رد السالك ولد محمد موسى على ولد الشاه بشأن عدم اشتراط الولي في النكاح
تعليق موجز على فتوى الاستاذ محمد الامين الشاه
1- ينتمي الاستاذ الشاه الى مدرسة التبصر والأخذ بالراجح من أقوال العلماء ولو من خارج المذهب المالكي في مسائل الخلاف .وهي مدرسة أصيلة في الفقه الاسلامي السني أرسى دعائمها علماء محققون في مختلف الأعصار والأمصار.بل إن أنصار هذه المدرسة يعتبرون انهم الأسعد باتباع الأئمة بأحسان لأنه رويت عن كل واحد من أيمة المذاهب أقوال تدل مطابقة او التزاما على التحذير من الأخذ بأقوالهم إذا عارضها دليل شرعي . ومن أعلام هذه المدرسة قديما الامام ابن عبد البر والامام ابن العربي وشيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم . وبعدهم الامامان الشوكاني والصنعاني .ومن أعلامها في بلادنا العلامة المجيدري و العلامة باب ولد الشيخ سيديا و الشيخ بداه ولد البصيري. و تقابل هذه المدرسة مدرسة التقليد والاخذ بالمشهور و التحفظ من الخروج عن المذاهب بدعوي القصور عن بلوغ درجة الاجتهاد او التبصر .
2-تمتاز مدرسة التبصر (الاتباع بمصطلح ابن عبد البر) بالأخذ بكل الأدلة الشرعية المعتبرة _ وفق مناهج الاستنباط المقررة عند أهل السنة _ في كل مورد او مسألة من الايات والأحاديث والاجماعات الثابنة و المعاني والعلل الصحيحة المؤثرة المستقرأة من نصوص الشريعة الغراء التي علمت مقاصدها في جلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها .كما علم بالقطع انها منسجمة مع صريح المعقول فهي لا تساوي بين مختلفين ولا تفرق بين متساويين . ومن هنا فهذه المدرسة _بقدرما تختلف عن مدرسة التقليد المذهبي _ فهي تختلف أيضا عن المدرسة الظاهرية التي تهدر معاني النصو ص والعلل الصحيحة للأحكام فتناقض بذلك مقاصد الشرع الحكيم . وهذه المدرسة التبصرية الا ستدلالية تستفيد من التراث الفقهي الفروعي ( الذي لا غنى عن دراسته والتضلع منه للطالب الطامح الى التبصر ) و تقدر كافة الفقهاء والمجتهدين وتحفظ منازلهم و ترفع الملام عنهم و تحسن الظن بهم و ترعى الأدب في التعامل مع أقوالهم
3_ ان المطالع لفتوي الاستاذ الشاه في مسألة اشتراط الولي في النكاح يلاحظ ان مكتوبه في المسألة جاء موجزا بصورة مخلة ان لم نقل متسرعة .فهو لم يعط أدلة المسألة ما تستحقه من نظر و دراسة حيث حكم بضعف أحاديث اشتراط الولي .وأحدها متفق عليه( الأيم أحق بنفسها من وليها ……الحديث) والبقية لها عدة طرق يقوي بعضها بعضا حسب الصناعة الحديثية فتكون صحيحة. كما ان الاستاذ الشاه لم يعط الآيات التي استدل بها الجمهور على اشتراط الولي حقها من النظر.فبدا متسرعا في اختيار قول أبي حنيفة في المسألة دون تطبيق منهج المقارنة و الترجيح المعتمد عند العلماء المحققين المتبصرين .ولعل هذا ما جعل البعض ينظر الى فتوى الاستاذ باعتبارها مجرد تقليد للمذهب الحنفي في هذه المسألة دون ترجيح علمي متبصر.
4_ في مسألة الولي هناك عدة نقاط ينبغي دراستها وتحليلها وهي( حق المرأة في التصرف في نفسها كما في مالها و حدود ولاية الولى على وليته وهل هذه الولاية جعلت لمصلحة المرأة ام لمصلحة الولي؟ و مسألة الجبر ومفهوم العضل. ومفهوم الكفاءة ) وعلاقة هذه الامو ر بمقصد الشرع الخاص من تشريع الزواج ومقصده العام من وضع الشريعة.
5 _ان الذي يتحصل من دراسة المسألة في كتب الفقه الاستدلالي المقارن (لا يسمح المجال بتفصيل الادلة و مناقشتها) هو التالي:
_ تملك المرأة البالغ _ بكرا او ثيبا _ الحق في قبول ا و رفض من يتقدم لها للزواج .وليس لوليها إجبارها على الزواج ممن لا ترضاه اجماعا في الثيب و ترجيحا في البكر البالغ وهو قول أبي حنيفة ورواية عن أحمد. وليس لولي المرأة الاعتراض على من ترضاه الا ان كان غير كفؤ والكفاءة المعتبرة شرعا هي الدين و الخلق فقط على الراجح وهو قول مالك.
_ الصحيح أن الولي شر ط في صحة النكاح عند الجمهور فلا تعقد المرأة النكاح على نفسها ولا توكل غير وكيلها الا اذا رفض تزويجها من كفء أو عضلها فلها ان تطلب من رجل آخر من عصبتها أن يزوجها او تطلب ذلك من السلطان.
_ ولاية الولي في النكاح موضوعة لصيانة كرامة المرأة وحماية مصلحتها وليس لكبت حريتها او استغلالها. فالولي ينصح المرأة ويساعدها في اتخاذ الخيار الأفضل لها والذي من شأنه حصول ثمرة الزواج من السكن و الرحمة و المودة فليس للولي حق الاعتراض الا اذا تم الاخلال بمبدأ الكفاءة في الاسلام و الخلق وإذا تصرف الولي خارج هذا المبدأ فأن دوره ينزع منه ويمنح لغيره من الأولياء او للسلطان كالقاضي مثلا.
وبناء على ما سبق يظهر لنا أن الأقوال الراجحة في المسألة كفيلة بحل كل الاستشكالات و بالتعامل مع المستجدات وأن
ما كتبه الا ستاذ الشاه ينقصه التحرير والدقة وليس هو ما تقرر لدى محققي مدرسة الفقه الاستدلالي
وبصفتي طالب علم وباحثا أتشرف بالانتساب لأعتاب هذه المدرسة المباركة .فإني ألتمس من الأستاذ محمد الأمين الشاه مراجعة ما كتبه في المسألة.
من صفحة الأستاذ/ السالك ولد محمد موسى على الفيس بوك