إسلكو ولد إزيد بيه يعود إلى التدوين ولكن هذه المرة يغير وجهته
كتب إسلكو ولد أحمد إزيد بيه المستشار السابق في الرئاسة الموريتانية والصديق الحميم للرئيس السابق، منشورا على صفحته في الفيس بوك، بعد انقطاع عن التدوين فترة.
تدوينة المستشار السابق إسلكو هذه المرة لم يذكر فيها من كان يتحدث عنهم في منشوراته السابقة، وإنما استهدفت تدوينته المعارضة، حيث فتح من خلال مقاله النار على المعارضة التي وصفها بالعدمية وبالتحريضية… وهذا نص تدوينة المستشار:
تعتبر المعارضة الموريتانية الحالية (إلا من رحم ربك) الأكثر فوضوية والأضعف تجربة في تعقيدات وإكراهات تدبير الشأن العام والأعمق تباينا إيديولوجيا والأقل واقعية سياسية في تاريخ البلد السياسي، بعد تراجع دور وتأثير قادتها التاريخيين -حفظهم الله- لصالح جيل يعتمد الصخب الإعلامي “الربيعي” في الهجوم على الخصم واختزال الحقائق تضليلا للرأي العام… أما الأفكار المبتكرة والبرامج البديلة والخطط المستقبلية المقنعة فغائبة تماما من أدبيات وقواميس هذه المعارضة العدمية. بل يعتبر التحريض العنوان البارز في أجندتها اليوم، ولا أدل على ذلك من مناوراتها الصبيانية الأخيرة على مستوى البرلمان وبياناتها النارية المفاجئة، كل ذلك بعد فترة سبات سياسي طويل وفي وقت يواجه فيه الشعب الموريتاني من جديد وضعا صحيا معقدا، يتطلب وحدة الصف والتضامن والمصالحة، احتراما لمشاعر من ينعون غاليا -رحمه الله- أو يعالجون آخر أو يخافون على ذويهم من الإصابة أو على مستقبل أبنائهم، أو من يواجهون التداعيات المادية الحرجة للظرف الإقتصادي الضاغط.
لقد أخطأت المعارضة عندما نصبت نفسها جهة “قضائية” للحكم النهائي على خصومها من خلال التشهير بهم وتشويه سمعتهم واتهامهم جزافيا وبطريقة انتقائية، فالإختلاف في المواقف السياسية داخل الوطن الواحد لا يعني بالضرورة القفز على قيم المجتمع والتنكر للمساطر القيمية الكونية، إلا إذا كان الهدف أصلا هو النيل من هذا المجتمع المسالم. لقد سئم الشعب الموريتاني هذه المناورات السياسية العبثية، خاصة بعد أن ظهرت الأمور على حقيقتها مع الوقت… فالظلم والحقد والتحريض وتصفية الحسابات لا تبني الأوطان، بل تضرها وتمزقها-لا قدر الله.
لقد أخطأ من دعم هذه المعارضة في تهورها الأصلي، حلحلةً قسرية لإشكال “المرجعية” داخل الحزب الحاكم.
أما اليوم وقد حصلت جزئيا المعارضة “التحريضية” على مأربها الرئيسي وهو تصفية الحسابات السياسية مع الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز وقلة من معاونيه السابقين ومقربيه، فكان الأجدر بها أن تتفادى إرباك التحقيق على علاته وألا تتدخل مرة أخرى في ملف لم يصل بعد القضاء الجالس. أما منطق الضغط اليائس لفرض الرأي على السلطة التنفيذية وعلى امتدادها، الشرطة القضائية، وعلى القضاء الجالس وعلى الرأي العام، فلا يمت بصلة إلى مبدإ فصل السلط الذي يمثل حجر الزاوية في النظام الديمقراطي. ولا أعتقد أن هكذا مناورات ستساعد المعارضة التحريضية في تحقيق هدفها المعلن الثاني وهو حكومة وحدة وطنية؛ فأبجديات الديمقراطية تقتضي احترام الآجال الإنتخابية وإرادة الناخب والبحث عن السلطة عبر صناديق الاقتراع…
فيما يتعلق بإشكال الفساد، تقتضي المصلحة العامة إعلان حرب جدية ضده كظاهرة خطيرة تتهدد المجتمع برمته، دون استهداف مسبق لأي كان ودون استثناء كذلك وطبقا للمساطر الفنية والقانونية والقضائية المحايدة سياسيا.
وبغض النظر عن مسار التحقيق الانتقامي والانتقائي منذ بدايته، سأظل أطالب بمصالحة شجاعة وصادقة بين رئيس البلاد الحالي وسلفه لقناعتي بأن هذه المصالحة تصب في صميم كرامة الدولة الموريتانية ومصالح شعبها، خاصة بالنظر إلى الأوضاع الإقتصادية والصحية الحالية والظرف الجيوسياسي سريع التقلب.