تقارير

مجلة إفريقية: الساحل في مواجهة تحويل الجهادية إلى إتنية

قالت مجلة “إفريقيا الحقيقية” إنه على الرغم من أن مطلب الجهاديين الأسمى هو الخلافة العالمية، للأمة، والتي تتجاوز الأوطان والأعراق والإتنيات، فإن الجهاديين بالساحل على العكس من ذلك يعملون على تجذير إستراتيجية تقوم على حقائق إتنية، وهو ما اتضح خلال العام 2017، وقد يكون محددا للأحداث السياسية في الساحل خلال عام 2018.

ورأت المجلة في عددها الصادر يناير 2018 أنه في نيجيريا لم يعد طابع القهر السمة الأبرز لجماعة “بوكوحرام” التي تنفذ هجمات دموية في المنطقة”، مردفة أنه “ظهر أن الحركة بعيدة من الاختفاء، لكنها لم تعد قادرة على خلق خلافة في شمال البلاد، حيث تراجعت المشيخيات المسلمة بالشمال، على مستوى قاعدتها الإتنية الأصلية لدى الجماعة، وبالأخص في صفوف سكان منطقة بحيرة اتشاد، بما في ذلك ساكنة بودوما.

التمرد بالكاميرون

وتوقعت المجلة أن يكون العام 2018 في الكاميرون مفعما باللا متوقع، مؤكدة أنه لا يستبعد أن تصاحب الانتخابات الرئاسية هزة كبيرة، وأزمة من العيار الثقيل، خصوصا في الجنوب الغربي، حيث الجزء من البلاد الناطق باللغة الإنجليزية يعيش حالة تمرد.

وكذا في المحافظتين الواقعتين شمال غربي، وجنوب غربي البلاد، وتمثلان 20% من أصل 23 مليون كاميروني، يسود الشعور بالانفصال.

وفي أقصى شمال البلاد نجد تعارضا كبيرا بين “الإسلام الفلاني” و”الإسلام الكيردي”، وهو اسم أطلق على السود الذين أسلموا على أيدي الفلان في القرن 19.

ففي الكاميرون كما في أي منطقة بالساحل تقريبا، فإن الإسلام شكل مصدر صراعات قديمة كان لها طابع عرقي نوعا ما.

ارتفاع كبير في أعداد القتلى بمالي

كما رصدت المجلة الارتفاع الكبير في أعداد قتلى الجيش المالي خلال الفترة ما بين يونيو 2016 ويونيو 2017 حيث وصل العدد إلى 131 جنديا، بزيادة 82 عن عدد قتلى الجيش خلال عامي 2015 – 2016.

وحسب الدراسة التي أعدتها المجلة فإن القوات الأممية لحفظ السلام بمالي فقدت خلال 2016 – 2017 فقدت 53 شخصا في هجمات مختلفة.

النيجر.. مفتاح الاستقرار بالساحل

وأكد المجلة أنه سيكون من المفيد الأخذ في الاعتبار خلال عام 2018، هشاشة بلاد النيجر، لأن الجزء الشمالي من البلاد، حيث يشكل منطقة حدودية، تعرف مواجهة بين ثلاث مجموعات، ففي الجنوب الليبي هناك العرب والطوارق والتوبو، وتعتبر النيجر واتشاد مفتاح الاستقرار في منطقة الساحل، فالنيجر توجد عند ملتقى طرق بين إفريقيا جنوب الصحراء، وأوروبا، ونقطة تقاطع إرهابيي منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، ونيجيريا، وليبيا.

فرار مسؤولين من الجيش اتشادي

ويرجح أن تشهد جمهورية اتشاد خلال عام 2018 أوضاعا صعبة، حيث يبدو نظام ديبي هشا، فخلال الأسابيع الأخيرة من عام 2017، فر العديد من المسؤولين من الجيش، وانضم 4 منهم إلى جماعة “التوبو” في الجنوب الليبي.

ويشكل اعتماد النظام على قبيلة الزغاوة عامل قلق نتيجة الانقسام الحاصل، وفي هذا السياق فإن التقارب المفترض بين النيجر والسودان يوشك أن ينهار، ثم إن أي زعزعة في اتشاد ستعرض باراخان ومجموعة دول الساحل للخطر، وهو أمر غير مستبعد، لكنه قد يتحقق متأخرا، فمصدر دعم النظام اتشادي في المنطقة كان بليز كومباوري رئيس بوركينافاسو، وقد أزيح باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

بؤر “الإرهاب” بمالي

وفي مالي حيث يزداد عدم الاستقرار، عبرت الحركة الجهادية نهر النيجر، وبدأ إعلان رفض الحضور الفرنسي.

وحسب الأمم المتحدة فقد قتل 131 جنديا ماليا خلال يونيو 2016-ويونيو 2017، مقابل 49 خلال الفترة ما بين يونيو 2015، ويونيو 2016، أما بالنسبة لقوات حفظ السلام في المنطقة، فقد فقدت 53 شخصا في هجمات مختلفة خلال نفس الفترة.

وهكذا فإنه بعد مضي عامين على ما يطلق عليه إعلاميا “اتفاق السلم والمصالحة بمالي” الموقع خلال يونيو ويوليو 2015، فإن المسار ولد ميتا، ويعتقد العديد من الماليين أن اتفاق الجزائر، يصادف هوى في نفوس الشماليين، لأنه وفق هؤلاء يكرس الانقسام.

وتوجد في مالي بؤرتان إرهابيتان، إحداهما في الشمال، والأخرى في الوسط، ويبدو الوضع في الشمال أكثر صعوبة، حيث إبرام التحالفات وحلها بين القوميين الطوارق، والمهربين، والجهاديين.

وفي الجنوب بماناكا القديمة، فإن “الجهادية” تتطور بسهولة، في المنطقة التي يكثر فيها المزارعون من الدونغو، والسونغاي، والبمباره، إضافة إلى المنمين الفلان، وهي المكونة التي شكلت جبهة تحرير ماسينا، التي يعتبر الفقراء أكثر مجنديها، وتعدهم بالتحرر من خلال ثورة دينية واجتماعية ضد الإقطاعيين، ويوجد لهذه الحركة حضور بشمال بوركينافاسو.

ولا يبدو الحل المعجزة موجود، لذلك فإنه في مالي، كما في الساحل بشكل عام، فإن الصراعات تتكرر، وتتم التعبئة على أساس أن الصراع عائد لأسباب ديمغرافية، وهو ما يتسبب في استنفاد الموارد.

توقعات 2018

ويتوقع المراقبون والساسة أن يشهد الساحل الإفريقي خلال العام 2018 تحديات غير قابلة للعبور، خصوصا فيما يتعلق بالتنمية، للأسباب التالية:

1. لقد حاولت الدول دون جدوى منذ الاستقلال تجاوز تحدياتها، كما صرفت مبالغ معتبرة عبثا، وقد جاءت المنظمات غير الحكومية حاملة معها مئات المشاريع، دون جدوى كذلك.

2. على اعتبار أن التنمية ذات فاعلية، فإنها قد تفقد فاعليتها بسبب النمو الديمغرافي لأنه أسرع منها، وبدلا من تعزيز التنمية، فإن بلدان الساحل تغرق في اللا تنمية.

3. لقد أدت القطيعة مع الحزب الواحد، وإرساء الديمقراطية إلى خلق معارضة عرقية، شكلت منافسا وشريكا، لكن منافسا ٱخر هو “تهريب الوقود، والأسلحة، والمخدرات” شكل مصدر حيوية في هذه المنطقة الضخمة.

نقلا عن مجلة “إفريقيا الحقيقية”.

ترجمة الأخبار. وعنها نقلنا


مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى