ثقافة

الفن والسلطة والمجتمع/ إكس ولد إكس اگرگ

سافر الأمير عبد الرحمن ولد اسويد أحمد “الدان” إلى مدينة اندر وكان معه الفنان الكبير أبّفال ولد مُحمّادُ ، وفي دار أهل محمدن ولد أبنو المقداد، وجد الفنان ابّفال صورة للأمير أحمد سالم ولد إبراهيم، فكتب على مقلوب الصورة:
وصف أحمد سالم گال حد :: عنّو شافُ بخلافُ
وصف أحمد سالم ما ايگدْ :: حد إگولْ إنُّ شافُ

تناقلت وسائل التواصل الشفهية الگاف، وتعاطته الألسن حتى انتهى إلى مسامع الأمير عبد الرحمن “الدان” فغضب لأن فنانه مدح أميرا غيره.
حين كرّ موكب الأمير قافلا إلى المنتبذ القصي أمر الدان أن لايقطع ابّفال النهر مع الموكب، وأن يظل بتلك العدوة القصوى إذا عبر الموكب إلى العدوة الدنيا.
وصل ” الدان” إلى لگوارب وبينما هو في مقيله عند أهل اشريف مختار إذ وصلته رسالة ” أبْرَاوَه” أرسلها الفنان ابّفال:
عنّك لحّگلِ ذو اطْلَعْ :: لِلشّيِخْ إلّ ما ينطلعْ
بالنّقصْ ؤشيخ ؤينطلَعْ :: من لعراگيبْ ؤ وَاگِ
وقت الخلعَه ما ينخلع :: ريظْ الشّعّار الواگِ
ؤلاگِ لَلّيِجَ بطْمَعْ :: و امْ اشْمال ؤ لملاگِ
وبْذلِّ گامْ امْنَ انْفَعْ :: بيه امْنَ لْگيْمَ باگِ
كَمْلَ الشّكْرؤجابو امگاد :: بگاه الرّاصُ باگِ
مخلاه إلّ فات عادْ :: هو جيّابْ الباگ
لما قرأ الدان الرسالة أمر من يذهب بسيارة على الفور لجلب ابّفالْ.

وكانت لزعيم أولاد امبارك الأمير خطري ولد أعمر ولد أعلي فرس كريمة من عتاق الخيل تدعى “الْمَزُّوزَه”، رغب أعداؤه أمراء إيدوعيش في امتلاكها، فكلفوا العميل (عُمَرَاَبَّيْلِي) للقيام بعملية استخباراتية نوعية لاختطافها، وأعطوه ما يحتاج من الوقت، وكان ضابط مخابرات بمواصفات خارقة ذا خبرة ومهارة ودهاء، يلبس لكل حال لبوسها وقادرا على تقمص أي شخصية، وحين وصل إلى إمارة أولاد امبارك، وجد أن الدور المناسب هو مدرس القرآن فتقمص دور (اطويلبنا)، فقربه الأمير وجمع له الأطفال لتدريسهم القرآن.
وكان لفرس الأمير “الْمَزُّوزَه” سائس يدعى (بَيْدالِّي) وكان يقظا حساسا فطنا، وطد العميل (عُمَرَاَبَّيْلِي)اطويلبنا معه العلاقات، وحاول في عدة مرات استغفاله فلم يفلح، لقد كان بَيْدالِّي يقظا.
بعد عام من التخطيط، وفي ليلة أضحيان، تسلل (عمرابيلي) إلى مربط الفرس، وفَكَّ رباطها من العمود، واستوى على ظهرها فقفزت به فطرحته أرضا، ونبح الكلب واستيقظ الحراس ليشدوا وثاق “عمرابيلي “(اطويلبنا) حتى الصباح لينظر الأمير في أمره.
بات مشدود الوثاق عند رأس الأمير وقد نام الخليون من حوله وبقي هو سمير عذاباته ينتظر مصيره المجهول، وفي غبش الفجر تبين آلة تيدنيت لاحت له تحت “الخبطة” فتناولها بين يديه المشدودتين بالوثاق، فوجدها طايبه في (لَگّـتْرِي) ارديف (جينَّه) ابياظ الجانبه البيظه، فبدأ العزف ثم بدأ يشدو مرسلا آهاته مع نسائم الفجر: “يانَ هاه يالمشوش، يانَ هاه يالمشوش!”،
انتبه الأمير (خطري) من نومه وطفق يستمع وحين سكت عن عمرابيلي الشجو، التفت إليه الأمير (خطري) متعجبا وقال:
ــ “اطويلبنا” انت عايد إيگيوْ ؟!،
وحين عرف الأمير القصة كاملة، قال لو عزفت لنا شورك هذا يوم قدومك وسألتنا الفرس لأعطيناها لك ومثلها معها، ثم أمر حراسه بفك وثاقه وإعطائه الفرس مع ابنتها
تسلم العميل(عمرابيلي) الفرس عائدا بها إلى إمارة “إيدوعيش”، وفي الطريق فكر أن أميرا هذا عطاؤه لايرحل عنه إلا محروم فأعاد أدراجه راجعا إليه.

وفي يناير 1831 وقعت معركة غابو الأولى، بين بيوتات أولاد امبارك، بين أهل هنون لعبيدي وفاته من جهة، وأهل بهدل وأهل فونتي والعبيدات من جهة أخرى.
أثناء المعركة أصيب الفارس حمادي ول ادليلْ إصابة بالغة في يده، وهو امحمد الملقب حمادي ول سيد أحمد ول ادليل ول المختار ول بوسيف من أولاد منت القصاص، وهُـو زوج بنـت اﻷمير سيد أحمد ول المختار، وكان فارساً شهما شجاعاً سخيا.
فسدت يد حمادي ول ادليل، فرأى الطبيب أن لا دواء لها إلا البتر حفاظاً على سلامته. لكنه امتـنع، فطلبوا من الفنّان الشهير اسويد بُوه أن يُصبّحة بالثناء فإن سأله مسنونا فليقل يدك أيها الأمير.
ما إن بدأ يومه حتى كان اسويد بوه أمامه منشدا:

گـوَاتْ أَرْيَامُو كَامْلاَت :: فِالظِّيگْ إِمْنَيْنْ إِيْفَاتِنْ
صَبْحُو عَنْدُو مِتْرَاجْمَاتْ :: اليَوْمْ التِـيـدَنَاتِـنْ

فِـتْـنِتْ غابُو مَالُو إِمْثِيلْ :: فِيهَ وَإتْعَدَّ كِلْ جِيلْ
سَنْدْ المُسْلِمْ وِلْ إِدْليل :: وسَايْ المُسْلِمْ عَاتِـنْ
شَگَّاگْ البَيِّظْ مِنْ الخَيْلْ :: وَالرِّجْلِي تِيجِكْرَاتن

حَمَّادِي بَعْدْ إِمْنَيْنْ طَالْ :: إخْبِيطْ الوَاگِي مَا إِنْظَالْ
عَنُّو وَلَ عَفْسُو إَگْبَالْ :: لَيْنْ إِلْ گامُو حِفَاتن
زِدْفُو فِالْبَيَّظْ مَا إِنْشَالْ :: وِالرَّجْلِي تِيجِكْرَاتِنْ

گـوَاتْ أَرْيَامُو كَامْلاَت :: فِالظِّيگْ إِمْنَيْنْ إِيْفَاتِنْ
صَبْحُو عَنْدُو مِتْرَاجْمَاتْ :: اليَوْمْ التِـيـدَنَاتِـنْ

بلغ الطرب من حمادي ول ادليل كل مبلغ ، وأصل ما ادفنْ لُ المعرفة كما قال الإمام الأكبر بداه ولد البصيري رحمه الله، عن ابن حجر العسقلاني، عندما وصل للإمام ابن تيمية في كتابه “الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة”.
قال حمادي لإسـويد بُوه : غايتك؟
فقال: أيدك
قال: هي لك.

كامل الود


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى