الأخبار
من كواليس محاكمة الرئيس السابق اليوم
هيمن نقاش الإجراءات الشكلية على أولى جلسات محاكمة المشمولين فيما بات يعرف إعلاميا بملف فساد العشرية.
ويتهم في الملف إلى جانب الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وزراء ووزراء سابقون ورجال أعمال.
وتم تعليق الجلسة الأولى بعد دقائق من افتتاحها، إثر احتجاج عدد من المحامين على عدم تمكن بعضهم من دخول القاعة بسبب إجراءات التفتيش.
وبعد استئناف الجلسة بدأ النقاش بشأن اعتماد جمعيات مجتمع مدني مختصة في مجال شفافية ومحاربة الفساد كطرف مدني في القضية، واستعمت لآراء الأطراف بخصوصها، ويتوقع أن تعلن المحكمة قرارها حول الموضوع مساء اليوم.
وحددت المحكمة الجنائية المختصة في مكافحة الفساد ثلاث أيام من الأسبوع لانعقاد جلساتها ضمن المحاكمة التي بدأت اليوم.
المحاكمة التى تم استئنافها الساعة الثانية عشر، تم افتتاحها بطرد أحد المحامين، بعدما رن هاتفه، وهو إجراء لم يقبل رئيس المحكمة أي تفاوض بشأنه، أو دفاع عنه، لأنه انتهاك لقرار سابق أصدرته المحكمة، وألزمت الأجهزة الأمنية بتطبيقه، وكانت الإجراءات الرامية لتنفيذه محل خلاف بين المحامين والشرطة، بعدما رفضوا في البداية اجراء تفتيش “مهين” حسب ما أكد النقيب ورفاقه.
وقد بدأت الجلسة بالتأكد من هوية المحالين إلى المحاكمة، حيث عبر كل واحد منهم عند النداء باسمه بالقول “حاضر”، مع القيام لحظة النداء. بينما تم اعتبار أحد المحالين في حالة فرار من العدالة ( محمد الأمين ولد بوباتي)، وهو الموجود حاليا في أسبانيا للعلاج من وعكة صحية ألمت به.
وقد أعاد دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز المطالبة من جديد بترتيب الأمور، للسماح لهم بالجلوس في المقاعد الأمامية، في جلسة يحضرها أكثر من 60 محاميا، وهو ما أخذ أكثر من نصف ساعة من الجدل، وطالب نقيب المحامين رفاقه باحترام الأقدمية، ولكن البعض رفض ذلك، وأعتبر أن حق الدفاع مقدم على ترتيب مهني ابروتوكولي، وأن الأمر لايخل باحترام المحامين بعضهم للبعض.
وقد تدخل رئيس المحكمة طالبا من العميد محمدن ولد إشدو ورفاقه البحث عن مقاعد ، قائلا إن المحكمة بدأت تشعر بأن الهدف من الجدل هو عرقلة سير المحاكمة والإخلال بنظام سيرها.
وقد ألزم رئيس المحكمة نقيب المحامين بتلاوة أسماء المحامين المدافعين عن الدولة الموريتانية ، وهو ماتم بالفعل، حيث أستعرض النقيب أسماء 28 من رفاقه، حضروا الجلسة بتوكيل من وزير المالية ولد أمبادو. وقد أثار الإجراء بعض الجدل، حيث لم يظهر اسم البعض في اللائحة، وتم الدخول في نقاش مطول بين بعض المنزعجين من قرار الإقصاء وبعض المشمولين في اللائحة.
رئيس المحكمة استظهر برسالة جديدة بعثتها نقابة المحامين إلى المحكمة تطرح فيها أربعة من المحامين تحت تصرف المحكمة، وذلك لمؤازرة أي متهم لم يجد من يدافع عنه، وهو إجراء نادر في المحاكم المكلفة بمحاربة الفساد، لكن بحسب البعض ، يهدف إلى التأكد من وجود دفاع احتياطى، لضمان سير المحاكمة، خوفا من انسحاب بعض المحامين المتعهدين بالدفاع عن بعض المشمولين في الملف، في حالة تطور الخلاف بين الدفاع وهيئة المحكمة حول تسيير المحاكمة لاحقا.
الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تقدم الحضور، وهو يرتدى كمامه، وخلفه مباشرة صهره محمد ولد أمصبوع، بكمامة مشابهة، وكان قبل بداية الجلسة يتبادل الحديث معه، كما شاركه الوزير الأول الأسبق يحي ولد حدمين الكلام في بعض الأوقات، رغم أن الذي يليه هو الوزير الأول الأسبق محمد سالم ولد البشير، والذى لم يخف تحفظه من دخول النقاش طيلة مسار الجلسة.
بينما كان وزير التجهيز والنقل السابق محمد عبد الله ولد أوداعه منشغلا طيلة فترة الإنتظار بقراءة ملفه، ومراجعة بعض الأوراق الموجودة لديه، أما المدير محمد ولد الداف والوزير الطالب عبدى فال، فقد كانا طيلة وقت الإنتظار في حديث مستمر، بينما ألتزم بعض المشمولين في الملف الصمت طيلة الوقت دون الإقتراب من بقية المشمولين أو مشاركتهم بعض الأحاديث الجانبية.
طلبات المحامين المكلفين من بعض منظمات المجتمع المدنى بالحضور في المحاكمة، قوبلت بتفهم من وكيل الجمهورية القاضى أحمد ولد عبد الله، الذى كان يقف في الطرف الآخر، مصحوبا بأثنين من نوابه، وأثنين من أبرز كتاب الضبط العاملين معه، مذكرا بعض الذين اعترضوا على حضور هيئات المجتمع المدنى، بما تم 2018 بموريتانيا، حينما تقدمت هيئات من المجتمع المدنى برفع دعوى قضائية ضد أشخاص في الخارج. مؤكدا أن لرئيس المحكمة واسع النظر وإليه يعود التقدير، والنيابة العامة لم تطلب من أي جمعية الحضور أو المشاركة في الجهد القائم من أجل محاسبة المشمولين في الملف المحال أمام المحكمة المختصة بمكافحة الفساد.
غير أن هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز سخرت من توكيلات المحامين، وقالت بأن الجمعيات المذكورة صنيعة لوزارة الداخلية، وأن بعضها حصل على الترخيص يوم 18/11/2022 ، وهو ماينفى صفة تضررها من حكم الرئيس السابق، ويكشف حجم استغلالها في الملف من قبل السلطة التنفيذية. وذهب البعض إلى القول بأنه لايستغرب أن يحضر حزب الإنصاف وبعض المبادرات الداعمة في جلسة أخري للمطالبة بالإشراك طرف مدنى في ملف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز.
وقد أستمر النقاش بين المحامين لأكثر من ساعة حول نقطة إشراك المجتمع المدنى، قبل أن يعلن رئيس المحكمة تعليق الجلسة لصلاة الظهر، والعودة لأخذ القرار الملائم بشأن استمرارية المجتمع المدنى كطرف في المحاكمة الحالية أو استبعاده كما طالب بذلك فريق الدفاع.
وقد شهدت المحاكمة حضور العديد من الطواقم الصحفية المحلية والأجنبية، مع منع التصوير والتسجيل داخل القاعة، أو اصطحاب الهواتف إلى المحكمة، تطبيقا للقرار الصادر من هيئة المحكمة قبل يومين.
كما حضر عدد من أنصار الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وأقارب بعض المشمولين معه للجلسة، وسط اجراءات أمنية مشددة من قبل جهاز الشرطة الذى دفع بعدد من خيرة ضباطه والعاملين فيه، مع إجراءات تفتيش استثنائية، دون أي احتكاك مع الحضور أو الإعلاميين المتابعين لجلسات المحاكمة.
وقد كان لافتا حضور العديد من الطواقم الأمنية والعسكرية لمتابعة ، كما حضر عدد من العاملين في المؤسسات الإعلامية الرسمية للجلسة الأولى.
وقد أتسم رئيس المحكمة خلال ظهور الأول في أولى جلسات المحاكمة بالصرامة، وأظهر شخصية قوية في مواجهة مجمل الأطراف. كما رسم ملامح سير المحاكمة، قائلا إنه لن يتردد في اتخاذ كل التدابير الإجرائية اللازمة لضبط المحاكمة، وتسيير الأمور وفق منطق القانون والنظام.
نقلا عن زهرة شنقيط