ثقافة

ظرافات.. وظرفاء (27) / الأستاذ: محمدو سالم ولد جدو

كان بشار بن برد رجلا من الوزن الثقيل، ومع ذلك لم تخل الكتب من ومضات لطيفة من أخباره كانت الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
من ذلك أن حماره نفق فزعم أنه رآه في النوم فقال له: ويلك.. ألم أُنَقِّ لك الشعير، وأبرد لك الماء، وأحسن إليك.. فما سبب موتك؟! فأنشد الحمار النافق:
هام قلبي بأتان ** عند باب الأصفهاني
تيمتني يوم رحنا ** بثناياها الحسان
وبغنج ودلال ** شف جسمي وبراني
ولها خد أسيل ** مثل خد الشيفران
فلذا مت.. ولو عشـ ** ـتُ إذن طال هواني.
فقيل له: وما الشيفران يا أبا معاذ؟ فقال: وما يدريني أنا؟ هذا من غريب لغة الحمير فإذا رأيتم حماراً فاسألوه.
وقال أحد جبناء الشعراء، أو شعراء الجبناء:
وفي الهيجاء ما جربت نفسي ** ولكن في الهزيمة كالغزال
ولو جربت نفسي كنت ليثا ** أزمجر ملء صوتي لا أبالي
أحمس في الوغى أبناء قومي ** وأحمي ظهرهم عند النزال
أرى أني إذا ما الحرب قامت ** أرابط خلف ربات الحجال
فإن ظفروا فقد فزنا جميعا ** وإن لم يظفروا دبرت حالي
فلي عزم يشق الماء شقا ** ويكسر بيضتين على التوالي
أرى الفئران تهرب من أمامي ** إذا ما شاهدتْ يوما خيالي
وينهزم الذباب فلا أراه ** ولا أهتم فيه ولا أبالي
وإن أهجم على الصيصان يوما ** أدوس ضعيفها تحت النعال
وأنتف ريش مَيِّتِها بنفسي ** كنتف الباز أرياش الحجال
ولا أخشى الأعادي في منامي** فكم هشمت آلاف النمال
وقد شاهدت صرصورا كبيرا ** فلم أهرب ولا سلمت حالي
ولو لم ينهزم لغدا صريعا ** وشاهد همتى ورأى فعالي
وتلك مزية الشجعان مثلي ** يفر عدوهم قبل النزال!


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى