.
وأوضح أنه على الرغم من أن أولوية الجماعة “العاجلة هي استخدام المساحات الموريتانية والسنغالية لأغراض اقتصادية، لتسهيل تمويل عملياتها وتجنيدها، إلا أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين ستحاول على الأرجح توسيع سيطرتها الإقليمية تدريجيا في المستقبل”.
نقاط الضعف والقوة
اعتبر التقرير أن السنغال “تعاني من نقاط ضعف يمكن أن تستغلها جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، بما في ذلك الحدود التي يسهل اختراقها، ونقص الوعي في صفوف السكان بالقضايا الأمنية، والتحديات الاجتماعية والاقتصادية الملحة، وانتشار السلفية كمصفوفة إيديولوجية”.
وأشار التقرير إلى أنه “يتم بالفعل استغلال حدود السنغال مع مالي على نطاق واسع من قبل المهربين”، كما أن طبيعة جغرافية هذه الحدود “تجعل تأمينها أكثر صعوبة”.
وحذر من أن “الطبقية في منطقة باكيل”، و”عدم المساواة وغيرها من المظالم التي استغلها السلفيون للتأثير على المعتقدات الدينية للأفراد، قد تجعل هؤلاء أكثر تقبلا للتطرف العنيف” فيرون فيه ما وصفه بـ”لاهوت تحرير”.
ووفقا للتقرير فإن شرق السنغال قد يكون “عرضة لهذه الإيديولوجيات لأن الصوفية ليست منتشرة هناك” بنفس مستوى الانتشار في بقية مناطق البلاد، “وقد استغلت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، الإسلام والحقوق الإسلامية بالفعل كنقاط ضعف في جميع أنحاء الساحل”.
وعدد التقرير نقاط قوة السنغال، معتبرا أنها “تتمتع بعوامل قدرة على الصمود أنقذتها حتى الآن، خصوصا تماسكها الاجتماعي، وقواتها الأمنية المختصة والمهنية، بالإضافة إلى الاحترام المتبادل وروح التعايش السلمي اللذين يميزان مختلف المجموعات العرقية والدينية”.
واعتبر أن من الضروري أن تعزز الحكومة السنغالية “وجود قواتها الأمنية بشكل دائم في المناطق الحدودية، وكذا التعاون مع مالي وموريتانيا. كما يجب القيام بحملات توعية بين القادة المحليين الدينيين والتقليديين، وزيادة البرامج (برامج التدخل) للتخفيف من الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية”.
السياق الإقليمي
شهدت المناطق الحدودية بين مالي وموريتانيا خلال الفترة الأخيرة هجمات مسلحة، بعضها من تنفيذ الجيش المالي لملاحقة بعض العناصر المسلحة، كما حصل في 16 من مارس الماضي في “سوق اجدير” الأسبوعي القريب من الحدود الموريتانية، والذي يرتاده بعض الموريتانيين من سكان القرى والمناطق المحاذية للأراضي المالية، حيث نفذت القوات المالية هجوما بمسيرة، خلف قتلى وجرحى وخسائر مادية، وأوضحت لاحقا أنها كانت تستهدف مسلحين هناك.
وفي يناير الماضي، نفذت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين هجوما استهدف مقرات أمنية وحكومية في مدينة “نيورو دي ساحل” القريبة من الحدود بين مالي وموريتانيا، وخاضت اشتباكات وصفها سكان محليون بالعنيفة ضد الجيش المالي، قبل أن تنسحب لاحقا.
وكانت مدينة سيلبابي قد عرفت في الـ14 يناير 2025، انعقاد لقاء أمني ثلاثي بين قادة المناطق العسكرية الحدودية لموريتانيا ومالي والسنغال، وهي “كيدي ماغا” الموريتانية، و”تامباكوندا” السنغالية، و”خاي” المالية.
وتم خلال هذا الاجتماع السنوي بحث فرص تعزيز التعاون والتنسيق بين السلطات الأمنية والإدارية في المناطق الحدودية لمكافحة الجماعات المسلحة، والجريمة المنظمة والتهريب.
ويأتي نشر التقرير الذي يحذر من تهديد جماعة نصرة الإسلام والمسلمين للحدود الثلاثية بين مالي وموريتانيا والسنغال، بعد 10 أيام على تنفيذ الجماعة هجوما على موقعين تابعين لجيش بنين، أسفر عن مقتل 54 عسكريا بحسب القوات البنينية و70 عسكريا بحسب الجماعة.
وقبل ذلك تبنت الجماعة المسلحة في أوائل يناير 2025، مقتل 28 جنديا من القوات المسلحة البنينية شمالي البلاد، حيث تنشر بنين قوة قوامها نحو 5 آلاف جندي على الحدود المشتركة مع جيرانها.
وتأسست جماعة نصرة الإسلام والمسلمين فاتح مارس 2017، من خلال إعلان اندماج 4 مجموعات مسلحة، وهي “أنصار الدين”، و”كتائب ماسينا”، و”كتيبة المرابطون”، و”إمارة منطقة الصحراء الكبرى.
نقلا عن الأخبار انفو