ثقافة

عضو أم عضوة؟.. ومسائل أخر/ فيصل علي المنصور

نصَّ مجمعُ اللغة العربيةِ بالقاهرةِ على هذا القَرار: “لا يجوزُ في ألقابِ المناصبِ والأعمالِ – اسمًا كانَ أو صفةً – أن يُوصفَ المؤنَّثُ بالتذكيرِ؛ فلا يقالُ: فلانة أستاذ، أو عضو، أو رئيس، أو مدير”[1].

وهذا القَرارُ تخليطٌ فاحشٌ، وأنا مبتدئ في تفصيل هذه المسألة بذكرِ ما هداني إليه الاستقراءُ:
أوَّلاً: الأسماءُ نوعانِ: جامدةٌ، ومشتقةٌ:
فأما المشتقةُ، فالأكثر فيها أن يُفصَلُ مؤنَّثُها عن مذكرِها بالتاءِ، أو بغيرِها من علاماتِ التأنيثِ؛ نحوُ: (ذاهب، وذاهبة)، وربَّما لزمتِ العربُ تذكيرَه في بعض الأبنيةِ، كـ (فَعول) بمعنى (فاعل)، وكـ (مِفعال)، فأما إذا كانَ معنى المشتقِّ مما يغلبُ أن يقومَ بالمذكَّرِ، فإنَّ لكَ فيهِ وجهينِ: أحدُهما أن تجرِّدَه من التاءِ مطلقًا، والآخرُ: أن تبقيَه على الأصلِ، فتفصلَ مؤنَّثَه عن مذكرهِ بالتاءِ، والأولُ أحسنُ، ومن أمثلةِ هذا الضربِ قولك: (الشاهد، والشاهدة)، و(أمير المؤمنين، وأميرة المؤمنين)، و(الوكيل، والوكيلة)، و(الرئيس، والرئيسة)، و(المُدير، والمُديرة).

وأما الجامدةُ، فإن كانت ممَّا له مذكرٌ ومؤنثٌ حقيقيانِ، فإنه يجِبُ تأنيث مؤنثه، وتذكير مذكره، وقد استعملَ العربُ لذلك ثلاثةَ أوجهٍ:
الأولُ: أن تفصلَ المؤنثَ عن المذكرِ بلفظٍ يخالفُه؛ كما قالوا: (حمار، وأتان)، و(تيس، وعنز)، وهو الأكثرُ.
الثاني: أن تفصِل المؤنثَ عن المذكر بالتاءِ، كما تفعلُ في المشتقِّ، ومن ذلكَ: (أسَد، وأسدة)، و(حمار، وحمارة).
الثالث: أن تجعلَ للمذكر والمؤنث لفظًا واحدًا، إمَّا مختومًا بالتاءِ، وإما غيرَ مختومٍ؛ فمن الأولِ: نحوُ: (فرس)، ومن الثاني: نحوُ: (حمامة)، وللتفصيلِ في هذا والتعليلِ مَقامٌ آخرُ.

وأما الاسمُ الجامدُ الذي ليسَ له مذكرٌ ومؤنثٌ حقيقيانِ، فإنَّ العربَ تستعملُ له لفظًا أو ألفاظًا، ولا تلتزمُ فيهِ وجهًا؛ فربما جعلوه مذكَّرًا؛ نحو: (قَلَم)، و(قمَر)، وربما جعلوه مؤنثًا، إما تأنيثًا بعلامةٍ؛ نحو: (ظُلْمة)، أو بغيرِ علامةٍ؛ نحو: (شمس)، وربما جعلوه مذكَّرًا مؤنثًا؛ نحو (حالٍ)، و (دِرْعٍ)، وهذا الضربُ – أعني: غيرَ الحقيقي – ليسَ له وجهٌ ثابتٌ في لُغاتِ العالَمِ؛ بل هيَ في أمرٍ منه مختلِفٍ.

فهذا سبيلُ الاستقراء، قدَّمناه إليكَ موجَزًا.

أما بيانُ وجهِ القياسِ في ذلكَ، فنقولُ: لا يخلو ما يرِدُ عليك أن يكون أحدَ ضربينِ:
الضربُ الأول: أن يكون لفظًا مشتقًّا؛ وهو هنا اسمُ الفاعل، والمفعول، وصيغ المبالغة، والصفة المشبَّهة، أو لفظًا موافِقًا في معناه لمعنَى المشتقِّ، كـ (أستاذ)، و(تلميذ)؛ ألا ترَى أن معنَى (أستاذٍ): (معلِّم)[2]، ومعنى (تلميذٍ): (متعلِّم)[3]، وهذا الضربُ تنحو بهِ نحوَ ما ذكرنا من تذكيرِ مُذكرِه بطرحِ التاءِ، وتأنيثِ مؤنثِه بزيادتِها؛ فتقولُ: (أستاذ، وأستاذة)، و(تلميذ، وتلميذة)، كما تقول: (قائم، وقائمة)، والعربُ كثيرًا مَا تحملُ الشيءَ على الشيءِ؛ لعُلقةٍ بينَهما في المعنى، وإن لم يجرِ لفظُه على قياسِه، كما فعلوا في بعضِ الأسماءِ الجامدةِ في النعتِ، والحالِ، وممَّا يشهد لهذا أنهم جمعوا الأوَّل منهما جمعَ مذكَّرٍ سالمًا؛ فقالوا: (الأستاذُونَ)؛ إذ كانَ بهذا المعنى، ولولا ذلكَ، لما جازَ، وممَّن صنَعَ هذا: ابنُ قتيبة[4]، والحريريُّ[5]، ولو جمعتَ (تلميذًا) على (تلميذِين)، لم تكن مخطئًا.

فإن قلتَ: وأيُّ شيءٍ أجازَ لهم هذا؟
قلتُ: لأنَّ المحدَثَ إذا صادفَ كلمةً لا يعرِف مذهبَ العربِ في بعض تصاريفِها، فإنه يَحملُها على الكثيرِ الغالبِ، فإن اعترضه وجهانِ أو أزيدُ متقاربان في الكثرةِ، حملَ الكلمةَ عليهما معًا؛ ولو كانَ أحدُهما أكثرَ، كما في مصادر الثلاثيِّ، ومضارعه، وأبنية المبالغةِ، و(أستاذ) مِنَ الألفاظ التي لم يستعملها العربُ؛ فلما أردنا جمعَها للحاجة المعنوية، جمعناها جمعَ تكسيرٍ، كما هو القياسُ المطرِد؛ فقلنا: (أساتيذ) على الأصل، و(أساتذة) على الحذف والتعويضِ، ولما كان معناها معنى المشتقِّ؛ جمعناها أيضًا جمع مذكر سالمًا، ولم نكتفِ بأحد الجمعينِ؛ إذْ كانا متقارِبَين في الكثرةِ، وكان القياسُ يُجيزُهما معًا، كما قالوا: (راكعون)، و(رُكَّع)، وهذا الأصلُ في القياسِ يُفهَم من قولِ سيبويه – رحمه الله -: “وإذا جاء شيءٌ مثلُ “بُرَة” لم تجمعه العرب، ثم قِستَ، ألحقتَ التاء، والواو والنون؛ لأن الأكثر مما فيه هاء التأنيث من الأسماء التي على حرفين جُمِعَ بالتاء والواو والنون، ولم يُكسَّر على الأصل”[6].

على أنَّ زعمَه أنَّ الأكثر مما فيه هاء التأنيث من الأسماء التي على حرفين أن يجمع بالتاء، والواو والنون – ليس صوابًا بإطلاقٍ؛ إذ الكثرة في ما حُذفت لامُه، أمَّا ما حُذِفت فاؤه، فلم يُسمع فيه إلا قولهم: (لِدون)، و(رِقون)، و(حِشون).

ويُفهَم هذا المذهب المتقدِّم من قوله أيضًا: “ولو سميته أيضًا بـ (شية)، أو (ظُبة)، لم تجاوز (شيات)، و(ظبات)؛ لأن هذا اسمٌ لم تجمعه العرب إلا هكذا؛ فلا تجاوِزنَّ ذا في الموضعِ الآخَر؛ لأنه ثَم اسم، كما أنه ها هنا اسم، فكذلك فقِس هذه الأشياء”[7]، وقوله أيضًا: “وأما (عِدةٌ)، فلا تجمعُه إلا (عِدات)؛ لأنه ليس شيءٌ مثل (عِدة) كُسِّر للجمع؛ ولكنك إن شئتَ، قلتَ: (عِدون) إذا صارت اسمًا، كما قُلتَ: (لِدون)”[8]، وقد أصاب سيبويه في هذا الرأيِ؛ لكنه أخطأ بما ذكرَ في (عِدة) من وجهين:

الأول: أنه ناقضَ بهذا كلامَه في هذه المسألة؛ وهو أنَّ الكلمةَ لا يُتجاوَز بها بعد التسمية الجموعُ التي جمعتها العربُ عليها قبل التسمية؛ قالَ: “ولو سمَّيتَه بـ (شاة)، لم تجمع بالتاء، ولم تقل إلا: (شياهٌ)؛ لأنَّ هذا الاسم قد جمعته العربُ، فلم تجمعه بالتاء”[9]، وناقضَ أيضًا قولَه: “ولا يَجوز (ظبون) في (ظبة)؛ لأنه اسمٌ جُمِع، ولم يجمعوه بالواو والنون، ولو كانوا كسَّروا (رُبَة)، و(امرأ)، أو جمعوه بواو ونون، فلم يجاوزوا به ذلك، لما تجاوزه”[10]، معَ أنهم قالوا: (ظبون)، وأنشدوا:

تَعَاوَرَ أَيْمَانُهُمْ بَيْنَهُمْ كُؤُوسَ المَنَايَا بِحَدِّ الظُّبِينَا

الثاني: أنه ناقضَ بهذا أصلَه الذي احتجَّ به في مواضعَ؛ وهو (أنَّ الحمل إنما يكون على الغالب)، كما في ادِّعائه أنَّك إذا سميتَ رجلاً بـ (اضرب) قطعتَ همزتَه، ولم تصلها؛ لأنَّك نقلتَها من حيِّز الأفعالِ إلى حيِّز الأسماء؛ والأكثرُ في الأسماء القطعُ[11]، وكما ناقض هذا الأصلَ هنا، ناقضه أيضًا في ادِّعائه أنك إذا سميت رجلاً بـ (مِن)، لم تغيرها؛ لأنَّها تشبه الأسماء نحو (يد، ودم)[12]، معَ أن (يد، ودم) قليلةٌ كقلةِ ما ابتدئ بهمزة الوصل من الأسماء.

الضربُ الثاني: أن يكون لفظًا جامِدًا، وله حالانِ:
الحال الأولى: أن يبلغَك عن العربِ فيه سَماعٌ، فحكمُه أن تستعملَه كما استعملوه، ولا تغيِّره عن حالِه لاختلافِ المسنَد إليه تذكيرًا وتأنيثًا؛ بل تطلقُ عليهما لفظًا واحدًا، سواءٌ كانَ حقيقةً أم مجازًا.

فأما الحقيقةُ، فمعروفةٌ أمثلتُها، ولا خلافَ فيها، وأما المجاز، فنحوُ قولِهم: (هذا عضو مجمعِ كذا)، و(هذه عضو مجمع كذا)؛ إذْ كان هذا اللفظُ يدلُّ في حقيقة وضعِه على (العظم بلحمه)؛ ولكنَّ المحدَثينَ عدَلوا بهِ عن ذلك إلى ضربٍ من المجازِ، حينًا من (التشبيه البليغِ) كالذي تقدَّمَ، وحينًا من (الاستعارةِ) إذا حُذف المشبَّه؛ ألا ترى أنك إذا قلتَ: (هذه عضوُ مجمع كذا)، فكأنما قلتَ: (هذه في المجمعِ مثلُ العضوِ في البدنِ)؛ فتكونُ شبهتَها بالعضوِ؟ وذلك أنه يجمعُ بينَهما أنَّ كلاًّ منهما يؤلِّف معَ مثلِه بناءً تامًّا، قائمًا بنفسِه، ثم كثُرَ هذا في كلامِهم، حتى أصبحَ حقيقةً عُرفيَّةً؛ فلذلك يمتنعُ أن تقولَ: (هذه عضوة)؛ لأنك تكونُ شبهتَها بالعضوةِ، وليسَ ذلكَ من كلامِ العربِ.

فإن قلتَ: أحملُها على معنَى المشتقِّ، كما قالُوا: (مررتُ برجلٍ أسدٍ أبوه)؛ أي: شجاع، و(شربتُ ماءً عسلاً طعمُه)؛ أي: شديد الحلاوةِ.
قلتُ: لو سلَّمنا أنَّ هذا مقيسٌ، لم نُسلِّمْ أنَّه يؤنَّثُ إذا أسنِدَ إلى مؤنثٍ، أو كانَ وصفًا له؛ إذ لم يردْ في كلامِهم مثلُ هذا، ذلكَ أنَّه وإن ضُمِّنَ معنى المشتقِّ، فإنه باقٍ على إرادةِ التشبيهِ؛ ألا ترَى أنَّ معنى قولِك: (هذا رجلٌ حديدٌ)، هو: (هذا رجلٌ كالحديدِ في الصلابةِ)؟ وممَّا يُثبتُ لكَ امتناعَه أنَّا لو أجزناه، لكانَ لكَ أن تقولَ: (مررتُ برجلٍ بدرةٍ أمُّه)، و(هذه امرأة بدرةٌ)؛ أي: جميلة كالبدرِ، كما قلتَ: (هذه امرأةٌ عضوةٌ)، وهذا بيِّنُ القبحِ والفسادِ، وممَّا يُثبتُ لك ذلك أيضًا أنك لا تجمعُ (عضوًا) إذا أردتَ بهِ العاقلَ جمعَ مذكر سالمًا؛ فتقول: (عضوون).

الحالُ الثانية: ألاَّ يبلغَك عن العربِ فيهِ سَماعٌ، ولا أعرفُ من هذا إلا ما مؤنَّثُه غيرُ حقيقيٍّ، وحكمه أن تلتزمَ تذكيرَه، لأن التذكيرَ هو الأصلُ؛ ولذلكَ يُخطِئ بعضُ الناسِ؛ فيؤنثُ (الكمبيوتر).

فإن قلتَ: ألا ترَى أنَّه بمعنى (الآلةِ)؟
قلتُ: ألا ترَى أنتَ كذلكَ أنَّه بمعنى (الجهاز)؟ وليسَ أحدُهما بأولَى من الآخرِ، وإذْ ثبتَ أن العربَ لا تستنِد في تذكيرِ ما كانَ كذلكَ وتأنيثِه إلى علةٍ بيِّنةٍ، فإنه ليسَ لنا أن نقيسَ على شيءٍ من ذلكَ؛ ألا ترَى أنهم أنَّثوا (الشمس)، وذكَّروا (القمر)، لغيرِ علةٍ ظاهرةٍ؛ وإن كنتَ لو فتشتَ واجدًا علةً؛ غيرَ أنها علةٌ غيرُ موجبةٍ؛ يبيِّنُ لكَ ذلكَ اختلافُ لغاتِ الأممِ في تذكيرِ ما كانَ كذلكَ وتأنيثِهِ، فلمَّا عدِمنا العلةَ الظاهرةَ، امتنعَ علينا القياسُ؛ لأنك لا تقيسُ على الشيءِ حتى تعرفَ علتَه.

فإن قلتَ: لا أقيسُ عليهِ قِياسَ علةٍ؛ ولكن قياسَ شبهٍ؛ أشبِّهُهُ بـ (الآلةِ) من جهةِ المعنَى.
قلتُ: ليسَ للمحدَثِ أن يقيسَ قياسَ شبهٍ، إلا في المواضعِ التي طردتْها العربُ، كالفعلِ المضارعِ؛ إذ شبَّهوه بالاسمِ؛ فأعربوه؛ ألا تَرى أنه ليس شيءٌ إلا هو يشبه غيرَه من وَجهٍ، أو وُجوهٍ؟! فلو أخذنا بالقياسِ في ذلكَ، لأفضَى بنا هذا إلى اضطرابِ الأصولِ، وانتقاضِ عُقدِ القياسِ؛ ولذلك لو شبهتَ (الكمبيوتر) بـ (الآلةِ)؛ لأنه أحدُ أفرادِها، للزِمَك أن تشبهَه بـ (الجهاز)؛ لأنه أحدُ أفرادِه أيضًا؛ فتذكرَه وتؤنثَه في حالٍ، وهذا فاسِدٌ.

أمَّا خبرُ الأعرابيِّ الذي أنَّثَ (الكتاب) حملاً على (الصحيفة)، فشاذ، ولو أجزنا ذلك، لكانَ لكَ أن تذكِّرَ كلَّ مؤنَّثٍ؛ لأنه ليسَ شيءٌ من الموجوداتِ إلا هو يقبلُ أن تُؤَوِّلَه بمعنى (شيء)، وهذا لازمٌ لا يصِحُّ، وإذا امتنعَ، امتنعَ ملزومُه.

فإذا امتنعَ قياسُ العلة وقياسُ الشبهِ، وجبَ عليكَ الحملُ على الأصلِ في الأسماءِ، وهو التذكير؛ فتُذكر لفظَ (الكمبيوتر)، ومثلُه أيضًا لفظُ (الإنترنت)؛ فإنه مذكر، وتأنيثُه خطأ.

وبذلك يتبيَّن أنَّ ما سُمِعَ عن العربِ، وجبَ التزامُه، وامتنعتِ الصيرورةُ حينَئذٍ إلى القياسِ، فأما ما لم يبلغنا عنِ العرب فيه سماعٌ، فإنا نحملهُ على أشبهِ شيءٍ بهِ، ويُخْطِئ من يظنُّ أن الأصلَ في مفرداتِ العربيةِ وأحوالِ أبنيتِها القياسُ؛ بلِ الأصلُ فيها السَّماعُ، والقياسُ إنما هو سبيلٌ إلى إدراكِ مذاهبِ العربِ متى ما عُدِم السماعُ.

وبما تقدَّمَ بيانُه يظهرُ أنَّ المجمعَ خلَّطَ بينَ المسائلِ، وجعلَ حُكْمَها واحدًا، معَ أنَّ حكم (رئيس) غيرُ حكمِ (أستاذ)، وحكمَ (أستاذ) غيرُ حكم (عضو).

 


[1] “في أصول اللغة” 3 / 59، والقرارات النحوية والتصريفية لمجمع اللغة العربية بالقاهرة 508 – 510، وانظر أيضًا: “لجام الأقلام”، لأبي تراب الظاهري، 223 – 225، و”معجم أخطاء الكتاب”، للزعبلاوي، 13 – 14، و404 – 405.
[2] هو لفظٌ معرَّب عن الفارسية، أصلُه (اُستاد)، ولم يرِِد في شيءٍ من شعر الجاهليين؛ انظر: “اللامع العزيزي شرح ديوان المتنبي”، لأبي العلاء المعرِّي، 1/ 27، و”المعرَّب”، للجواليقي، 25، تح: شاكر، و”تاج العروس” (س ت ذ)، و”كتاب الألفاظ الفارسية المعربة”، لأدي شير، 10، و”تفسير الألفاظ الدخيلة”، لطوبيا العنيسي، 2.
[3] هو لفظٌ معرَّبٌ عن العبرانيةِ، أصلُه (تَلْمِيد)، ومعناه (متعلِّم)، وقيلَ: هو معرَّبٌ عن غيرِها، وقد وردَ في قليلٍ من الشعرِ الجاهليِّ بالدالِ، والذالِ، وبحذفِها؛ إذْ كان أصلُه أعجميًّا، والعربُ تتصرَّفُ في الكلِم الأعجميِّ ما لا تتصرَّف في غيره، واستعملوه بمعنى (الخادم عند صاحب الصنعة، المعين له) من قِبَلِ أن الخِدمة تعلُّمٌ، أو مِن لازمِها التعلُّم، ومعنَى (التعلُّم) في العبرانيَّةِ عامٌّ، أمَّا معناه في العربيَّة قديمًا فمخصَّصٌ كما ترَى، وقد توسَّعَ المتأخِّرون فيهِ؛ فأصبحَ (المتعلِّم) بإطلاقٍ، وأجروه مُجرى الأسماء، كـما فعلوا في (صاحبٍ) ونحوِه، وانظر: “شرح مقامات الحريري”، للشريشي، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، 1 / 70، و”المعرَّب”، للجواليقي، 91، و”رسالة التلميذ”، للبغدادي في “نوادر المخطوطات”، تح: هارون، 1 / 243، مع مقدمة المحقق، و”تفسير الألفاظ الدخيلة”، للعنيسي، 18.
فإذا أردتَ تصريفَه، قلتَ: (تلمذَة) على زنةِ (فعلَلَة)، إذا جعلَه تلميذًا له؛ قال أميَّة بنُ أبي الصلتِ:

فَمَضَى، وَأَصْعَدَ، وَاسْتَبَدَّ إِقَامَةً بِأُولِي قُوًى، فَمُبَتَّلٌ، وَمُتَلْمَدُ

فـ (تتلمذ له)، و(تتلمذَ عليهِ)؛ فالأُولَى فيها معنَى الخدمةِ، والتبعيَّةِ، كما تقولُ: (وزرَ له)، والثانية متمحِّضة الدَّلالة على التعلُّم، وإنما عُدِّيت بـ (علَى) إذْ كانت بمعناهُ، أمَّا زعمُ صاحبِ “معجم الأغلاط اللغوية”: أنَّ هذا لا يَجوزُ، وأن الصوابَ (تلمذَ له)، فزعمٌ باطلٌ، ما كان حجتَه فيهِ إلا “محيط المحيط”، و”أقرب الموارد”، و”المتن”، و”الوسيط”، و”المد”، وأزيدُه “رسالة التلميذ”؛ وذلك أنَّ السماعَ لم يرِد إلا بـ (تلمذه) إذا جعله تلميذًا له؛ فكان القياس أن تكونَ المطاوعة منه على (تفعللَ)، بزيادة التاء، لا (فعللَ)، كما تقول: (دحرجه فتدحرج)؛ لأن القياسَ إنما يكونُ على الأكثرِ؛ وهذا هو الأكثرُ، أمَّا (فعللَه ففَعلل)، فلا أعرفه إلا أن يكون نادرًا.

[4] “أدب الكاتب” 18، تح: الدالي.
[5] “مقاماته” 311، ط/ دار الكتب العلمية.
[6] “الكتاب”، 3/ 402، تح: هارون.
[7] “الكتاب”، 3/ 400.
[8] “الكتاب”، 3/ 401.
[9] “الكتاب”، 3/ 400.
[10] “الكتاب”، 3/ 401.
[11] “الكتاب”، 3/ 198، 199، 256، 319.
[12] “الكتاب”، 3/ 266.

 

نقلا عن موقع الألوكة  www.alukah.net


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى