آراء وتحليلاتالأخبار

أحجية وباء كورونا، من ضرب من؟ / بقلم: د.محمد عمر غرس الله

لا يمكن لعاقل القول أن ما يجري في العالم اليوم – في موضوع وباء كورونا COVID19 – أمراً عابراً او مجرد صدفة ليس ورائه ما ورائه وسيكون بعده ما بعده، حيث الإنتشار المتسارع للوباء والتحذيرات الدولية الصريحة والمفزعة، وايضاً ما جرى في الصين طول الشهر الماضي حيث بقت الدول الغربية تتفرج دون تقديم أية مساعدة، وما يجري في بلدان أخرى في ايران، ثم إيطاليا واوروبا عموما والولايات المتحدة، كما أن التصريحات التي يقولها كبار ساسة العالم في دول كبرى، تبدو مفزعة لدرجة يصعب تصديقها او حتى تقدير حقيقتها، فالجميع في دوامة التصديق والهلع والصدمة أيضاً، والبعض وصل لدرجة عدم إستيعاب ما يجري فهو بين مصدق وخائف وبين مستهتر يهون من الأمر.

أنه أمر كبير وكبير جداً وحدث بالغ لم تعرف البشرية في الخمسين عاما الأخيره مثله، فحينما يقول – مثلاً – رئيس وزراء بريطانيا (بوريس جونسون) لمواطنيه: أن عليهم الإستعداد لفقدان البعض من أحبابهم، ويضيف أن الثلاثة أشهر القادمة ستكون صعبة، ويطالب الناس بعدم الذهاب للتجمعات ويدعو لضرورة الإلتزام بالبيوت، فأن كل هذا كحزمة تحذيرات يقول شيء مفزع ومخيف جداً، فإذا كان هذا ما يقوله الغرب المتقدم، ويحدث في دول نظامها الصحي قوي ومتين تملك الإمكانيات، فما القول فيما يتعلق ببقية بلدان العالم الصغيرة والضعيفة – خاصة – منطقتنا التي لا سيطرة ولا سلطة للدولة فيها في أكثر من مكان.

أن الأمر أيضاً محير في تصريحات الصين والإشارة بأنها قد تعرضت لهجوم بايولوجي وحددت حتى فاعليه وتوقيت الفعل، وأظافوا بالأمس بأن الصين لن تقف مكتوفة الإيدي أمام ما تفعله الولايات المتحدة، فماذا حدث ومالذي يحدث؟، هل هي حرب جرثومة سرية – أنطلقت ونوع جديد من الحروب التجارية والصراع والتنافس الدولي وترتيبات المستقبل – تم فيه إستهداف الصين – للحد من تصاعد نموها الإقتصادي – فقامت بالرد بنفس الأُسلوب، أم هي عولمة الأمراض وتعبير عن ترابط العالم وتواصله حيث يتعرض لما تعرض له بقية العالم فلا أحد بعيد عن أحد، أم هو مجرد إنفلات وخروج عن السيطرة، حيث مهما تقدم الإنسان يبقى دائما ضعيفاً أمام تطور الأمراض والفايروسات في الصراع الأزلي بين حياة الإنسان وحياة البكتيريا وأنواع الفايروسات، أم إنه أمر عارض لم يتم الإنتباه له فإنتشر بهذا الشكل المتسارع جداً نتيجة لترابط العالم وتواصله، أم أن الأمر ورائه ما ورائه ويتم تحت جناحه القيام بأعمال وإجراءات وإستعدادات أخرى يتم التغطية عليها بنشر حالة الفزع من هذه الجائحة، خاصة حينما نسمع أن العالم سيمر بمرحلة حرجة في المدة القادمة في صراع الإرادات الإقتصادية الدولية، ولا أحد يعرف ما حجم ونوع ما سيجري، ولا إلى أين سيؤدي.

كيف يحدث أن يتعرض العالم كله لهذا الأمر، رغم أن الكثيرين يقولون بأن العالم أكثر مسؤلية من أن يشن على بعضه حرب جرثومية، وأن إستهداف الصين – التي تعد اليوم أحد ركائز الأقتصاد العالمي – لا يفعله أحد لأنه سيضر نفسه وإقتصاده أيضاً، ورغم وجاهة هذا التحليل إلا أن التجربة في هذا العالم – المليء بالمسؤولية وحسن التقدير – تقول لنا أن في هذا العالم نفسه قتلة ومجرمون لا يتورعون على فعل أي شي بالإنسان في سبيل تحقيق أهدافهم، وتاريخ البشرية مليء بالمجرمين والجرائم وأنه حتى مع تقدم الإنسانية إلا أن هذه الإنسان في مسألة الصراع الدولي والتنافس والحروب القذرة لازال في جاهليته الأولى لم يتغير او يتطور فيه شيء.

كما أن ما يجري يقول أن صناعة الهلع وتجربتها، وتجربة القدرة على التحذير، وحساب الإستجابة في قطاعات المجتمع، والقدرة على إدارة الهلع ومواجهة الأخطار البايولوجية، ربما تكون أحد أهم ما يمكن العمل عليه في هذه الظروف، او هي محصلة كنتيجة بغض النظر عن أسباب ما يحصل.

أنه أمر كبير ويحتاج لفترة طويلة لمعرفة ما يجري، رغم أن أسرار كثيرة محيرة في هذا العالم بقت دائماً لغزاً حير الباحثين، يقال فيه الكثير دون يقين، وبقى أسطورة وخيال وتقاطع مع الحقيقة حتى لم يستطيع الإنسان الجزم وتحديد كيف ولماذا، يحدث الحدث الكبير، وأن غداً لناظره قريب.

اللهم أجرنا من الوباء والسقم وخائنة الأعين وما تخفي معامل الحروب القذرة.

الله من وراء القصد


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى