آراء وتحليلاتالأخبار

ملاحظة عامة على “إصلاح” 99 / محفوظ الحنفي

من عيوب “إصلاح” 99 أنه لم يستند إلى أي نظرية أو رؤية استيراتيجية للمستقبل..

لقد حاول إنصاف فئة من مجتمعنا فرضت عليها ظروف معينة أن لا تتقن غير اللغة الفرنسية..

وبالتأكيد أن أي إقصاء لها بسبب هذا الحال سيكون ظلما لا غبار عليه.

لكن المشكلة هي أن مهندسي ذلكم “الإصلاح” فكروا كثيرا في تلك الفئة وفي مصالحها وفي مستقبلها؛ دون أن يشغلوا وقتهم بالتفكير ولو للحظة في مستقبل الأمة بأسرها والبلد بأكمله، ولا حتى في مستقبل أبناء تلك الفئة التي أرادوا انصافها..

نقول إنهم أرادوا إنصافها لأننا لا نريد أن ننشغل كثيرا بالبحث في النوايا، ولا في تبادل الاتهامات والتخوين؛ فتذهب بنا النقاشات والمساجلات العقيمة بعيدا عن هدفنا الأسمى..

أعتقد أن التفكير في مستقبل البلد ومصالحه، وفي المجتمع وانسجام مكوناته وائتلافها وتفاهمها وتعاونها وتواصلها؛ بالتوازي مع التفكير في مصالح تلك الفئة؛ لم يكن يتطلب غير إجرائين أو قرارين بسيطين في نظري:

— القرار الأول: هو إحصاء شامل لتلك الفئة التي فرضت عليها ظروف أكبر منها أن لا تتقن غير اللغة الفرنسية، واتخاذ قرار سيادي لصالحها يقضي بقبول ازدواجية التعامل الإداري باللغتين العربية الفرنسية حيثما وجد مواطن من تلك الفئة.

— أما القرار الثاني؛ فيقضي بانتهاج سياسة تربوية وتعليمية لحل المشكل في فترة زمنية محددة؛ وذلك بتصحيح هذا الخلل من المنبع؛ أي من أولى سنوات التعليم وحتى نهايته بشكل يضمن أن يكون كل خريجي التعليم في بلادنا يتقنون لغة بلدهم حتما؛ مع ما شئنا أو شاءوا من لغات العالم، ومن رأى أن حريته الشخصية تقتضي أن يتعلم اللغة التي يريد، وأن يجهل أو يتجاهل اللغة التي يشاء؛ فهو حر لكن على مسئوليته وحده، وعليه أن لا يلوم غير نفسه إذا بلغ سن التوظيف ووجد أمامه عائقا قانونيا يتمثل في أن لغة الإدارة والعلم والعمل في هذا البلد هي اللغة العربية التي لا يريد تعلمها.

هذا ما كان يجب أن يكون عليه ذلكم “الإصلاح”، وهو ما يجب أن يسير عليه أي إصلاح جدي جديد؛ لأنه يحقق تصالح موريتانيا مع ذاتها ودستورها وتاريخها وهويتها من ناحية، كما ينصف جميع أبنائها ويحفظ مصالحهم ويضمن تقديرهم واحترامهم، ويحقق شروط استفادتهم من بلدهم، واستفادة بلدهم منهم..

هذا فضلا عن أنه سينهي سجالا طويلا عقيما مثيرا للظنون والتأويلات؛ حيث لن يخشى صاحب ثقافة فرنسية من أي إقصاء أو تهميش؛ أما من يعترض على تعلم كل الموريتانيين للغة قرآنهم ودينهم ودستورهم، فقط لمجرد الاعتراض؛ فإن أقل ما يسقدمه لنا من خدمة هو أنه سيجعلنا قادرين بكل سهولة على حديد الدافع الحقيقي لاعتراضه هذا؛ فنعامله بمثل ما يعامل به أمثاله في كل بلدان العالم؛ غير مترددين، ولا آسفين؛ ولا مستحيين..

واللبيب تكفيه الإشارة.


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى