ثقافة

ما لا يعرفه الكثيرون عن رائعة اليدالي (صلاة ربي)

لمحة عن رائعة اليدالي: “صلاة ربي”
أجمع الباحثون الموريتانيون ممن تناولوا قصيدة العلامة محمد بن سعيد اليدالي “صلاة ربي” أن الرجل لم يسبق إلى مثل هذا الوزن والتقفية، فأكثروا من العبارات التي تؤكد سبقه إلى هذا اللحن مثل:
ــ لحن شعري جديد لم تألفه المسامع.
ــ إن هذه القصيدة تمثل نوعا من الابتكار.
ــ خطوة جادة من اليدالي نحو تنويع الأوزان العروضية.
ــ لحن لم تدنسه يد التناول.
ــ إنها خطوة نحو توسيع دائرة موسيقى الشعر.
إلى غير ذلك من العبارات التي يؤكدون من خلالها سبق اليدالي إلى النسج على هذا المنوال، وهي مسألة لم يتحروا فيها الدقة، ولعلهم لم يكلفوا أنفسهم عناء في البحث كبير، إذ أن القول بأسبقية الشيخ محمد اليدالي إلى هذا البحر أمر لا نسلمه فهو مردود لما يلي:
ــ إن الشيخ لم يدّع الأسبقية إلى هذا، وإنما صرح أنه نسجه على منوال نص حساني سمعه من أحدهم.
ــ إن هذا النظام الإيقاعي وهذه التقفية التي نسج عليها اليدالي هذا المقطع نجدهما في شعر ينسب لأبي نواس الذي سبق اليدالي بعشرة قرون، وذلك في قصيدة عنده خرج بها على الأوزان العروضية المعروفة في الشعر الفصيح، وعلى نظام تقفيته المعهود، ومنها:
سلاف دنِّ = كشمـس دجـنِ = كدمع جفنِ = كخمـر عـدنِ
طبيخ شمس = كـلـون ورس = ربيب فرس = حليف سجـنِ
حتى تبدت = وقـد تـصـدت = لنا ومـلـت = حـلـول دنِ
فاحت بـريحٍ = كـريح شـيحٍ = يوم صبوحٍ = وغـيم دجـنِ
يسقيك ساق = على اشـتـياق = إلى التلاقي = بمـاء مـزنِ
يدير طرفا = يعـير حـتـفـا = إذا تكفى = من الـتـثـنِـي
على غنـاء = وصـوت نـاء = دواء داء = من التـجـنِـي
ولثم خد = كـطـعـم شـهـد = من ذات قد = وهي تغـنِـي
غناء دل = وضـرب طـبـل = ورمي نبل = بطرف جنِـي
يا من لحاني = على الـقـيان = اللهو شاني = فلا تلـمـنِـي
وحتى لو لم تصح نسبة هه القصيدة إلى أبي نواس، فلا مراء في كونها سابقة على قصيدة اليدالي بفترات وفترات.
هذا ولا يضر الشيخ محمد بن سعيد اليدالي عدم أسبقيته إلى هذا المنوال، وهو من هو، فهو الولي الصالح، وهو العلامة المحقق، ذو المؤلفات الكثيرة والمفيدة، وهو الشاعر المفلق، الذي عاش في فترة لا يتجاوز فيها شعراء هذه الربوع أصابع اليد الواحدة.
كما أن قصيدته “صلاة ربي” ملأت الدنيا وشغلت الناس، فانظر إلى جزالة معاني هذه الأبيات، وحسن سبكها، وقرب مأخذها، وسهولة ألفاظها:
بدر السعود = وافي الوعود = وافي العهود = وافي الذمام
قطب الوجود = مغني الوفود = مدني الوفود = من الحمام
هادي االعباد = مهدي الأيادي = جالي الأعادي = جالي الظلام
حامي الحقائق = غوث الخلائق = صافي الخلائق = كافي الزنام
وبفعل حضورها القوي في ذاكرة المجتمع، وتناغم مصاريعها، والتأثير البالغ لأسلوبها، فقد تسابق كثير من الشعراء إلى النسج على منوالها، ومنهم: الشيخ محمدو بن حنبل والمختار ولد المعلى الحسنيين، والشيخ كلاه التندغي، ومحمد يحي ولد سيد احمد المجلسي، ولا يتسع المقام لقصائد هؤلاء.

من صفحة المدون محمد الامين ولد لكويري


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى