شبابنا في خطر… فلنتحرك قبل فوات الأوان! / محمد الأمين ولد الفاضل
هناك عدة مخاطر تهدد شبابنا، هذه المخاطر قد تكون متداخلة، وقد يكون بعضها نتيجة للبعض الآخر، ولكنها في المجمل تحتاج إلى تعامل جدي وعاجل لإبعاد خطرها، وذلك من قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة، لا قدر الله.
إن هذه المخاطر يمكن إجمالها في :
– التسرب المدرسي؛
– البطالة؛
-انتشار الجريمة؛
– تفشي المخدرات؛
– الإلحاد والجرأة على الإساءة إلى مقدساتنا الدينية؛
إن مواجهة هذه المخاطر يحتاج إلى تفكير جماعي، بل وإلى تشاور وطني ينتهي بوضع إستراتيجية وطنية شاملة يشارك فيها الجميع : تصورا وتنفيذا. يعني هذا أنه لا يمكن تقديم حلول على السريع لمواجهة هذه المخاطر من خلال مقال يكتبه شخص ما، ومع ذلك فهذه بعض العناوين الكبرى أو بعض الكلمات المفاتيح التي لا يمكن تجاوزها عند رسم أي إستراتيجية وطنية تهدف إلى انتشال الشباب من براثين الخماسي الخطير: المخدرات ؛الجريمة ؛الإلحاد ؛البطالة ؛التسرب المدرسي.
الكلمة المفتاح الأولى: محاربة الفساد
إن أول كلمة مفتاح قد تتبادر إلى الذهن عند التفكير في حل أي مشكلة من مشاكلنا المتعددة والمعقدة هي: محاربة الفساد.
لا يمكن الحديث عن أي إصلاح ولا أي تغيير مهما كانت طبيعته من قبل المحاربة الجدية للفساد.
تصوروا مثلا أننا وضعنا إستراتيجية وطنية متكاملة لانتشال الشباب من المخدرات والجريمة والإلحاد والبطالة والتسرب المدرسي، وتصوروا أيضا أننا تمكنا من جمع الموارد اللازمة لتنفيذ تلك الإستراتيجية. تصوروا أننا تمكنا من كل ذلك، ولكن ذلك لن يأتي بنتائج إيجابية إذا لم نحارب الفساد بشكل جدي، وستكون الحصيلة النهائية بعد تنفيذ هذه الإستراتيجية هي ثراء عدد قليل من الموظفين مع تفاقم كبير لتلك المخاطر التي تهدد الشباب.
إن غياب الصرامة في التسيير، وعدم محاسبة المفسدين سيظل عائقا أمام أي إصلاح مهما كان نوع ذلك الإصلاح. فوضع الخطط وتوفير الموارد اللازمة لا يكفيان للإصلاح، إذا لم يصاحبهما أمران في غاية الأهمية:
أولهما : الرقابة الصارمة للتسيير وإنزال العقوبات القاسية بكل من يختلس المال العام؛
ثانيهما : تفعيل مبدأ الموظف المناسب في المكان المناسب، ورد الاعتبار لأصحاب الكفاءة والأهلية.. في بعض الأحيان قد لا يكون الموظف فاسدا، ولكن عدم الكفاءة وغياب الأهلية تجعل ضرره في المحصلة النهائية أكثر من ضرر الموظف الفاسد الذي يمتلك مستوى معينا من الكفاءة. فهذا الأخير قد يجمع بين قليل من الإنجاز مع نهب المال العام، أما الأول فكثيرا ما يفشل في الإنجاز وفي حماية المال العام من نهب المتربصين به.
الكلمة المفتاح الثانية: إصلاح التعليم، ثم إصلاح التعليم، ثم إصلاح التعليم
إن الكلمة المفتاح الثانية التي يجب التركيز عليها لانتشال الشباب من مخاطر المخدرات والجريمة والإلحاد والبطالة والتسرب المدرسي هي إصلاح التعليم، ثم إصلاح التعليم، ثم إصلاح التعليم.
لا يمكن الحديث عن أي إصلاح في أي مجال من مجالات الحياة من قبل إصلاح التعليم، ولا يمكن أن نتخيل شبابا صالحا دون وجود مدرسة جمهورية تربي وتعلم وتزرع في نفوس مرتاديها القيم الدينية والوطنية التي تحصنهم من المخاطر المذكورة أعلاه.
الكلمة المفتاح الثالثة : ملأ الفراغ بما يفيد إن الكلمة المفتاح الثالثة التي يجب التركيز عليها لانتشال الشباب من براثين المخدرات والجريمة والإلحاد والبطالة والتسرب المدرسي هي سد الفراغ بما يفيد.
لابد من مواجهة الفراغ لدى الشباب لأنه هو أصل كل الشرور، ومواجهة الفراغ تكون بخلق فضاءات ثقافية ورياضية في المدن والقرى تحتضن الشباب. كما يكون أيضا من خلال توفير الشغل للشباب سواءً منه من أكمل تعليمه، أو من لم يُكمل تعليمه.
هناك قطاعات يمكنها أن توفر عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب، لو تم الاهتمام بها بشكل جدي، وهذه القطاعات هي: الزراعة؛ التنقيب الأهلي؛ الصيد التقليدي…
تلكم كانت هي العناوين الكبرى أو الكلمات المفاتيح التي يجب أن تتضمنها أي إستراتيجية وطنية تسعى لتحصين الشباب من المخدرات والجريمة والإلحاد والبطالة والتسرب المدرسي، وتبقى هناك بعض العناوين الفرعية التي لابد من الأخذ بها كذلك، ومن تلك العناوين الفرعية يمكننا أن نذكر:
1 ـ الاهتمام أكثر بالأسرة والعمل على الحد من التفكك الأسري؛
2 ـ إنشاء مراكز ثقافية ورياضية في كل المدن لصالح الشباب والعمل على تنشيطها بشكل مستمر؛
3 – إيواء الأطفال الذين فشلت ـ أو عجزت ـ أسرهم عن تربيتهم، وتكفل الدولة بتربيتهم وتعليمهم، وتأهيلهم من بعد ذلك مهنيا؛
4 ـ إنشاء مراكز متخصصة لعلاج الإدمان؛
5 ـ إنشاء المزيد من مراكز الإيواء والتدريب لصالح الأطفال المشردين وأصحاب السوابق الإجرامية مع محاولة دمجهم في الحياة النشطة ؛
6 ـ إنشاء مراكز للتثقيف الحرفي (تكوبن مهني مبسط) بما يلبي حاجة السوق، وبما يمكن من امتصاص أعداد المتسربين من المدرسة؛
7 ـ تفعيل دور المجتمع المدني وحثه على التوعية في مجال محاربة المخدرات والتسرب المدرسي، وذلك بدلا من التنافس في مجالات أصبحت تجد فائضا من الاهتمام؛
8 ـ منح تعويض اجتماعي للعاطل عن العمل إلى أن يحصل على شغل؛
9 ـ البحث من خلال العلاقات الدبلوماسية عن فرص عمل لاكتتاب الشباب العاطل عن العمل في الدول التي تعاني من نقص في العمالة؛
10 ـ وضع سياسات اقتصادية واجتماعية للحد من اليد العاملة الأجنبية، ومحاولة إحلالها بيد عاملة وطنية مدربة؛
11 ـ الاهتمام أكثر بالمحاظر والعمل على تطويرها وعصرنتها لتمكينها من استقطاب جيل الانترنت؛
12 ـ تدريب العلماء والأئمة والدعاة الشباب على التقنيات الحديثة وحثهم على التواصل مع الشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي للإجابة على أسئلتهم واستشكالاتهم واستفساراتهم التي يطرحونها؛
13 ـ الاهتمام أكثر بالتربية الإسلامية وتقوية ضاربها في المرحلتين الأساسية والثانوية؛
14 ـ إصلاح ودعم القطاع الأمني وإعادة الاعتبار لقطاع الشرطة؛
15 ـ إصلاح قطاع السجون والقضاء؛
16 ـ العمل بإلزامية التجنيد الإجباري؛
17 ـ الصرامة في تنفيذ العقوبات وتطبيق أحكام الإعدام فيمن قتلته الشريعة؛
18 ـ تشديد العقوبة علي مستوردي وبائعي ومروجي المخدرات وكل المؤثرات العقلية؛
19 ـ تشجيع التميز وتحفيز التفوق والابتكار لدى الشباب؛
حفظ الله موريتانيا…
تم نشر هذا المقال في مثل هذا اليوم من العام الماضي، وأعيد نشره مع تصرف قليل نظرا لتجدد الحاجة لنشره.