الجزائر: كورونا يجعل المسنين في إقبال متزايد على الزواج وهذا هو السبب
عرفت عقود الزواج في ظلّ جائحة كورونا، ارتفاعا ملحوظا بالجزائر، عكس التوقعات.. فكثير من العازفين عن الارتباط، وجدوا في كورونا محفزا لإتمام نصف الدين، في ظل انخفاض التكاليف والمهور، وبحثا عن الأنيس في ظل الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي.. هذا ما وقفت عليه “الشروق” من خلال تقربها من مصالح توثيق عقود الزواج بالبلديات وحديثها ومختصين وأميار وأئمة..
رغم ما خلفته جائحة كورونا من آثار سلبية على الفرد والمجتمع، فمن الانهيارات النفسية إلى الشجارات الزوجيّة، وازدياد حالات الطلاق وارتكاب الجرائم، إلا أن المختصين والأئمة وحتى الأميار وموظفي مكاتب عقود الزواج، لفتوا الانتباه لظاهرة ايجابية للكوفيد 19، وهي ارتفاع حالات الزواج بطريقة غير مسبوقة بسبب تراجع التكاليف والأعباء تحت شعار “كسي ودي”.
فلطالما عرف مجتمعنا، عزوفا عن الزواج لبعض الفئات، بسبب قلة الإمكانيات المادية وغلاء المهور، أو بسبب رفض فكرة الزواج أصلا، ولكن خلال وباء كورونا، أعاد كثير من العزاب والعازبات، حساباتهم وقرروا الارتباط والاستفادة من الوضع الراهن بادخار الأموال التي كانت ستنفق في كراء قاعة العرس و”التصديرة” والعشاء… في تعمير البيت أو إيجار شقة تزامنا مع انهيار أسعار إيجار السكنات.
وفي هذا الصدد، أكد لنا موظف يشتغل بمصلحة توثيق عقود الزواج ببلدية جسر قسنطينة بالجزائر العاصمة، بأنه ورغم تعليق الحكومة عملية إبرام عقود الزواج سابقا عبر كثير من البلديات، تفاديا لتنظيم تجمعات الأعراس خلال الكورونا، ” لكنني انأ شخصيا كنت أتلقى يوميا، اتصالات كثيرة من مواطنين ومواطنات يسألون عن تاريخ عودة إبرام عقود الزواج،” ومع عودة هذه الأخيرة في البلديات شهدت المصلحة التي أعمل فيها وحتى المصالح في البلديات المجاورة أعدادا مضاعفة عما كانت عليه حتى قبل كورونا، وذالك لشباب من مختلف الأعمار والذين يرغبون في الاستفادة من الوضع الراهن في اقتصاد تكاليف الزواج…”.
وحتى الأئمة، وبحكم احتكاكهم اليومي بالمواطنين، فيؤكدون ازدياد حالات الزواج، خاصة بالنسبة لفئة العازفين عن الزواج والمطلقون والأرامل.
حجيمي: الظاهرة لمسناها وباركناها واستبشرنا بها خيرا
وفي هذا الإطار أكد المنسق الوطني لنقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي لـ ” الشروق”، أن ظاهرة ازدياد حالات الزواج في الجزائر خلال جائحة كورونا، ّ” لا ينكرها أحد، وجميعنا لاحظ ذلك، ونحن كأئمة وبحكم اتصالنا وإبرامنا عقود “الفاتحة” للعائلات، بعد إبرام العقد الرسمي، لاحظنا الظاهرة وباركناها وتفاءلنا بها خيرا “.
واعتبر محدثنا، أنّ السبب الرئيس في ذلك، يعود أساسا لقلة التكاليف والتسهيل، الذي أصبح يجده الشاب العازم على الزواج من عائلة الفتاة. فلم تعد كثير من العائلات تبالغ في شروطها المادية على العرسان، بعدما أخذت العبرة من مخلفات فيروس كورونا، وانتشار أخبار الموت والفقد.
واستحسن محدثنا، الظاهرة والتي تساهم في خفض حالات العزوف عن الزواج التي كانت منتشرة في سنوات خلت، وتسببت في ظهور مشاكل وانحرافات خطيرة بالمجتمع.
وناشد حجيمي، الأسر لجعل وباء كورونا عبرة، لتسهيل وتيسير الزواج على الشباب وستر الفتيات ” لأن في الأمر بركة وخير كبيرين على الأسرة والمجتمع “.
مير القصبة: 189 عقد زواج ببلديتنا في سنة الكورونا وهو رقم مُعتبر
ولمعرفة إحصائيات عن عقود الزواج المسجلة خلال سنة كاملة من جائحة كورونا، أخذنا بلدية القصبة بالجزائر العاصمة كعينة. حيث كشف رئيس البلدية، عمر زطيلي لـ ” الشروق” بأن مصلحة الحالة المدنية سجلت في سنة 2020 وخلال انتشار الجائحة، تم تسجيل 189 عقد زواج.
وقال المتحدث، بأنهم كانوا ينتظرون عزوفا شبه كلي من المواطنين، على إبرام عقود الزواج خلال مرحلة الكوفيد، ” لكننا تفاجأنا بتسجيل رقم 189، والذي نعتبره رقما معتبرا، خاصة وأننا توقفنا عن إبرام عقود الزواج لمدة قرابة الشهرين بتعليمات من الحكومة، وفي عز موسم الأعراس، ولولا ذلك لارتفع العدد أكثر، وهي ظاهرة نباركها “.
الحجر الصحي ساهم في إقبال الكهول والمسنين على الزواج
ومن جهتها فسّرت المختصة الاجتماعية، نجاة جرادي، ظاهرة الإقبال على الزواج خلال كورونا، بأن الجائحة، جعلت الشخص يعرف قيمة الزواج وتكوين عائلة وإنجاب أطفال.
وقالت لـ ” الشروق ” ” خلال الجائحة، وفرض الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، والبقاء بين أربعة جدران وقلة الزيارات العائلية، سيطر الشعور بالوحدة على الأشخاص غير المرتبطين، كما ظهرت فوبيا الخوف من الكورونا والموت وحيدا، وهو ما جعل كثيرون، خاصة الفئة العمرية بين 40 و65 عاما، يسارعون للزواج “.
جزائريون تزوجوا لأول مرة دون “ديون”
وبدورها، اعتبرت المختصة النفسانية ومديرة مركز البحوث والتطبيقات النفسية، سميرة فكراش في تصريح لـ ” الشروق”، بأن التفسير النفسي لإقبال العازفين عن الارتباط الى المسارعة للزواج خلال كورونا، أنهم يبحثون لاشعوريا عن الاستمراية في الحياة، في ظل أخبار الموت اليومية. وحتى معدل الولادات، حسبها، ارتفع خلال الجائحة، حسب أخر الإحصائيات.
فالمتردد في الزواج، اتخذ قرار الزواج وإنجاب أطفال ” استمرارا لنسله، وضمانا لاستمرار حياته حسب اعتقاده، واستمرار لحياته الاجتماعية التي دمرتها الكورونا “.
كما ساهمت ظاهرة منع إقامة الأعراس وغلق قاعات الحفلات، في إقبال الشباب ” زواولة ” في تحقيق نصف دينهم، بأقل الإمكانيات، ومن غير ديون.
ريم آفريك