آراء وتحليلات

موريتانيا بين الشد والجذب / السيد ولد صمب انجاي

بطبيعة الحال يعتمل فى اللاوعي الموريتاني مجموعة من التساؤلات والاستشكالات التى تطرح من حين لآخر على سبيل المثال لا الحصر ما الذى يجري فى موريتانيا الآن ؛ بمعنى آخر كيف نحل حقيقة وطلاسم الصراع الدائر بين الرئيس الحالى والسابق ؟ ، أهو صراع حقيقي أم مفتعل ومصطنع ؟ وما الأشياء التى تشكل مثار ومدار الصراع والشد والجذب القائم بين توأمي الأمس؟ هل الهدف منه الاستعراض العضلاتى من أجل تحديد من يتحكم في بوصلة الدولة ؛ أم أن الهدف منه إدامة مأساة الشعب وزيادة معاناته ؟ . الواقع أن للسياسة تكتيكاتها وأحكامها الخاصة بها فهي فن الممكن؛ لكن صاحبنا قد يكون تتلمذ يوما على كتاب الأمير لماكييفيلى وأستفاد من دروسه ؛ هذا الكتاب الذى حذر ويحذ ر صاحبه الرؤساء وقادة العالم بالابتعاد عن مخالطة ومجاملة وحتى مداهنة النبلاء ومافيا الفساد لأن هؤلاء سيعاملونه كأنداد له وليسوا بوصفهم طرازا من مكونة الشعب ؛ وإنما من منشإ آخر، مما جعل ماكييفيلى يدعو الامير إلى القرب من شعبه بل ومصاحبته وكسب وده ورضاه؛ فمصاحبة وصداقة الشعب والوصول إلى الحكم عن طريقه أفضل من صداقة النبلاء والوصول للحكم عن طريق مصانعة هؤلاء النبلاء ؛ فقد بكون الوصول الى الحكم عن طريقهم أسهل فى بعض الأحيان؛ لكن كرسي الرئاسة فى هذه الحال سيكون من الصعوبة بمكان الحفاظ عليه أمام عزات الشد والجذب بدافع الحفاظ على ذواتهم والامتيازات اللامشروعة الممنوحة لهم ؛ وسينشب بينه وبينهم دوما الصراع على السلطة كما الحال ؛ مما يستدعى تحصين الدولة ؛ لأن معيار قوة الدولة مرتبط بقوة القائد الى جانب تمتعه برضي شعبه وحرصه على مواصلة هذا الرضى والاقتراب من الشعب ؛ لان هدف الشعب أنبل من أهداف النبلاء المافيويين فهؤلاء يريدون الظلم ؛ وأولئك يريدون مجرد وقاية أنفسهم من ظلم الاخرين ؛ يريدون العيش الكريم؛ يريدون شربة ماء وحقنة دواء.

وهكذا فالحاكم باستطاعته حماية نفسه من عداء النبلاء ؛ لكنه في المقابل لن يستطيع حماية نفسه من شعب ناقم عضه الفقر بأنيابه والمرض باوجاعه المتلاطمة ؛ ولاشك أن رئيس الإجماع الوطني استوعب الدرس الماكييفيلى الداعى إلى مساندة الشعب والتقرب منه وخدمته والسهر للحفاظ على امنه واستقراره ؛ بل ومحاولة جمع طيفه السياسي ؛ وهو ما تقشعر منه مافيا النبلاء ويحيرهم ولم يعد بإمكانهم الاطمئنان للوضع الحالي ؛ الذي لم يعد حسب زعمهم وفيا معهم مما جعلهم مضطرين للنزول للشارع كي يزنوا قوتهم ومدى تحكمهم فى المشهد السياسي ؛ مدعين أنهم لازالوا يتحكمون فى بوصلة الدولة وأن غريمهم مجرد دمي وبيدق يحركونه متى شاؤوا وكيف ما شاؤوا ؛ ناسين أو متناسين أن رجل الإجماع الوطني أقسم يمينا وأبره أن يزاول مهامه كرئيس للجمهورية على الوجه الأكمل بعيدا عن كل ما من شأنه أن يخل أو يحد من صلاحياته ؛ أو يؤثر عليها مستلهما ذلك كله من الدين الحنيف كما فى الآيةالكريمة: ( واوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا) وبالتالى فلا ضير من الايفاء بالعهود بعيدا عن النكوص بها كما يود البعض ممن لا يتورعون عن اساليب الخداع ومغالطة شعوبهم ؛ بل ومواصلة تجويعهم وترويعهم ؛ فالشعوب ملت التبعية العمياء للحكام ولم تعد تطيق استمرارها قائلة للجلاد كفى من الظلم والتلاعب على عقول الشعب وأن ساعة تغيير الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمواطنين أزفت ؛ ولم تعد مسألة التباكي على الماضي تجدي من الامر الواقع


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى