أعلامالأخبار

الطبيب السينغالي الراحل ابير انچاي صديق المورتانيين

 

كتب عدد من المدونين الموريتانيين على صفحاتهم على الفيس بوك في تأبين الطبيب السينغالي ابراهيم انچاي الذي رحل إلى الدار الآخرة مساء أمس عن عمر 78 سنة.

 

 

كان الطبيب ابراهيم انچاي المعروف بـ “ابير انچاي” طبيبا ماهرا وكان صديقا للموريتانيبن، وقد سمي باسمه المستشفى الذي تعاقد معه بعد تقاعده عن العمل، والذي يعمل به حتى غادر هذه الدار مساء أمس.

 

 

أحب الموريتانيون الطبيب ابراهيم انچاي وكثر ترديد اسمه على شفاه من تعالجوا في الجارة الجنوبية ولا غرو، فعلاوة إلى خبرته الطبية وكفاءته، فهو ابن مدينة اندر التي لسكانها تاريخهم الطويل من التآخي والتلاحم مع الموريتانيين.

 

كما أن الفقيد عاش فترة من طفولته في مدينة أبي تلميت وله علاقات بأسرة أهل الشيخ سيديا ورثها عن أسرته، وهو أيضا حفيد الترجمان المشهور وصديق الموريتانيين الكبير دودو سك المعروف في الأوساط الموريتانية ب محمدن ولد ابنو المقداد.

وقد اخترنا تدوينتين لاثنين من أكابر المدونين الموريتانيين، وكانا خبرا المرحوم ابير انچاي، فقد كتب الأستاذ محمد سالم ولد جدو:

ابير انجاي..

إبراهيم انجاي إنسان ودود لطيف حلو المعشر، وأحد مشاهير أطباء غرب إفريقيا، عمل بعد تقاعده في مستشفى الشيخ أنت جوب بدكار فغلب اسمه على المستشفى (ابير انجاي) وهناك منَّ الله به على الموريتانيين حين رمتهم الأقدار مدفوعين بغريزة حب الحياة إلى السنغال؛ يرتمون على الرصيف ليلا، منهم من يبيت، ومنهم من يجازف بالذهاب إليه بعد انتصاف الليل انتظارا لحضوره الذي يسبق الفجر مراعاة لحالهم، فإذا حانت الصلاة توقف عن استقبال المرضى حتى يؤديها. جئته مرة أنا وأخي الحمد آم بمريض فكان ترتيبه السابع فقابلناه وعدنا إلى حيث نقيم بابلاتو قبل طلوع الفجر الصادق! وتكرر نحو هذا مرة أو مرتين.
يستقبل المريض عند الباب ويصغي إليه بأناة، ويداعبه تخفيفا عنه، وإن كان صغيرا أهداه الحلواء، ثم يشيعه إلى الباب وهناك يستقبل مريضا آخر.. وهكذا. لا يضجر ولا يتبرم. يؤانس الزائر حسب مستواه ومنطقته؛ فيسأله عن البادية واللبن واللحم أو الگيطنه أو المدينة أو العمل.. حسب ما يتوسم من حاله، فإن رآه ذا ثقافة خاض معه في أمور التاريخ والحضارة، وما وعاه من تاريخ جده لأمه دودو سك المتلقب ولد أبن المقداد، وكثيرا ما ذكر حقبة من شبابه عاشها في بلادنا في كنف عمه سيد المختار انجاي.
في سبتمبر 2018 عاينت منه ما نشرته آنذاك في تدوينة أنقلها أدناه:
“وزير في المستشفى
جاء وزير سنغالي مستعجلا إلى مستشفى هنا بدكار، وطلب مقابلة الطبيب فورا ليتاح له حضور اجتماع الحكومة (حسب قوله) لكن موظفي الاستقبال اعتذروا.
أصر الوزير فعلم الطبيب المقصود فخرج إليه وخاطبه بأدب وحزم: إن شئتم فسجلوا واتركوا رقم هاتفكم لدى موظفي الاستقبال واذهبوا حيث شئتم ليخبروكم في الوقت المناسب، وإن شئتم فزوروني مساء في المنزل لأقابلكم هناك، أما التقديم هنا فلا أملكه يا معالي الوزير”. (انتهى الاستشهاد).
أمر واحد ينغص ما ذكرته عن ابير انجاي.. إنه “تبتابة” موريتانيون مقيمون هناك، يرافقون المرضى بأجر، ومنهم من لا يربأ بنفسه عن غش ولا خداع. (عافانا الله وإياهم). وأخف ما يصدر منهم أن ترى أحدهم فردا في الصف ثم يتمخض عن عشرة أشخاص ينامون في مساكنهم إلى أن يحين الوقت فيستقدمهم بالهاتف تباعا ليقابلوا الطبيب وينصرفوا قبل الذين باتوا على الرصيف!
رحم الله ابير انجاي بواسع رحمته، وتجاوز عنه، وجزاء خير الجزاء عن
المرضى؛ وخصوصا الموريتانيين منهم، وأحسن عزاءهم.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

 

بينما كتب الأستاذ إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا:

لم تكن بيني وبينه بروتوكولات بحكم أنه سمي جدي وشيخي الشيخ إبراهيم ولد باب ولد الشيخ سيديا رحمه الله، وتعالقات أخرى كثيرة بين ضفتي نهر السنغال منها الروحي والسياسي والانتروبولوجي يضيق المقام عن ذكرها.
كان الفتى الأندري إبراهيم بيير انجاي (1942-2020) أول إفريقي افرانكفوني يحصل على شهادة الأستاذية في طب الأعصاب عام 1979 من جامعة باريس lV
لطالما ارتاده الموريتانيون في عيادته بداكار فيهبهم الله الشفاء على يديه، لم يكونوا يراعون تخصصه في استشفائهم، ولم أكن أعلم السبب إلا حين سألته ذات مرة فأخبرني بأن الموريتانيين يعلمون دعوات الصالحين منهم له في الماضي ويتلمسون الإجابة عبره.
كان يبدأ استشاراته الطبية بعيادته الواقعة قبالة مستشفى فان الجامعي في داكار؛ مباشرة بعد صلاة الصبح لأكثر من أربعين عاما، وكثيرا ما دعاه الموريتانيون إلى بيوتهم في لعصابه وآدرار والترارزه.
يزور رياض الصالحين في البعلاتيه سنويا وينزل في أحد فنادق انواكشوط خلسة لكي لا ينغص الكرماء الموريتانيون أجندته عرفانا واستدراكا.
مرة أخبرني أن من بين أطباء الأعصاب الموريتانيين من هم أذكياء جدا تخرجوا على يديه وهم مصدر لطمأنينته على مرضاه وغيرهم.
كان خلوقا كريما قوي الإيمان كثير الذكر ذا قلب رحيم.
تأبين طبيب هو مشاركة قسرية في معزوفة حزينة وتوقيع على إفادة اختتام لمهرجان للبسمة، ليس محببا لسبابتي ولا ريشتي.
تغمد الله طبيب الموريتانيين البروفيسير ابيير انجاي برحمته ولا أفتننا بعده.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى