اقتصاد

الاقتصادات الإفريقية: أداء متطور وآفاق واعدة

عرفت بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء نموا اقتصاديا مطردا أكدت عليه تقارير دورية صادرة عن هيئات دولية متخصصة وهي فرصة ذهبية، لو تم استغلالها بعقلانية وصاحبتها إصلاحات إدارية ونظام مصرفي فعال، فقد تعزز رفاه الشعوب الإفريقية وتقضي على الفقر في هذه القارة

.

شهدت سنة 2013 نموا مضطردا في اقتصاديات بعض دول أفريقيا جنوب الصحراء ويتوقع أن يظل هذا النمو مستمرا (الجزيرة)

ملخص
إن النمو الذي حصل في اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء خلال العام الماضي يعود إلى مؤشرات نمو العرض والطلب والاستثمار في هذه الدول التي شهدت ارتفاعًا مطردًا في زيادة الطلب على الصادرات الإفريقية خاصة من قبل الاقتصاديات الآخذة في النمو (مثل: الصين والهند والبرازيل)، واستفاد كذلك من ارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية، إضافة إلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على قطاع الصناعات غير التقليدية، والمساعدات الإنمائية الرسمية، والمساعدات من أجل تخفيف عبء الديون، وزيادة الإنتاجية، وزيادة العائد من السياحة، والزيادة الملحوظة في عائد تجارة الخدمات

.

إن مؤشرات النمو الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء تبشّر بربيع أخضر يعود بنمو مطرد وبحبوحة اقتصادية متزايدة وتحسن في الوضع الاقتصادي الداخلي مع فقر أقل وحياة أحسن ومستقبل أكثر إشراقًا, وتطورًا ملحوظًا في البنية التحتية وقطاعات الصحة والتعليم وتحسن خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والمساواة بين الجنسين، والقضاء على التهميش والبطالة ومواجهة الكوارث الطبيعية والقضاء على الأمراض الفتاكة والتقليل من خطورة وانتشار بعضها كوباء “الإيدز”, الذي يفتك سنويًا بأعداد هائلة من البشر في إفريقيا ويعوق النمو في بعض البلدان (جنوب إفريقيا, بتسوانا, زيمبابوي… إلخ)

.

مع تعافي المنظومة الاقتصادية العالمية من الأزمة الطاحنة التي فتكت بأغلب الاقتصادات العظيمة والرائدة في السنوات الأخيرة, برزت بعض دول إفريقيا جنوب الصحراء كدول نامية لها مستقبل اقتصادي مشرق, تجلّى ذلك في تعافيها المبكر من تلك الأزمة العنيفة حسب الدراسة التي نشرها مصرف “كوميرز بانك” (Commerzbank) في ألمانيا، والتي توقّع فيها بعض الباحثين أن تحقق دول مثل: نيجيريا وغانا وجنوب إفريقيا وكينيا نموًا سنويًا بنحو 6% على المدى المتوسط، مدفوعة بتزايد الطلب على المواد الخام خاصة من قبل الاقتصادات المزدهرة في آسيا

.

ينظر المراقبون إلى إفريقيا المتعافية قبل غيرها من دول العالم على أنها تشكّل فرصة لامعة وليست عبئًا على كاهل العالم كما كان يراد لها سابقًا, وبات الحديث مؤخرًا يدور حول إفريقيا في جميع المراكز المالية العالمية ويرتفع ذكرها إلى أعلى أجندات مديري الاستثمارات العالمية وأصحاب رؤوس الأموال المعتبرة

.

تحدث نائب رئيس قسم إدارة الأسواق النقدية والرأسمالية الدكتور آمادو سي عن اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء قائلاً: إن “حسن حظ هذه الاقتصادات يرجع في بعض جزئياته إلى قوة السياسات الاقتصادية التي انتهجتها هذه الدول قبل الأزمة العالمية. وبفضل حسن الحظ أيضًا ظلت أسعار السلع الأولية التي يعتمد عليها الكثير من هذه الدول أعلى نسبيًا مما كانت عليه في فترات الركود السابقة. كما أن هذه الاقتصادات أقل ارتباطًا من نظيراتها في الاقتصادات المتقدمة مقارنة بما كانت عليه في الفترات السابقة, فضلاً عن أن نظمها المالية الأقل تطورًا لم تواجه مخاطر تُذكر من الديون عالية المخاطر التي أفضت إلى انكماش الأسواق المالية المتقدمة”(1)

.

هذا التحسن في الأداء الاقتصادي الإفريقي الذي حصل والعالم لم يتعافَ كليًا من جراحاته الاقتصادية ونزيفه المالي بفعل الأزمة الطاحنة التي عصفت به منذ ما يقارب الخمس سنوات, والتي لا يزال أثرها باديًا على اقتصادات كبيرة ومعقدة مثل الولايات المتحدة وإيطاليا, دفع بالباحثين والمهتمين بالشأن المالي والاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء إلى استقراء الخارطة الاقتصادية لهذه الدول في ضوء بعض الأسئلة المهمة والضرورية

.

ما هي أبرز مقومات الاقتصاديات الإفريقية؟

اختلفت معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي على مستوى الأقاليم الفرعية لإفريقيا خلال عام 2010؛ حيث سجل إقليم شرق إفريقيا أعلى معدلات النمو والتي بلغت 6.8%، يليه إقليم غرب إفريقيا الذي بلغ معدل النمو فيه 6%، ثم الشمال الإفريقي 4.7%. أما الإقليم الفرعي الأهم في إنتاج البترول وهو وسط إفريقيا فقد سجّل 4.3%، وأخيرًا جاء جنوب الإفريقي بمعدل نمو وصل 3.3% عام 2010. كذلك فقد تطور الأداء الاقتصادي في معظم دول غرب إفريقيا خلال عام 2010 بسبب ارتفاع أسعار وعائدات البترول، وزيادة العائد من الأنشطة غير البترولية (مثل نيجيريا)، والتوسع في قطاع الإنشاء والخدمات (غانا)، وتحسين الإنتاجية في قطاعي الزراعة والتعدين (سيراليون)، وزيادة عائدات تصدير المطاط (ليبيريا)، في حين سجّلت غينيا والنيجر أضعف معدلات النمو بسبب استمرار حالات الصراعات والتوتر السياسي وعدم الأمن(2)

.

وبسبب هذا النمو تحولت دولة مثل بتسوانا، التي كان معدل النمو بها، منذ استقلالها سنة 1966، من أسرع معدلات النمو فيما يتعلق بأعلى دخل للفرد في إفريقيا، وباتت تعد واحدة من بين قصص النجاح الإفريقية الكبرى, وتحولت من واحدة من أفقر البلدان في العالم إلى فئة البلدان متوسطة الدخل. وحسب أحد التقديرات، فإن بتسوانا تمتلك رابع أعلى إجمالي للدخل القومي في تعادل القدرة الشرائية في إفريقيا مما يمنحها مستوى معيشة يقارب نظيره في المكسيك وتركيا

.

ويبلغ متوسِّط دخل الفرد من إجمالي الناتج المحلي المذكور (مقومًا بالقوة الشرائية في الولايات المتحدة الأميركية) 14.700 دولار. وقد اضطرت حكومة بتسوانا في 2010 تحت تأثير الأزمة المالية العالمية وانخفاض الطلب على الماس إلى أن تقترض ولأول مرة منذ 17 عامًا مبلغ مليار ونصف المليار دولار من بنك التنمية الإفريقي, على أن بدايات التحسن في الاقتصاد العالمي وعودة الطلب علي الماس قد أثَّرا إيجابيًا علي النمو الاقتصادي لبتسوانا
.

لا يمكن الحديث عن النمو الاقتصادي لدول إفريقيا جنوب الصحراء بشكل تفصيلي، ولكن شهادة من خبراء الاقتصاد تعطي فكرة أساسية لفهم ما يمكن لهذه القارة أن تحققه وتساهم به في النشاط الاقتصادي العالمي

.

يوجد في إفريقيا 10% من احتياطيات العالم من النفط وربما أكثر, ويوجد في جنوب إفريقيا وحدها 40% من احتياطي الذهب العالمي, ويوجد في القارة الإفريقية أكثر من ثلث جميع احتياطيات الكوبالت المعروفة, كما تتوفر المعادن القاعدية بكثرة في إفريقيا. يشار إلى أن الصين حصلت خلال السنوات الأخيرة على نصف وارداتها من الألمنيوم, والنحاس, والحديد, والنفط من إفريقيا, وبالكاد تم لمس الإمكانات الزراعية للقارة(3)

.

لعل من أبرز ما تمتاز به إفريقيا هو ذلك الكم الهائل من الثروات والمعادن النفيسة القابعة في باطن الأرض من نفط ومعادن نادرة وأحجار كريمة, كانت ولا تزال تُسيل لعاب الإمبريالية العابرة للحدود؛ حيث يُقدّر احتياطي نيجيريا وحدها من النفط بـ37.2 مليار برميل، ويمثل نسبة 2.53% من الإنتاج العالمي, وحسب إحصاء عام 2010 فإن الإنتاج اليومي لنيجيريا يبلغ 2.46 مليون برميل من النفط, ولا تستهلك نيجيريا سوى 279 ألف برميل وتصدر 529 ألف برميل إلى الولايات المتحدة وحدها، وهي من الدول الرئيسية التي تعتمد عليها أميركا. ولأنغولا والكونغو برازفيل نفس الوضعية من حيث الاعتماد على العائدات النفطية الكبيرة والتي تساهم بدرجة هائلة في تحقيق بعض المكاسب والنقاط المهمة لتلك الدول في نمو اقتصاداتها وتطورها نحو الأفضل

.

كذلك تكتسب منطقة البحيرات العظمى (جنوب السودان-أوغندا-رواندا-بوروندي-الكونغو الديمقراطية-كينيا-تنزانيا-إثيوبيا-إريتريا) أهمية متزايدة من طرف الاقتصادات العظمى كالولايات المتحدة والصين وفرنسا والهند لاعتبارات أبرزها كمُّ الثروات المعدنية الهائل الموجود في الحيز الترابي لهذه الدول

.

وإذا كان الارتفاع النسبي الذي شهدته أسعار النفط والمعادن في الآونة الأخيرة قد ساهم بشكل فعال في نمو هذه البلدان، التي كانت تصنف على أنها دول متوسطة أو منخفضة الدخل، فإننا أيضًا لا نغفل عنصرًا مهمًا أمكنه أن يساهم بشكل فعال في تحسين أداء اقتصاداتها ودفعها للنمو في ظل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية, وذلك العنصر هو المهنة الأقدم للكائن البشري على سطح الأرض, ألا وهي الزراعة؛ ففي إفريقيا جنوب الصحراء يوجد 201 مليون هكتار من الأراضي الزراعية غير المزروعة والمتاحة للاستغلال. ومنذ سنة 2009 شهدت الزراعة في بعض البلدان الإفريقية تطورًا مهمًا؛ حيث تضمنت جميع الصفقات النهائية أو الجاري التفاوض بشأنها في إفريقيا جنوب الصحراء 39.7 مليون هكتار, أي أكثر من المساحات المزروعة في بلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وهولندا وسويسرا مجتمعة(4)

.

ثم إن النمو الاقتصادي المتسارع للنمور الآسيوية إضافة للهند والصين والبرازيل، والذي عاد بالنفع من خلال الاستثمارات المباشرة في كل من الموارد الطبيعية والتصنيع وتطوير البنية التحتية والخدمات في دول إفريقيا جنوب الصحراء، قد أسهم إسهامًا ملموسًا في خلق فرص للنمو الاقتصادي لهذه الدول، وأعطاها فرصة للتفاوض مع الشركات الأوروبية والأميركية بشروط محترمة تضمن لها الحفاظ على بعض المكاسب المهمة؛ حيث إنهم لم يعودوا يمثلون سوق الطلب الوحيد لإفريقيا، وبالتالي لم تعد هناك قيود وأغلال تضطر الأفارقة للخنوع والخضوع للشروط المجحفة للوكلاء الاقتصاديين الغربيين؛ فالصين والهند والبرازيل والنمور الآسيوية باتت الحاضن الجديد والوجهة الميمونة لإفريقيا النامية.

.

وليس من المبالغة إذا قلنا: إن الاقتصاديات الإفريقية تمتاز بمقومات هائلة وكافية للنهوض واللحاق بالركب المتنافس على السيطرة على الأسواق العالمية، غير أن غياب الرغبة والقدرة والتخطيط يقف حجر عثرة أمام تلك الأماني والأحلام. فمتى تدخل إفريقيا من الباب لتعلن عن وجودها؟

تعافي الاقتصادات الإفريقية المبكر من تداعيات الأزمة المالية

بحسب البنك الإفريقي للتنمية فقد شهد العام 2013 ارتفاعًا في مستوى الاستثمارات الأجنبية المباشرة في القارة الإفريقية بلغ نسبة 10% متعديًا بذلك النسب التي سجلتها القارة الإفريقية في مجال جذب الاستثمارات والتي كانت دون هذا بكثير في الأعوام السابقة. وقد تزامن هذا الارتفاع مع ما ذكرته دراسة صادرة عن كلية الاقتصاد بجامعة دار السلام التنزانية، توقعت أن تحقق إفريقيا جنوب الصحراء نموًا قد يصل إلى 5.3% خلال هذا العام 2014؛ وذلك استنادًا إلى النمو المقدر لقطاعات الزراعة والإنتاج النفطي والتعديني في هذا الجزء من القارة

.

كذلك فإن النمو الذي حصل في اقتصادات إفريقيا جنوب الصحراء خلال العام الماضي يعود إلى مؤشرات نمو العرض والطلب والاستثمار في هذه الدول التي شهدت ارتفاعًا مطردًا في زيادة الطلب على الصادرات الإفريقية خاصة من قبل الاقتصاديات الآخذة في النمو (مثل: الصين والهند والبرازيل)، واستفاد كذلك من ارتفاع أسعار السلع والمواد الأولية، إضافة إلى تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر على قطاع الصناعات غير التقليدية، والمساعدات الإنمائية الرسمية، والمساعدات من أجل تخفيف عبء الديون، وزيادة الإنتاجية، وزيادة العائد من السياحة، والزيادة الملحوظة في عائد تجارة الخدمات

.

وفي لفتة بسيطة للوراء؛ حيث ساهم انتعاش الاقتصاد العالمي في عام 2010 في تخفيف العبء عن كاهل العالم ككل وعن دول إفريقيا جنوب الصحراء خصوصًا, وقد تباينت وتنوعت مظاهر هذا التعافي بين الاقتصادات العظمى والاقتصادات النامية في إفريقيا (بلغ معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الإفريقي عام 2010 نحو 4.7% بعد أن كان 2.3% فقط عام 2009)

.

ولعل كون الاقتصادات الإفريقية من أقل الاقتصادات تأثرًا بالأزمة المالية العالمية, يرجع أساسًا في بعض جزئياته للعزلة النسبية لإفريقيا عن منظومة الاقتصاد العالمي ولضعف ارتباطها بالاقتصادات الكبيرة، وتخلّف نظمها المالية عن مثيلاتها عند الغربيين, ولارتباطها المحدود بالأسواق العالمية, ويعود كذلك إلى التعديلات الهيكلية على الاقتصاد الكلي وحسن الإدارة الفعالة للشؤون المالية والنقد ومعدلات الفائدة, إضافة للارتفاع الجنوني لأسعار النفط والغذاء في نهاية عام 2010, والارتفاع المطرد في حجم تحويلات المغتربين والتي بلغت حدود 30 مليار دولار, وكذلك حجم الاستثمارات المالية الضخمة والتي بلغت أكثر من 50 مليار دولار؛ الأمر الذي أسهم بدوره في خلق انتعاش طفيف للاقتصاد الإفريقي الذي كان يعتمد في كثير من الحالات (نيجيريا وأنغولا) على العائدات والمداخيل المترتبة على عملية تسويق النفط وبيعه للدول الغربية

.

كما أن للتقارب والتكامل الاقتصادي الذي كانت -ولا تزال- القارة تسعى إلى تحقيقه من خلال المنظمات والهيئات الإقليمية (بنك التنمية الإفريقي, الكوميسا COMESA، السادك SADC، الإيكواس ECOWAS، السين صاد CEN SAD، الإيكاس ECCAS، الإيغاد IGAD، تجمع شرق إفريقيا EAC), دورًا بارزًا في خلق جو مناسب للمبادلات التجارية والتعاون البيني. وفي الخلاصة، فإن ما يفصل بين الاندماج الإفريقي هو حدود صنعها قلم ومسطرة؛ حيث يندر وجود حدود طبيعية بين دول إفريقيا جنوب الصحراء

.

آفاق واعدة وتحديات معرقلة

إن اعتماد كثير من الدول الإفريقية على حصيلة التعريفة الجمركية جعلها تتردد كثيرًا في قبولها الانتظام في اتحادات جمركية أو إقليمية قد تحرمها من هذه الموارد والمحاصيل الجبائية، في الوقت الذى تكون فيه تلك الدول عاجزة عن انتهاج سبل تنموية قد تعوضها عن مثل هذه الخسارة؛ إما لعدم المعرفة أو الخبرة أو لعدم وجود مؤسسات وأجهزة كافية للقيام بهذه المهام. ثم إن التبعية الشديدة لبعض الأنظمة الإفريقية للغرب، تشكّل تحديًا بارزًا في وجه التكتل والتكامل الاقتصادي الإفريقي, فأغلب هذه الدول يرغب في الاستفادة من مزايا التكتلات الدولية وتشجيع الاستثمارات الأجنبية فيها؛ ولذا تسعى كل دولة إفريقية لعقد اتفاقية شراكة مع الاتحاد الأوروبي مثلاً وهو ما يؤثر على التزاماتها داخل التجمعات الإقليمية الإفريقية

.

لكن سعي واستطاعة الدول الإفريقية للاستفادة من الفرص التي تتيحها العولمة وذلك من خلال تفعيل تجمعاتها الإقليمة ذات الطابع الاقتصادي, ستؤدي إلى زيادة الاستثمارات وإلى رفع معدلات النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات التضخم المرتفعة نسبيًا وتوسعة السوق أمام صادراتها؛ مما يقود إلى خفض العجز المزمن في موازين المدفوعات بالإضافة إلى تقوية مركزها التفاوضي مع التكتلات الأوروبية وكسر التبعية لها

.

إن مؤشرات النمو الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء تبشّر بربيع أخضر يعود بنمو مطرد وبحبوحة اقتصادية متزايدة وتحسن في الوضع الاقتصادي الداخلي مع فقر أقل وحياة أحسن ومستقبل أكثر إشراقًا, وتطورًا ملحوظًا في البنية التحتية وقطاعات الصحة والتعليم وتحسن خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والمساواة بين الجنسين، والقضاء على التهميش والبطالة ومواجهة الكوارث الطبيعية والقضاء على الأمراض الفتاكة والتقليل من خطورة وانتشار بعضها كوباء “الإيدز”, الذي يفتك سنويًا بأعداد هائلة من البشر في إفريقيا ويعوق النمو في بعض البلدان (جنوب إفريقيا, بتسوانا, زيمبابوي… إلخ)

.

ثم إن للتكامل والتعاون الإقليمي الإفريقي مزايا عديدة، أبرزها: سعة السوق التي تضم دول المنظمة فتتحسن الإنتاجية وزيادة رفاهية الدول الأعضاء بانتقال وانتشار المعرفة الفنية وحرية حركة الأفراد ورأس المال والمصالح وانتقالها إلى مجالات ذات كفاية إنتاجية أحسن، وكذلك تحسين وضع ميزان المدفوعات بزيادة التجارة بين الدول الأعضاء مما يوفر العملات الأجنبية التي تستخدم في بناء مشروعات توسيع قاعدة الصادرات، وتقويض الاستيراد، وبناء شبكة نقل واتصالات، والحصول على قدر كبير من تنويع الإنتاج، وتقليل الاعتماد على الدول المتقدمة، وتحسين المركز التساومي تجاه العالم الخارجي في البيع والشراء مما يضفي هيبة سياسية واقتصادية في الميادين الدولية(5)

.

وبحسب ما جاء في تقرير صادر عن البنك الدولي في إبريل/نيسان 2013؛ فإن النمو الاقتصادي القوي الذي تشهده القارة الإفريقية قد أسهم فعلاً في محاربة الفقر في القارة في السنوات العشر الماضية, كما أن نسبة الأفارقة الذين يتقاضون أقل من 1.25 دولار في اليوم انخفضت من 58% من مجموع سكان القارة إلى 48.5% في الفترة المحصورة بين عامي 1996 و2010

.

ولو تم استثمار هذا النمو بشكل صحيح فبإمكان الدول الإفريقية في المستقبل المنظور أن تطور مواردها الطبيعية والبشرية من أجل خير شعوبها ولفت انتباه العالم إلى أنها رقم صعب، وفرصة ذهبية وقوة دافعة لنمو الاقتصاد العالمي، وتعزيز رفاه الشعوب، والقضاء على الفقر في العالم ككل وفي إفريقيا على نحو خاص, مع السعي لإقامة جهاز بيروقراطي كفؤ ونظام مصرفي فعال

.

مركز الجزيرة للدراسات


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى