معاً من أجل موالاة ناصحة (3) / محمد الأمين الفاضل
إننا نعتقد بأن هناك ضرورة ملحة لإطلاق حراك سياسي يعمل على خلق نواة صلبة لما أسميناه في هذه السلسة من المقالات بالموالاة الناصحة، والتي يجب أن تكون لها طريقتها المختلفة في دعم النظام.
لقد بَيَّنتُ في مقال سابق بأنه يوجد داخل الأغلبية الداعمة لأي نظام حاكم ثلاثة أصناف من الداعمين.
الصنف الأول : هو ما يمكن أن نسميه بالداعمين السلبيين، ويضم هذا الصنف كل داعمي الأنظمة الحاكمة الذين يقتاتون على الرصيد الشعبي للرئيس، ويسحبون منه باستمرار، ودون أن يضيفوا أي شيء إلى ذلك الرصيد.
إن هذا الصنف من الداعمين السلبيين يشكل خطرا حقيقيا على الرصيد الشعبي للرئيس، وذلك لكون المنتسبين له يسحبون باستمرار من ذلك الرصيد ودون أن يضيفوا إليه شيئا، ومن هذا الصنف يمكننا أن نذكر:
1ـ ذلك الوجيه أو السياسي الذي تُبغِضُه النسبة الأكبر من المواطنين في دائرته الانتخابية.
2ـ ذلك الموظف السامي الذي لا يؤدي واجبه الوظيفي، ولا يقرب خدمات الإدارة من المواطن، وهو منشغل في أكثر الأوقات في تحقيق مصالحه الضيقة الخاصة على حساب المصلحة العامة؛
3ـ ذلك المدون أو الصحفي الذي تجده يستميت في الدفاع عن موظف ما أو سياسي ما أو رجل أعمال ما في النظام لا لحسن أداء، وإنما بحثا عن مصالح خاصة. إنه يستميت في الدفاع عن هذا الشخص أو ذاك، ومع ذلك لا تجد له منشورا واحدا يدافع فيه عن النظام في مجموعه أو عن الرئيس بشكل خاص.
4 ـ ذلك الموظف أو الوجيه أو السياسي الأناني الذي يحاول أن يحتكر كل الامتيازات الممنوحة لدائرته الانتخابية أو لمدينته، يحتكرها لصالح شخصه أو لوسطه الضيق جدا، وسواء كانت تلك الامتيازات سياسية أو انتخابية، أو كانت تتعلق بتعيين أو صفقة. إنه يعمل جاهدا على حرمان كل الداعمين الآخرين في دائرته الانتخابية أو في مدينته أو ولايته من أي امتياز سياسي أو انتخابي أو وظيفي؛
5ـ ذلك السياسي أو الوجيه أو الموظف أو رجل الأعمال الذي يعمق الخلاف بين الداعمين، ويعمل على صناعة الأحلاف وخلق التخندقات المتصارعة داخل الحزب الحاكم.
إن كل من يتصف بصفة من هذه الصفات أو بها جميعا يمكن أن يصنف على أنه داعم سلبي للنظام، وضره سيكون أكثر من نفعه، وهو في كل الأحوال مجرد عالة على النظام، يقتات على الرصيد الشعبي للرئيس، ويسحب من ذلك الرصيد دون توقف، وعندما تسحب منه الامتيازات التي كانت ممنوحة له، سواء كانت تلك الامتيازات امتيازات سياسية أو وظيفية أو انتخابية، حينها ستنكشف حقيقته، وسيظهر ضعفه وعجزه، وسيتضح أنه كان مجرد عالة يقتات على الرصيد الشعبي للنظام، وأنه بلا شعبية ولا تأثير في دائرته الانتخابية.
الصنف الثاني : الداعمون المحايدون، والحياد هنا لا نقصد به الحياد بمفهومه المعروف الذي قد يتبادر لأول وهلة إلى الأذهان، فمن انتسب للأغلبية أو للمعارضة لم يعد ممكنا وصفه بالحياد. إن الداعم المحايد الذي نقصده هنا هو ذلك الداعم الذي يكتفي بالتفرج دون أي مشاركة سياسية سواءً كانت إيجابية أو سلبية.
الصنف الثالث : الداعمون الإيجابيون، وهم الذين يمكنهم أن يشكلوا نواة للموالاة الناصحة، فهؤلاء يجب أن تكون لديهم القدرة الكافية لتثمين المنجز وتسويقه بأسلوب ذي مصداقية لدى المواطن، وأن يكون لديهم ما يكفي من الشجاعة ليكشفوا نقاط الخلل والنواقص من أجل تصحيحها، وفضلا عن ذلك أن تكون لديهم القدرة للنزول إلى الميدان بمبادرات إصلاحية تعزز المنجز وتساهم في تصحيح ما يقع من خلل.
إن الداعم الإيجابي ـ وبكلمة واحدة ـ هو ذلك الداعم الذي يستطيع أن يجمع بين النونات الثلاث، فيما أطلقنا عليه سابقا معادلة الإصلاح :
3 ن = نُثمن + نَنتقد + نُصلح.
حفظ الله موريتانيا…