آراء وتحليلاتالأخبار

أنا موريتاني

أتابع الأحداث الليبية بشكل يومي مع مصادر أصلية وفاعلة في الحدث، ومن خلال مصادره المفتوحة، وفي الغالب أنتج أو أشارك في الحلقات التي تعالج أخبار ليبيا في الوحدة التي أعمل بها في شبكة الجزيرة.. ولي أصدقاء ليبيون على امتداد رقعة العالم من أمريكا إلى الدوحة، وعملت لسنوات في الملف السياسي الليبي من زوايا مختلفة.

ولدي بعض الوقت هذه الأيام، وفي ليبيا أحداث تغري بالتحليل.. ومع كل هذا عزفت عن التعليق على الأحداث فيها استنكارا لانهماك شعب الله الأدخن في كل ملفات العالم تحليلا أو تخندقا، واتخاذ موقف من كل حدث، وكأنهم كلهم ممثلو فروع منظمات إقليمية أو دولية.

يجب أن توجد صحافة موريتانية تهتم بالشأن الإقليمي والعالمي إخبارا، وتحليلا، لا أن يكون لكل مدون موقف من كل حدث حتى ولو على المستوى المحلي، فهذه كارثة تضرب في بنية العقل، وتشتت وعي الجمهور، وتشغل أوقات الناس في معارك، وتورث شحناء بين أبناء الوطن..

نحن شعب الله الوحيد الذي يعرف كل شعوب العالم العربي وخصائصها ورؤساءها، ويتحدث لهجاتها، وله مواقف من انتخاباتها وانقلاباتها.. وحلفاء في حروبها، ومع ذلك يصادفك من إخواننا في المشرق العربي من يسألك: في موريتانيا تتحدثون العربية؟ ولا يميز كثير من النخب بيننا وبين أرتيريا، وآخرون يخلطوننا بالصوما.. نروي هذه الملاحظات عادة على سبيل التنكيت، ونتهم إخوتنا المشارقة بالجهل، ولكن الأولى أن نتهم أنفسنا بالفضول.

لدى أجيال كثيرة من الشباب جهل مطبق بتاريخ موريتانيا، والخريطة السياسية فيها، وبجغرافيتها، وتاريخها الاجتماعي.. ويفغر أغلبهم فمه تعجبا عند المرور على بعض المعلومات المتداولة على نطاق واسع ولا يخلو منها كتاب موريتاني، ولا مذكرات سياسي، ولا حوار ذو طبيعة تاريخية…

وهم أنفسهم خبراء في معارك النخبة في مصر وسوريا والعراق وفي المغرب والجزائر، والهند وأمريكا اللاتينية، وال هي أوروبا كاع الا زر لخيام ادوني!

اهتموا قليلا بموريتانيا فعنها ستسألون في الدنيا والآخرة، ولا تجتلبوا لها معارك الآخرين ففيها من الحروب ما يمكن أن ينهي أعماركم قتالا.

لا تستوردوا لها مقايسات نبتت في أماكن أخرى، ولا تقارنوا جيشها بجيوش أخرى، ولا تستوردوا المواقف من أنظمة سياسية وتجعلوا منها نماذج تفسيرية لتحليل مواقف سلطات بلدكم..

تعاملوا مع المعطيات الماثلة للعيان، وحللوا على أساسها، وقيسوا، وناقشوا.. عارضوا أو والوا، وفرقوا بين السياسة والوطن، وبين الوطن والنظام السياسي.. وقبل كل ذلك خذوا أنفسكم بقليل جدا من القراءة والسؤال والتعلم عن هذه الرقعة التي تعيشون عليها والأقوام التي تتساكن عليها.. وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون.

(طبعا هنا أحذر من استيراد المعارك لا من الاهتمام الذي هو جزء من المعرفة والثقافة)

من صفحة محمد عبد الله لحبيب الملقب “ديدي

نقلا عن زهرة شنقيط


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى