ظرافات.. وظرفاء (2) / الأستاذ: محمد سالم جدو
وقعت منازعة بين حيين من قريش، فخرجت عائشة -رضي الله عنها- على بغل لها فلقيها ابن أبي عتيق فقال: إلى أين جعلت فداك؟ قالت: أصلح بين هذين الحيين؛ فقال: والله ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل فكيف إذا قيل يوم البغل؟ فانصرفت.
قال رجل لأبي يعقوب فقيه سجستان: إذا شيعت جنازة فقدامها أفضل أن أمشي أم خلفها؟ فقال: إذا لم تكن على نعشها فامش حيث شئت.
وسقط عبد الله بن شبرمة القاضي (ت: 144هـ، أي أن الأمر قديم جدا) عن دابّته فوثئت رجله فدخل عليه يحيى بن نوفل عائداً ومادحاً -وكان جاره- فأنشده:
أَقُولُ غَدَاةَ أَتانا الخَبِيرُ ** يَدُسُّ أَحادِيَثَهُ هَيْنَمَهْ:
لَكَ الوَيلُ من مُخْبرٍ ما تَقولُ؟ ** أَبنْ لي وعَدِّ عنِ الجَمْجَمَهْ
فقال: خَرَجْتُ وقاضِي القُضَا ** ةِ مُنْفَكَّةٌ رجْلُهُ مُؤْلمَه
فقُلْتُ وضاقَتْ عَلَّى البلادُ ** وخِفْتُ المُجَلِّلَةَ المُعْظَمَهْ:
فغَزْوانُ حُرٌّ وأُمُّ الولِيدِ ** إِذا الله عافَى أَبا شُبْرَمَهْ
جَزَاءً لمَعْرُوفِهِ عِندَنا ** وما عِتْقُ عَبْدٍ له أَو أَمَهْ؟!
فقال ابن شبرمة: جزاك الله خيراً يا أبا معمر! وفي المجلس جارٌ ليحيى بن نوفل يعرف ما في منزله، فلما خرج تبعه فقال له: يا أبا معمر، أنا جارك منذ ثلاثين سنةً، وما أعرف غزوان ولا أم الوليد؟! فقال: رحمك الله؛ أوما تعرفهما؟ هما سنوران (قطان) عندي في البيت.. فاستر عليّ!!.
سئل أبو الحارث جمين: من يحضر مائدة محمد بن يحيى؟ فقال: أكرم الخلق وألأمهم (يعني الملائكة والذباب!) ونظر يوماً في المرآة فاستقبح وجهه فقال: الحمد لله الذي لا يحمد على المكروه سواه!.
وكان بعض الظرفاء جليسا لمغنيتين إحداهما حسناء الصوت –دون الأخرى- فكان إذا غنته الأولى شق قميصه، وإذا غنت الأخرى قعد يخيطه!.