فلنتحرك داخل مثلث الإصلاح! / محمد الأمين الفاضل
يجمعني منذ فترة نقاش مع العديد من المهتمين بالشأن العام، وفي أغلب تلك النقاشات يُطرح دائما السؤال التقليدي : أي حراك سياسي يناسب هذه المرحلة؟
بعد طول تفكير توصلتُ إلى خلاصة مفادها أن ما يناسب هذه المرحلة هو إطلاق حراك سياسي قادر على أن يتحرك بحيوية ونشاط داخل زوايا مثلث الإصلاح، وسأبين في هذا المقال ماذا أقصد بزوايا مثلث الإصلاح. عموما، ومن باب التجديد في المصطلحات فقد اخترتُ استخدام عبارة التحرك داخل مثلث بدلا من العبارة الشائعة التي تتحدث عن التحرك داخل دائرة، وربما يكون ذلك بسبب الرغبة في تجنب عدم تدوير المصطلحات.
إن هذا الحراك يجب أن يمتلك من الشجاعة والقدرة ـ وهذه هي الزاوية الأولى في مثلث الإصلاح ـ ما يكفي لتسويق ما تم إنجازه من طرف النظام، بشرط أن لا يدخل ذلك التسويق في إطار ما عهدناه من تطبيل وتصفيق لدى بعض داعمي الأنظمة الحاكمة.
إن تسويق المنجزات الذي أقصد هنا هو ذلك التسويق الإعلامي والسياسي الذي يمتلك مصداقية لدى المواطن، والذي يشجع في الوقت نفسه النظام على القيام بالمزيد من الإنجاز.
أما الزاوية الثانية في مثلث الإصلاح، والتي لا تقل أهمية عن الزاوية الأولى، فتتمثل في القدرة والشجاعة على كشف ونقد ما يقع من خلل، ولكن بشرط أن لا يكون ذلك النقد يهدف بالأساس إلى تعرية المسؤول عن ذلك الخطأ، وإظهار عجزه أو إظهار عجز النظام. إن ذلك النقد يجب أن يهدف بالأساس إلى معالجة ما يقع من خلل، ومن المعروف أن معالجة أي خلل لابد أن تسبقها عملية الكشف والتشخيص؛
أما الزاوية الثالثة وهي الأهم، فتتمثل في قدرة هذا الحراك على أن يشكل قوة اقتراحية ناصحة، تنصح وتقدم المقترحات لتصحيح ما يتم كشفه من خلل، مع الاستعداد للمساهمة الفعالة مع كل المعنيين في إصلاح ذلك الخلل.
إن الاكتفاء بتسويق المنجزات وهذا ما تقوم به “الأغلبية التقليدية” لن يؤدي إلى إصلاح حقيقي، وإن الاكتفاء بالنقد وهذا ما تقوم به “المعارضة التقليدية” لن يؤدي هو كذلك إلى أي إصلاح. إن الإصلاح هو عملية أكثر تعقيدا، وهي تحتاج إلى الجمع بين تسويق ما يتم إنجازه تشجيعا للمزيد من الإنجاز، ونقد مكامن الخلل وكشفها سعيا لمعالجتها، هذا فضلا عن تقديم النصح و الاستعداد للتعاون مع الجميع لمعالجة ما يتم رصده من خلل.
هذه هي زوايا مثلث الإصلاح، وهي تحتاج إلى حراك سياسي غير تقليدي يؤسس لما يمكن تسميته ب”الموالاة الناصحة”، ولأنه من المعروف أن الإصلاح لا يمكن أن يتم بدون مصلحين، فمن هنا فإن هذا الحراك بحاجة إلى قادة مؤسسين يمتاز كل واحد منهم بالمواصفات التالية :
3 ـ أن لا يكون من طائفة السلبيين أو المثبطين أو المكتفين بالتفرج على ما يجري في البلد من أحداث دون أن تكون له أي ردة فعل؛
4 ـ أن يمتلك شجاعة التثمين والنقد والنصح وأن تكون لديه قوة اقتراحية؛
5 ـ أن يكون على استعداد للتبرع بساعة على الأقل من كل أسبوع للخدمة العامة.
حفظ الله موريتانيا…
محمد الأمين الفاضل